الأسير البرغوثي في مواجهة الموت: تعذيبٌ ممنهج وكسور بلا علاج
تقرير/ إعلام الأسرى

في سجن جلبوع، السجن الأكثر دموية بحق أسرى المؤبدات، يعيش الأسير عبد الله غالب البرغوثي (53 عامًا) واحدة من أقسى حالات التعذيب التي تهدف لقتله قتلاً بطيئًا، في مشهد يصف عمق الجحيم الذي وصلت إليه سجون الاحتلال. فإدارة السجن تنفذ بحقه ضربًا ممنهجًا ومتكررًا، ويقتحم السجانون غرفته صباحًا ومساءً برفقة الكلاب، يخبرونه بأنهم "اشتاقوا لضربه من جديد"، حتى غدا جسده مثقلًا بالكسور والجروح، يضاف إليها سياسة التجويع وانتشار الأمراض الجلدية، في إطار منظومة عقاب تهدف إلى إعدامه بصورة بطيئة وعلنية.

يعرض مكتب إعلام الأسرى جانبًا مما يتعرض له الأسير عبد الله البرغوثي، صاحب أعلى حكم في العالم، المعتقل منذ 5/3/2003 والمحكوم بالسجن المؤبد 67 مرة. ورغم استثنائه من كل صفقات الحرية لا يزال يشكل كابوسًا لإدارة السجون، التي تمارس بحقه تعذيبًا يختص برمزيته ودوره النضالي دونًا عن غيره.

اليوم، يشكل البرغوثي حالة نضالية متفردة؛ ليس فقط لرمزيته، بل لأساليب التعذيب اليومية التي تتفنن إدارة جلبوع في تنفيذها، إذ تعمد إلى سكب الماء على جسده ثم صعقه بالكهرباء، في مشهد لا يدل إلا على رغبة واضحة في قتله علنًا.

على مدار 25 شهرًا متواصلة يتعرض الأسير البرغوثي للتعذيب والتنقل بين غرف العقاب. ويتعمد السجانون وضعه في غرفة فراشها موبوء بمرض الجرب (السكابيوس)، ما اضطره للنوم على الأرض محاولةً لتجنب الإصابة، لكنه أُصيب رغم ذلك، وانتشرت الدمامل في أنحاء جسده.

وتنفذ إدارة السجن ضربًا دمويًا بحقه؛ إذ يقتحم السجانون غرفته منتصف الليل، يقولون إنهم "اشتاقوا لضربه"، ثم يثبتونه ليبدأ ثلاثة منهم بضربه بالعصي، ما يؤدي إلى نزيف لا يتوقف. ويضطر الأسرى لتضميد جروحه بقطع ملابس ممزقة وتعقيمها بمواد التنظيف المتاحة لهم.

وتعرض الأسير البرغوثي لضرب متكرر في تواريخ: 11/10/2025، 10/10/2025، 1/11/2025، 30/9/2025، إضافة لاعتداء عنيف بتاريخ 30/8/2025 تسبب في كسرٍ بكوع اليد اليمنى وكفها، ما زالت عظامه بارزة منه منذ ثلاثة أشهر دون أي علاج. كما يعاني كسرًا في الإصبع الأصغر لليد اليسرى بلا معالجة حتى اليوم.

ويضاف إلى هذا الألم كسر في آخر ضلعين من الجهة اليمنى للصدر، وفقدان نحو 35 كغم من وزنه نتيجة التجويع، إضافة إلى كسر في منطقة الكتف ظهرت معه العظمة للخارج، وتمزق في أوتار الكف يعجز معه عن تحريك يده أو الإمساك بأي شيء، وتحول نصف كفه إلى لون أخضر، مع غياب العلاج ما يهدد بتفاقم الالتهابات والنزيف.

اليوم يعاني البرغوثي من صعوبة شديدة في تحريك كلتا يديه، إحداهما تتحرك بصعوبة والأخرى شبه مشلولة، ولم تُقدم له حتى مسكنات للألم. وتنهي إدارة السجن حفلة تعذيبه منتصف الليل لتعود في السابعة صباحًا لضربه من جديد برفقة الكلاب.

وقد أوصله التعذيب المستمر إلى مرحلة بات ينتظر فيها الشهادة ويطلبها مقبلًا غير مدبر. ولم يعد يطالب سوى بعلاج فوري لآلامه، إذ لا يستطيع النوم ليلًا ولا القيام بنشاطاته الشخصية نهارًا. إن استمرار ترك كسوره دون علاج ينذر بنزيف داخلي خطير والتهابات حادة.

يتابع مكتب إعلام الأسرى عن كثب ما يتعرض له الأسير عبد الله البرغوثي من تعذيب يرقى إلى جريمة قتل معلنة، ضمن سياسة ممنهجة تستهدف قيادات الحركة الأسيرة. فإدارة السجون تنفذ حربًا مفتوحة تهدف لتنفيذ "إعدامٍ بطيء" بحقهم، يدفع الأسير إلى طلب الشهادة من شدة ما يعانيه.

ويؤكد المكتب أن على المؤسسات الحقوقية والإنسانية تحمل مسؤولياتها العاجلة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأسرى، والضغط إلى تقديم العلاج الفوري للأسير عبد الله البرغوثي، والنظر بجدية إلى ما يتعرض له أسرى الحركة الأسيرة الذين قدّموا صفحات نضال خالدة من أجل حرية وكرامة شعبهم.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020