الأسير سلمة بدران.. بين ركام المنزل وجدران السجن، عائلة قدّمت الشهداء والبيوت في طريق الحرية
تقرير/ إعلام الأسرى

تتم اعتقالات الاحتلال عادةً تحت جناح الليل، تتخللها عمليات تدميرٍ للبيوت وإرهابٍ لسكانها، غير أن قصة الأسير سلمة بشير بدران (43 عامًا) من بلدة دير الغصون شمال طولكرم، كانت مختلفة تمامًا؛ إذ حاصر الاحتلال منزله المكوّن من طابقين وخمس شقق سكنية، وهدّد سكانه بهدمه على رؤوسهم إن لم يغادروه فورًا.

وبعد مغادرة أفراد العائلة، بقي عددٌ من المقاومين داخل المنزل، فاندلع اشتباكٌ مسلّح انتهى بقيام قوات الاحتلال بهدم المنزل بالجرافات فوق رؤوس المقاومين، ما أدى إلى استشهاد أربعةٍ منهم واعتقال بدران من تحت الأنقاض.

في 4 أيار/مايو 2024، انتشل الاحتلال جثامين الشهداء: علاء شريتح، تامر فقهاء، آسال بدران، وعدنان سمارة، واحتجز جثماني الشهيدين آسال بدران وعدنان سمارة، بينما سلّم جثماني شريتح وفقهاء لعائلتيهما.

ومن تحت الركام، اعتُقل بدران جريحًا ومنهكًا، لتبدأ رحلته الجديدة في الأسر، دون صدور حكم نهائي بحقه حتى اليوم، وسط تأجيلٍ متكررٍ لجلسات محاكمته.

منذ ذلك التاريخ، تعيش عائلته حالة قلقٍ دائم على وضعه الصحي والاعتقالي، خصوصًا بعد أن تم التنكيل به لحظة اعتقاله.

ولا يُعد هذا الاعتقال الأول، فقد سبق أن اعتُقل ثلاث مرات لدى الاحتلال، وأمضى نحو عشر سنواتٍ في الأسر، قبل أن يُعاد اعتقاله في المرة الرابعة بعد عملية الهدم.

زوجته، التي تتابع قضيته عن قرب، أكدت لمكتب إعلام الأسرى أن زوجها محتجز في سجن جلبوع، حيث تتدهور أوضاع الأسرى يومًا بعد يوم، وتقول: "المحامي يزوره على فتراتٍ متباعدة بسبب قطع راتبه، الذي كنا نعتمد عليه لتغطية تكاليف الزيارات. علمنا من أسرى محررين أن وضع سجن جلبوع سيئ جدًا، خصوصًا بعد الصفقة الأخيرة، حيث ارتفع مستوى القمع، وتراجعت جودة الطعام وكميته، وقد فقد زوجي نحو 30 كغم من وزنه".

وتضيف زوجته أن بدران أُصيب عدة مرات بمرض الجرب (السكابيوس) نتيجة انعدام النظافة والرطوبة العالية، وعدم توفر العلاج، مشيرةً إلى أن حالته تزداد سوءًا بسبب معاناته من حساسية جلدية مزمنة.

العائلة، التي فقدت منزلها المكوّن من خمس شققٍ سكنية في عملية الهدم، ما زالت تحاول ترميم حياتها من جديد بمساعدة أهل الخير الذين ساهموا في إعادة بناء منزلٍ بديل.

وتعيش الزوجة اليوم دور الأب والأم معًا لأبنائها الأربعة، في ظل غياب الزوج الأسير وحرمان العائلة من مصدر رزقها بعد قطع راتبه الأسري.

ولم تتوقف تضحيات عائلة بدران عند اعتقال سلمة، إذ استشهد ابنهم آسال في عملية الهدم ذاتها، وكان قد سبقه إلى الشهادة شقيقاه فواز بدران الذي اغتاله الاحتلال بتفجير مركبة قرب منزله عام 2003، وسيف الله بدران الذي استشهد في عملية فدائية في العام نفسه.

ولا يزال الاحتلال يحتجز جثماني الشهيدين آسال وسيف الله بدران حتى اليوم.

تعيش العائلة اليوم تخوفات كبيرة على مصير سلمة في سجن جلبوع، وتعجز عن توكيل محامٍ جديد بسبب الوضع المالي الصعب، مكتفية بأخبارٍ متقطعة تصلها من الأسرى المحررين الذين شاركوه الزنزانة.

وتختم زوجته بقولٍ تختصر به وجع السنوات: "لا نطمئن أبدًا. ننتظر فقط اليوم الذي نراه فيه حرًّا بيننا، إلى جانب أبنائه الأربعة، بعد أن دفعنا من دمنا وبيوتنا وأعمارنا ثمن هذه الطريق الطويلة نحو الحرية".

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020