أكد مركز فلسطين لدراسات الاسرى أن سلطات الاحتلال صعَّدت بشكل خطير جداً من حملات الاعتقال غير المسبوقة خلال شهر أكتوبر الماضي حيث رصد أكثر من (1850) حالة اعتقال بينهم، (51) امرأة (120) طفلاً، والغالبية العظمى منهم اعتقلوا بعد 7 أكتوبر.
ونبه مركز فلسطين إلى أن هذا العدد الكبير من المعتقلين لا يشمل آلاف العمال الغزيين الذين اعتقلهم الاحتلال بعد السابع من أكتوبر، ويحتجزهم في معسكرات خاصة، ولا يشمل أعداد العمال الذين اعتقلهم الاحتلال من الضّفة، وهي فقط لحالات الاعتقال من الضفة والقدس خلال اقتحام المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، بعد احتجاز أفراد من عائلاتهم كرهائن، وبرزت هذه السياسة بشكل غير مسبوق، حيث جرى اعتقال زوجات، وأمهات، وآباء، وأبناء منهم أطفال.
وأشار مركز فلسطين إلى أن سلطات الاحتلال وبالتزامن مع العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر نفذت حملات اعتقال واسعة في الضفة الغربية، حيث داهمت يوميًا كافة المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية واقتحمت المنازل بشكل همجي وأجرت عمليات تخريب وتدمير داخلها، وهددت وروعت الآمنين، مستخدمة كافة الأسلحة والكلاب البوليسية، ونكلت بالمعتقلين وعائلاتهم، واعتدت عليهم بالضرّب المبرّح، وهددتهم بإطلاق النار عليهم، قبل أن تعتقل المئات من المواطنين غالبيتهم من الأسرى المحررين والناشطين وكوادر العمل الوطني والإسلامي.
وأضاف مركز فلسطين إن الاحتلال استهدف مدينة الخليل بالنسبة الأعلى في الاعتقالات حيث وصلت إلى أكثر من (500) مواطن، تليها محافظة القدس والتي شهدت أكثر من 200 حالة اعتقال، كما أعادت قوات الاحتلال اعتقال (14) نائبا في المجلس التشريعي الفلسطيني على رأسهم رئيس المجلس د.عزيز دويك بعد مداهمة منزله في الخليل، إضافة إلى اعتقال نائب رئيس الوزراء الأسبق ناصر الدين الشاعر.
اعتقال النساء والأطفال
مدير المركز الباحث رياض الأشقر كشف أن الاحتلال كثَّف من عمليات الاعتقال بحق النساء الفلسطينيات خلال شهر أكتوبر، وخاصة في مدينة القدس وأراضي 48، بتهمة التحريض على وسائل التواصل الاجتماعي بعد كتابة منشورات تدعو إلى نصرة أهل غزة، ومقاومة الاحتلال، وتكشف جرائم الاحتلال ضد الأطفال والنساء.
وقال الأشقر إن الاحتلال اعتقل (٥١) امرأة وسيدة فلسطينية بينهم الحاجة عائشة أبو أسعد (65 عاماً) زوجة النائب في المجلس التشريعي محمد أبو جحيشة من الخليل، والسيدة أم وليد قراعين (82عاماً) من بلدة سلوان بالقدس، والمحررة سهير البرغوثي زوجة الشهيد عمر البرغوثي من كوبر شمال رام الله، والكاتبة لمى خاطر من الخليل، والطالبتين في جامعة الخليل مريم سلهب، ورقية عمرو، والفتاة أليسار أبو حسنة من القدس، والمرابطتين خديجة خويص، وعائدة الصيداوى، كما اعتقلت السيدة غادة ولد علي زوجة المحرر المطارد بلال ذياب من كفر راعي للضغط على زوجها لتسليم نفسه، واعتقلت المقدستين صفاء الرشق ومريم فرج.
بينما اعتقلت ما يزيد عن (120) طفل ما دون الثامنة عشر من العمر، كان أصغرهم، 9 أطفال من تل الرميدة بمدينة الخليل من عائلات التميمي، ومتعب، وشاهين، تتراوح أعمارهم بين 8 أعوام و13 عاما، أثناء عودتهم من مدارسهم إلى منازلهم، كما اعتقلت الفتى نسيم محمد نصار (16 عاما) بعد إطلاق النار عليه وأصابته في قدمه على مدخل مخيم الفوار جنوب الخليل.
القرارات الادارية
وكشف الأشقر إن سلطات الاحتلال ونتيجة حملات الاعتقال المكثفة التي نفذتها خلال الشهر الماضي، حوّلت ما يزيد عن ثلثي المعتقلين بعد 7 أكتوبر إلى الاعتقال الإداري، وأصدرت محاكم الاحتلال ما يزيد عن (700) قرار إدارى، بين أوامر جديدة، وتجديد لمعتقلين سابقين، وغالبيتها أوامر جديدة للمعتقلين حديثاً ومعظمهم أسري سابقين.
