الأسير المؤبد محمد باجس الرجبي.. تنكيل متعمد وعزلة تطارد الإرادة
تقرير/ إعلام الأسرى

لا تزال عائلات الأسرى تعيش حالة من الترقب القاسي وسط ضبابية الأوضاع داخل سجون الاحتلال، في ظل استمرار منع زيارات الأهالي وفرض حالة الطوارئ. وبينما يسعى ذوو الأسرى لحشد الرأي العام للضغط من أجل إعادة الزيارات، تبقى أيامهم مثقلة بالقلق والخوف، لا يعرف وطأتها إلا من يعيشها.

فلا أحد يدرك ما يعنيه أن تتعقب عائلات الأسرى المحررين فور تحررهم لتسألهم عن أخبار أبنائها قبل أن يصلوا بيوتهم، سوى من اعتاد أن يعيش على فتات أخبارٍ تأتي من خلف الجدران العالية.

الأسير محمد باجس حسن الرجبي (48 عامًا)، من مدينة الخليل، محكوم بالسجن المؤبد و12 عامًا إضافية، ومعتقل منذ عام 2002. تصل أخباره إلى عائلته عبر أسرى محررين، وتشير جميعها إلى تدهور أوضاعه الصحية والمعيشية، وإلى أن إدارة سجن جلبوع تتعمد التنكيل به واستهدافه بشكل خاص.

يؤكد مكتب إعلام الأسرى أن محمد الرجبي واحد من عشرات الأسرى المحكومين بالمؤبد الذين يتعرضون اليوم لسياسات عقابية قاسية في سجون الاحتلال، في إطار تنكيلٍ ممنهجٍ يطال قيادات الحركة الأسيرة، ويهدف إلى كسر إرادتهم وإخماد صوتهم داخل المعتقلات.

تقول عائلة الأسير في حديثها للمكتب: "علمنا من أسرى محررين أنه أصيب بمرض جلدي (سكابيوس)، وأن إدارة سجن جلبوع تتعمد سحبه من الغرف وضربه ضربًا مبرحًا دون مبرر، كما يتم عزله لفترات متفرقة بشكل متكرر ومقصود".

وأضافت العائلة أن إدارة السجن تنقله بشكل دوري بين الأقسام والغرف كل أسبوع أو عشرة أيام بذريعة تأثيره على مجتمع الحركة الأسيرة  وقد أدى ذلك إلى إنهاكه وفقدانه نحو 40 كيلوغرامًا من وزنه حتى فبراير الماضي.

وخلال العامين الأخيرين لم يُسمح للعائلة سوى بزيارتين فقط عبر المحامي، وتنتظر العائلة حاليًا موعد الزيارة المقبلة للاطمئنان على وضعه الصحي والنفسي.

ينحدر الأسير محمد باجس من عائلة نضالية قدمت للوطن تضحيات كبيرة؛ فشقيقه المحرر علي الرجبي كان محكومًا بـ18 مؤبدًا ونال حريته في صفقة طوفان الأحرار، بينما لا يزال محمد يقبع خلف القضبان منذ اعتقاله في 27/6/2002 بعد مطاردة دامت 12 شهرًا واعتقاله عقب محاصرة بناية سكنية كان يتحصن بداخلها.

تعرض بعد اعتقاله لتحقيقٍ قاسٍ استمر قرابة شهرين ونصف، تخلله تعذيب جسدي وشبح وضرب مبرح، قبل أن يصدر بحقه حكمٌ نهائي فاق توقعات العائلة التي خضعت بدورها للتحقيقات الميدانية والاقتحامات المتكررة.

رغم سنوات القيد الطويلة، لم يستسلم محمد الرجبي لظروف الأسر، فواصل طريق العلم داخل السجن. " أكمل دراسة الثانوية العامة، ثم حصل على بكالوريوس في العلوم السياسية، وماجستير في الدراسات الدولية، وبكالوريوس في الصحافة والإعلام، ثم دكتوراه في إدارة المؤسسات، كما حفظ القرآن الكريم كاملًا بالسند المتصل" تقول عائلته.

اليوم، تنتظر العائلة أن يُفتح باب الزنزانة لمحمد بعد أكثر من عقدين من الغياب. لم يُتح له أن يشارك عائلته أفراحها أو أتراحها؛ فقد توفي والده قبل ثلاث سنوات دون أن يودّعه، وتزوج إخوته جميعًا في غيابه، بينما والدته مريضة منذ تسع سنوات إثر جلطة دماغية أفقدتها الحركة والنطق، وتعيش على أملٍ واحد: أن ترى نجلها حرًّا قبل أن يخذلها الجسد.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020