القانون الدولي الإنساني تحت المقصلة: واقع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال

منذ عقود يخوض الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال معركة البقاء الإنساني في مواجهة منظومة قمعيةتستهدف أجسادهم وأرواحهم.

تتعدد الانتهاكات بين العزل الانفرادي، الإهمال الطبي، التجويع الممنهج، القمع النفسي والجسدي وقطع أخبارهمعن ذويهم.

يشكل الأسرى إسلام جرار ، محمد باجس الرجبي، ومجدي الريماوي نماذج لهذه السياسات، حيث تكشف معاناتهم تفاصيل منظومة عقابية متكاملة تهدف إلى كسر إنسانية الأسير وإضعاف عزيمته في مخالفة صارخة للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.

أولا : الأسير المؤبد إسلام صالح جرار

العمر: 52 عامًا

مكان السكن: مدينة جنينمخيم جنين

تاريخ الاعتقال: 26 آب/أغسطس 2002

مدة الأسر : أكثر من 23 عامًا متواصلة

الحكم: السجن المؤبد 9 مرات + 7 سنوات إضافية

مكان الاحتجاز الحالي : سجن "جانوت"

الانتماء التنظيمي: أحد أبرز قادة العمل المقاوم في جنين ومن رموز الحركة الأسيرة

أبرز الانتهاكات والمعاناة:

1. سياسة التجويع والإهمال الصحي: يعاني الأسير إسلام جرار من نقص حاد في الغذاء وفقدان كبير في الوزن،ويُحرم من الرعاية الطبية اللازمة، كما يُمنع من الحصول على غذاء كافٍ أو علاجٍ مناسب.

2. العزل وتقليص الفورة :يقضي معظم وقته في الزنزانة، ولا يُسمح له بالخروج إلى الفورة إلا مرة واحدة كلأسبوعين لمدة ساعة فقط، ما يزيد من معاناته الجسدية والنفسية.

3. الحرمان من الزيارة :منذ اندلاع حرب الإبادة على غزة وإعلان حالة الطوارئ في السجون، حُرم من زيارة ذويه، ولاتصل عائلته أخباره إلا عبر المحامين أو أسرى محررين.

ثانيا : الأسير المؤبد محمد باجس حسن الرجبي

العمر : 48 عامًا

مكان السكن: مدينة الخليلجنوب الضفة الغربية

تاريخ الاعتقال: 27 حزيران/يونيو 2002

مدة الأسر:أكثر من 23 عامًا متواصلة

الحكم : السجن المؤبد + 12 عامًا إضافية

مكان الاحتجاز الحالي : سجن "جلبوع"

الانتماء التنظيمي : أحد قادة كتائب القسام في الخليل وأحد رموز الحركة الأسيرة

المستوى العلمي: ثانوية عامة + بكالوريوس علوم سياسية + بكالوريوس إعلام وصحافة + ماجستير دراسات دولية+ دكتوراه في إدارة المؤسسات + حافظ للقرآن الكريم بالسند المتصل

أبرز الانتهاكات والمعاناة :

1. تنكيل متعمد واستهداف شخصي: إدارة سجن "جلبوع" تتعمد سحبه من الغرف وضربه ضربًا مبرحًا دون سبب،وعزله المتكرر بشكل مقصود.

2. نقل تعسفي دائم : يتم نقله بين الأقسام والغرف كل أسبوع أو عشرة أيام بحجة "تأثيره على مجتمع الحركةالأسيرة"، ما يزيد معاناته الجسدية والنفسية.

3. تدهور صحي وإصابة بالمرض الجلدي : أُصيب بمرض (السكابيوس) نتيجة الإهمال الطبي وسوء الظروف الصحيةداخل السجن.

4. فقدان كبير في الوزن : خسر نحو 40 كغم من وزنه حتى فبراير الماضي بسبب الإهمال والتجويع الممنهج.

5. الحرمان من الزيارة : خلال العامين الماضيين لم تُتح لعائلته سوى زيارتين فقط عبر المحامي، ولا تصل أخباره إلاعبر أسرى محررين.

ثالثا : الأسير المؤبد مجدي حسين الريماوي

العمر : 60 عامًا

مكان السكن : بلدة بيت ريماقضاء رام الله

تاريخ الاعتقال : 15 كانون الثاني/يناير 2002

مدة الأسر : أكثر من 24 عامًا متواصلة

الحكم : السجن المؤبد + 80 عامًا إضافية

مكان الاحتجاز الحالي : سجن "نفحة" الصحراوي

الانتماء التنظيمي : أحد قيادات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

أبرز الانتهاكات والمعاناة:

1. انقطاع الأخبار والحرمان من التواصلً: لم تصله أي أخبار عن عائلته منذ 17 شهرًا، ولم يُبلّغ حتى اليوم بوفاة والدتهرغم مرور أكثر من عام على رحيلها.

