من غزة خرجنا إلى الحرية – رسائل الأسرى المبعدين في صفقة طوفان الأحرار٣
تقرير/ إعلام الأسرى

لم تكن كلمات الأسرى العائدين إلى النور عادية، بل كانت تنبض امتنانًا يشبه الدعاء، وتفيض حبًّا لغزة التي حطّمت قيودهم ، فمن خلف العيون المتعبة خرجت العبارات مثل تنهيدة من قلب عاش نصف عمره بين الجدران، تشهد على رحلة وجعٍ طويلة انتهت بلمسة حريةٍ من غزة.

تصدّر المشهد في لحظة التحرر الأسير القائد المقدسي محمود عيسى (57 عامًا) من بلدة عناتا، عميد الأسرى المعزولين، الذي قضى أكثر من عقدين في ظلمات الزنازين، وقف بخطاه الثقيلة من سنين العزل وقال بصوت يشبه القسم:

“لله درّك يا غزة، تبنين بدمك وركامك صرح عزّة لأمة بأكملها، لغزة في أعناقنا دين، وفي قلوبنا وطن.”

ولم يبتعد عنه في المعنى الأسير المقدسي أيمن سدر، الذي رفع صوته بتحيةٍ امتزج فيها الامتنان بالعهد قائلاً إن غزة كانت ولا تزال منارة الحرية، ومن دمها ودموعها وركامها وُلد فجر الأسرى من جديد، مؤكدًا أن ما فعله أهلها والمقاومة سيبقى دينًا في أعناق كل من ذاق مرارة السجن وتنعّم بنسيم الحرية بفضلها

أما الأسير رائد أبو الظاهر، فاختلط صوته بالبكاء والعزة وهو يقول:

“أنا حرّ بفضل غزة، نساؤها وشيوخها وأطفالها ومقاومتها التي عبرت الزمان والمكان. نقبّل أقدامكم، فقد أعدتم لنا الحياة بعد أن كنا في مقابر الأموات.”

وقال الأسير أيهم كممجي رافعًا رأسه عاليًا:

“خرجنا رغمًا عن أنف السجان، كما خرجت غزة من تحت الركام مرفوعة الرأس. من صنع حريتنا سيصنع حرية البقية، وسيُذل هذا العدو مرة أخرى كما أُذل اليوم.”

أما الأسير باسم خندقجي فاكتفى بتحية تختصر العالم كله:

“السلام على غزة يوم تقاتل، ويوم تبعثنا أحياء من باطن السجون.”

ومن بعيد، بصوت متهدج اختلط فيه الشوق بالعرفان، قال الأسير عبد الجواد شماسنة:

“غزة العظيمة التي ضحّت لتعيدنا، أنتم أصحاب الفضل والجميل، والحق في النهاية لا بد أن ينتصر.”

أما الأسير محمد داود، فكانت كلماته بسيطة وصادقة كدمعة على الخد:

“التحية لغزة وأهلها و الرحمة لشهداء غزة، والشفاء لجرحاها، والنصر للمقاومة التي أخرجتنا من العتمة إلى النور.”

كانت كلماتهم جميعًا تتجه إلى وجهة واحدة، نحو غزة التي أعادت إليهم أسماءهم بعد أن كانوا أرقامًا في دفاتر السجان، لم يتحدثوا عن تعب السنين ولا عن العذاب، بل عن الامتنان لمدينةٍ نزفت كي تفتح لهم باب السماء.

غزة، التي لا تنام إلا على وعد، لم تكتفِ أن تكون عنوانًا للمقاومة، بل أصبحت بيتًا جديدًا للأسرى، واسمًا يكتبونه على صدورهم كلما تنفسوا الحرية.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020