صفقة طوفان الأحرار: 3985 أسيرًا يُبعثون من الظلمة إلى الحرية
تقرير/ إعلام الأسرى

غادرت الصفقة سُحبَ الحرب، تنسحب خلف أرقامٍ حوّلت الأسر إلى أرقامٍ حيّة، تحمل في ثناياها زفراتٍ انتزعت من جوف الظلام. لم تكن الصفقة مجرد تبادلٍ حسابي، إنما اختراقٌ لمعادلة الزمن البائس؛ حيث حوّلت المقاومةُ سجونَ الاحتلال إلى ساحات تفاوض، والأسماءَ على قوائم الأسرى إلى عملةٍ لا تُقهر. كلُّ أسيرٍ عاد حمل في قبضته غبار الزنزانة كقلادة انتصار، وترك خلف القضبان جرحًا مفتوحًا في سردية الأسرى.

لم تكن صفقة تبادل عادية، بل ملحمة بطولية غيرت وجه التاريخ الفلسطيني. منذ 23 نوفمبر 2023 وحتى 13 أكتوبر 2025، تحرر 3985 أسيرًا فلسطينيًا في ثلاث مراحل، حامِلين معهم رواية الصمود، وأحلام الحرية التي لا تنكسر، وأجسادًا أنهكها القيد سنوات طويلة.

المرحلة الأولى – 23/11/2023: بداية الطريق

انطلقت المرحلة الأولى بتحرير 240 أسيرًا، منهم 71 امرأة و169 طفلًا، في خطوة رمزية أكدت أن الأسرى هم قلب القضية الفلسطينية، وقلوبهم النابضة لا تعرف الاستسلام. كانت البداية مجرد إشارة، لكنها حملت رسالة قوية: الحرية قادمة مهما طال الظلام.

المرحلة الثانية – 19/1/2025: كسر قيود المؤبدات

جاءت المرحلة الثانية لتعيد رسم معادلة القوة، حيث تحرر 1778 أسيرًا شملت فئات متنوعة: 294 مؤبدًا وأحكامًا عالية، 71 امرأة، 95 طفلًا، و1024 من قطاع غزة.

شهدت هذه المرحلة توزيع الإفراج على سبع دفعات متتالية:

  • الدفعة الأولى (19 يناير): 90 أسيرة وطفلًا من الضفة والقدس.
  • الدفعة الثانية (25 يناير): أسير أردني واحد و199 أسيرًا فلسطينيًا، بينهم 121 مؤبدًا، و70 نقلوا خارج فلسطين.
  • الدفعة الثالثة (30 يناير): 110 أسرى، منهم 32 مؤبدًا و30 من الأطفال والنساء.
  • الدفعة الرابعة (مطلع فبراير): 18 مؤبدًا، 54 أحكامًا عالية، و111 من غزة اعتُقلوا بعد 7 أكتوبر.
  • الدفعة الخامسة (8 فبراير): 183 أسيرًا من الضفة والقدس وغزة، بينهم 111 اعتقلوا بعد 7 أكتوبر.
  • الدفعة السادسة (15 فبراير): 369 أسيرًا، بينهم 333 من غزة و36 مؤبدًا.
  • الدفعة السابعة (27 فبراير): 642 أسيرًا، بينهم 151 مؤبدًا أو أحكامًا عالية، و445 من غزة، و46 طفلًا.

في المقابل، أطلقت الفصائل الفلسطينية سراح 33 أسيرًا إسرائيليًا، بينهم 25 على قيد الحياة و8 جثامين، ما عكس توازنًا دقيقًا في المفاوضات، وحوّل قوائم الأسرى إلى رافعة قوة فلسطينية جديدة.

المرحلة الثالثة – 13/10/2025: خاتمة الانتصار

اليوم، وفي مشهد تاريخي، تحرر 1968 أسيرًا، بينهم 250 مؤبدًا وأحكامًا عالية، 2 نساء، 15 أطفال، و1700 من غزة. كانت لحظة الخلود للحرية بعد سنوات من القيد والمعاناة، تثبت أن الدم الفلسطيني والتضحيات المستمرة قادرة على فتح أبواب الحرية، مهما طال الانتظار.

بدوره، يؤكد مكتب إعلام الأسرى أن تحرر الأسرى هو ثمرة نضال طويل وعطاء متواصل، يمثل لحظة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية. ويبارك للمحررين وعائلاتهم، موجّهًا تحية فخر واعتزاز لأهل غزة بصبرهم وصمودهم، الذين كتبوا هذه اللحظة العظيمة بدمائهم وفتحوا أبواب الحرية لرفاق القيد.

ويشير المكتب إلى أن الصفقة تمثل محطة مفصلية في مسار تحرير الأسرى، وتشكّل دافعًا لاستمرار النضال حتى كسر القيد عن آخر أسير فلسطيني، مؤكدة أن الأسرى -أي الصفقة- ليسوا أرقامًا بل طليعة نضال تعيد رسم خارطة المواجهة، وحوّلت المعاناة إلى سلاح والسنوات الضائعة إلى ذاكرة تفرض شروطها على طاولات التفاوض القادمة.

ويبقى مشهد التحرير هذا لوحةً حيةً من نورٍ وألم، حيث كل أسيرٍ يطلُّ من حريةٍ مستعادة كنجمةٍ تضيء ليل القيد الطويل. الصفقة ليست نهاية الطريق، بل وعدٌ بأن الجولات القادمة قد تحمل المزيد من الأسرى نحو الحرية، فتتراقص أحلامهم فوق ركام السجون، وتتحول دموع الصبر إلى نهرٍ من النور، يرسم على وجه الوطن خريطة الانتصار القادم.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020