نفحة والدامون: سجنان يختطفان الشقيقين شيرين وعز الدين حمامرة من حقهما في الحياة
تقرير/ إعلام الأسرى

 في عالمٍ موازي يتشارك الأشقاء ملابسهم وأفراحهم ورحلاتهم والكثير من أغراضهم الشخصية، إلا في البلاد التي تغلق فيها سجون الاحتلال أبوابها على أكثر من ١٠ آلاف أسير، فالمشاركة هنا تقتضي توزيع الألم والانتظار، وتشتمل على أعياد فارغة من معناها ومقاعد على سفرة الطعام خالية منذ سنوات، ومتعلقات شخصية أكلها غبار الانتظار، والكثير الكثير من الأفراح للمؤجلة.  

في قرية حوسان في بيت لحم، هناك بيت يحتوي على صور عديدة من أطياف هذا الانتظار، ويحتضن أماً مكلومة وعائلة تراقب بلهفة اليوم الذي تفتح فيه باب المنزل وتستقبل ابنيها عائدين نحو الحرية، وهناك شقيقات يحلمن بأن يكتمل عددهن على مائدة طعام واحدة.  

مكتب إعلام الأسرى تحدث إلى ابنة هذا المنزل، رماح حمامرة، لتصف معاناة العائلة التي تفتقد أسيرين من أفرادها داخل سجون الاحتلال، وتروي قصتيهما وتفاصيل أحلامهما التي خطفتها سجون الاحتلال.  

الأسيرة شيرين خالد حسن حمامرة(٤٥عاماً) سكان حوسان، في مدينة بيت لحم، اعتقلها الاحتلال من منزلها بتاريخ ٧/٦/٢٠٢٥، بطريقة وحشية، وصادر مبلغاً مالياً من المنزل خلال الاعتقال وغيب سجن الدامون آثارها عن منزلها حتى اليوم.  

تقول شقيقتها رماح حمامرة في حديث خاص لمكتب إعلام الأسرى، " شيرين هي لبؤة البيت، عامود المنزل المتين، تركت فراغاً كبيراً لدينا منذ اعتقلت، وإن بحثت بين كل الكلمات فلن أجد كلمة واحدة تفيها حقها في التعبير، هي أختي التي ستبقى شهادتي بها مجروحة دائماً".  

شيرين إنسانة تحمل كماً هائلاً من الأحلام والطموح، درست تخصص الكيمياء في جامعة القدس، وسعت جاهدة لأن تكون الحصن المتين لمنزلها، يفتقد المنزل حبها للزراعة والتراب ويتعجب كيف لها أن تكون أسيرة وهي التي لا تقوى أن تظل في غرفتها لبعض الوقت تقول شقيقتها" شيرين تحب الحرية، من المستحيل أن تبقى في غرفة واحدة لنصف ساعة، تكره الجدران كثيراً، لا تحتمل الزيارات الطويلة وأن تغيب عن منزلها كل هذا الوقت، تكره أن يجبرها أحد أن تبقى في مكان واحد".  اليوم شيرين التي تعشق الحرية تضطر لأن تبقى حبيسة سجن الدامون، رفقة ٥٠ أسيرة بقصصهن وآلامهن، الإنسانة التي لا تطيق الجدران، تعيش الآن فيها بكل ما تحمله من انتهاكات وفقدان لأقل الحقوق الشخصية، فقد أكد محامي الأسيرات حسن عبادي لمكتب إعلام الأسرى أن الأسيرات لا يملكن أدنى متطلبات الحياة من ملابس وأدوات صحية وعناية شخصية وطعام وعلاج وأسرة للنوم، علاوةً على انتهاك حقوقهن الشخصية والاقتحامات المتكررة والشتم وتكبيل الأيدي لفترات طويلة.  

الآن شيرين التي تكره البقاء في غرفة مغلقة مضطرة لأن تعيش كل هذه الآلام وتنتظر اليوم الذي يفتح فيه باب زنزانتها مطلاً على الحرية، وشيرين هي مقعد واحد فارغ في منزلها وبجواره آخر ليس أقل ألماَ في قصته منها، فالعائلة تفقد شقاً آخر من قوتها في سجون الاحتلال أيضاً.  

الأسير عز الدين حمامرة(٤٧عاماً) معتقل منذ العام ٢٠٠٤، ومحكوم بالسجن المؤبد ٩ مرات، ومضى ٢٢ عاماً منذ أن فقدته عائلته أسيراً، تقول شقيقته" عز الدين لم يغادر عقولنا منذ الاعتقال نتذكره في كل حين، حين اعتقاله تعرض منزلنا للهدم، واستمرت العائلة بالعيش مدة ٩ سنوات في منزل إيجار".  

حرمت عائلة الأسير حمامرة من حقها في أن تعيد بناء منزلها بعد هدمه، حرمت من أقل حقوقها فقط لأن ابنها اختار طريق محبة الوطن، وفوق كل هذا لم تستطع العائلة أن تزور نجلها منذ وقت طويل.  

تؤكد شقيقة الأسير حمامرة على أن شقيقها كان محروماً من حقه في الزيارة في سجن نفحة حتى قبل الحرب، فقد كان متواجداً في العزل ومع ما حدث لاحقاً لا تعرف عنه العائلة شيئاً فلا زيارات أهل ولا حتى زيارات محامي، تصف رماح حمامرة شقيقها بالأسد وتنقل معاناة العائلة وانتظارها بشوق لحريته وتذكرها الدائم له في كل مناسبة وكل حادثة، تقول" درس أخي الحقوق وأكمل دراسة الماجستير في جامعة القدس وأكمل دراسته ودرس البكالوريوس في جامعة الزيتونة، ولم يحرمه اعتقاله من هذا الحق".  

توفي والد الأسير حمامرة خلال فترة اعتقاله عام ٢٠١٩، ولم تتح له فرصة وداعه، وأدرج اسمه في صفقة الطوفان ولكنه اختار الأسر على الإبعاد ورفض الحرية المشروطة بحرمانه من عائلته، اليوم كل من ينال الحرية من سجن نفحة ويلتقي بالأسير حمامرة لا ينسى أن يتصل بعائلته ويخربهم بأن لديهم هناك ابناً كالأسد في شجاعته وقوته.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020