وبين الأشقر أن الاحتلال أصدر أمر عسكري بعد عملية طوفان الأقصى؛ أدخل بموجبه تعديلات على أوامر الاعتقال الإداري بحيث رفع مدة التوقيف، لاستصدار أمر اعتقال إداري، من 72 ساعة، إلى 6 أيام، كذلك تعديل عرض المعتقل على جلسة التّثبيت الأولى؛ حيث كانت سابقًا 8 أيام، وأصبحت حاليًا 12 يومًا، وذلك بهدف تسهيل إصدار المزيد من أوامر الاعتقال الإداري.
ارتقاء شهيدين
وأكد الأشقر إنه خلال الشهر الماضي ارتفعت قائمة شهداء الحركة الاسيرة إلى (239) شهيداً، بعد رفع وتيرة التنكيل بالأسرى وإخضاعهم للتحقيق القاسي، بارتقاء شهيدين في سجون الاحتلال وهما الأسير "عرفات ياسر حمدان" (25 عامًا) من بلدة بيت سيرا قضاء رام الله، في سجن (عوفر)، بعد يومين من اعتقاله نتيجة الظروف القاسية والتعذيب الشديد، وهو متزوج وله طفلة تبلغ من العمر ستة أشهر، وزوجته حامل بالشهور الأولى.
بينما استشهد الأسير الشيخ عمر حمزة دراغمة (58 عاما) من مدينة طوباس فى سجن (مجدو) بعد أسبوعين على اعتقاله إدارياً نتيجة التعذيب والإهمال الطبي الذي تعرض له خلال اعتقاله.
أوضاع قاسية
وأشار الأشقر إلى أن الأسرى يتعرضون منذ السابع من أكتوبر إلى هجمة شرسة وانتهاكات واعتداءات بالجملة، وعمليات اقتحام مستمرة لا تكاد تتوقف للأقسام والزنازين، بالسلاح، رافق ذلك عمليات تنكيل ممنهجة، واعتداءات بالضرب المبرح، مستخدمة الكلاب البوليسية، وقنابل الصوت، والغاز، والهراوات.
وتقليص لكميات الطعام والماء، بعد كافة المواد الغذائية من أقسام الأسرى وتقديم طعام غير صالح للأكل وإجراءات انتقامية وعقابية تمثلت فى وقف الزيارات بشكل كامل، وقطع الكهرباء عن غرف الأسرى، وقطع الماء لفترات طويلة عنهم، وإغلاق (الكانتينا)، وحرمانهم من العلاج والنقل إلى العيادات للأسرى الذين يعانون من أمراض مزمنة إضافة إلى نقل العشرات من الأسرى إلى الزنازين الانفرادية، بينهم الأسيرة مرح باكير ممثلة الأسيرات في الدامون.
وقلصت المساحة المتاحة للأسير داخل الغرف، وعزلت أقسام الأسرى عن بعضها البعض بشكل كلي، وسحبت محطات التلفاز المتاحة للأسرى، وكافة الكهربائيات، كما وأتلفت جميع مقتنيات الأسرى، وصادرت ملابسهم، وأبقت على غيار واحد لكل أسير، كما وصادرت الراديوهات، لعزلهم عن العالم الخارجي، كما وصادرت الأغطية، والأحذية منهم، والكتب.
ونفّذت عمليات نقل جماعية داخل السّجون، بما فيها نقل أسرى من قسم إلى آخر، أو سجن لآخر، رافق ذلك اعتداءات بالضرب على الأسرى، وضاعفت من أجهزة التشويش، وأغلقت المغسلة العامة، وغيرها من الإجراءات القاسية.
ولم تسلم الأسيرات من تلك العقوبات حيث أقدمت إدارة سجن الدامون على اقتحام غرف الأسيرات، وضربهنّ ورشهنّ بالغاز، وقطع الكهرباء، وعزل ممثلة الأسيرات مرح بكير (بسجن الجلمة)، كما أغلقوا (الكانتين)، وقلصوا ساعات الاستحمام، ومنعوا زيارات الاهل، والاتصال لقطع الأسيرات عن العالم الخارجي، كما أوقفوا زيارة المحامين، وسحبوا كافة الأجهزة الكهربائية بما فيها الراديو والتلفاز ويقومون بتقييد الأسيرات بسلاسل حديدية عند نقلهنّ.
وبين مركز فلسطين أن أعداد الاسرى ارتفعت بشكل كبير جداً في الآونة الأخيرة نتيجة حملات الاعتقال المسعورة حيث وصلت إلى أكثر من (6800) أسير بينهم (55) أسيرة، وحوالي 180 طفلاً، وأكثر من (1700) أسير إداري.