2. حرمان متواصل من الزيارة :منذ أكثر من 29 شهرًا تُمنع عائلته من زيارته، ويُمنع محاموه من الدخول بحجج أمنيةواهية.

3. تدهور صحي خطير وإهمال طبي متعمد :يعاني من مرض الجرب، وارتفاع ضغط الدم، والتهابات مزمنة، إضافةإلى إصابةٍ قديمة في ساقه منذ انتفاضة الحجارة سببت له تلفًا عصبيًا، وقد فقد نحو 30 كغم من وزنه بسببالتجويع والإهمال الطبي.

4.  عقوبات وعزل متكرر : يتعرض لعقوبات متكررة وعزلٍ مقنّع داخل الأقسام، ومنعٍ دائم من الاتصال أو التواصل معبقية الأسرى.

الانتهاكات في ضوء القانون الدولي

- المادة (20) من قواعد مانديلا تضمن للأسير الحق في غذاء كاف وصحي، بينما يتعرض الأسير إسلام جرار  لتجويعممنهج.

- المادة (91) من اتفاقية جنيف الرابعة تُلزم دولة الاحتلال بتوفير رعاية طبية مناسبة وهو ما يحرم منه الأسير مجديالريماوي بشكل واضح.

الانتهاكات في ضوء القانون الدولي :

- المادة (76) من اتفاقية جنيف الرابعة تُلزم باحتجاز المعتقلين في القانون الدولي الإنساني تحت المقصلة: واقع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ظروف إنسانية بينما يحتجز  الأسير إسلام جرارفي وسط معيشي قاس.

- المادة (91) من اتفاقية جنيف الرابعة تلزم بتوفير أدوية وعلاج مناسب للأمراض المزمنة لكن الاحتلال يتعمد منعهاكما فعل مع الأسير مجدي الريماوي والأسير محمد باجس الرجبي.

- حرمان الأسير من العلاج يعد بموجب نظام روما الأساسي جريمة ضد الإنسانية باعتبارها "تصفية بطيئة".

انتهاكات الاحتلال للقانون الدولي الإنساني في التعامل مع الأسرى

- رغم وضوح القواعد التي وضعها القانون الدولي الإنساني لحماية الأسرى والمعتقلين، إلا أن الاحتلال الإسرائيليحول الأسرى الفلسطينيين إلى ساحة مفتوحة لانتهاك هذه القواعد على نحو ممنهج.

- تنص المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع على حظر التعذيب والمعاملة القاسية، وضمان ظروفاحتجاز إنسانية، إلا أن الواقع داخل السجون الإسرائيلية يكشف عن ممارسات مناقضة تماما: عزل انفرادي يمتدلسنوات، حرمان من العلاج حتى الموت، اعتقال إداري دون تهمة أو محاكمة عادلة، وتعمد إذلال الأسرى في تفاصيلحياتهم اليومية.

- كما تؤكد اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 أن أي شكل من أشكال التعذيب النفسي أو الجسدي محظور بشكلمطلق.

- غير أن الاحتلال جعل من التعذيب سياسة ثابتة، تبدأ من لحظة الاعتقال بالضرب والشبح والتحقيق الطويل ولاتنتهي عند الإهمال الطبي المتعمد الذي حصد أرواح عشرات الأسرى منذ بداية الحركة الأسيرة.

- أما القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فقد نص بوضوحعلى حق المعتقلين في مراجعة قضائية عادلة وفي معاملة إنسانية تحفظ كرامتهم.

لكن الاحتلال أفرغ هذه النصوص من مضمونها عبر محاكم عسكرية تفتقر للحد الأدنى من العدالة، وعبر منعالأسرى من زيارة محاميهم أو التواصل مع ذويهم الأمر الذي جعل من الاعتقال أداة عزل تام عن العالم الخارجي.

ورغم التوثيق الواسع لهذه الانتهاكات من قبل المؤسسات الحقوقية والأممية يواصل الاحتلال الإفلات من المساءلةالدولية، ما يعكس حالة انفلات من العقاب ويشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الأسرى.

ويؤكد مكتب إعلام الأسرى في هذا السياق أن ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون "يمثل خرقا صارخا لكل القوانينوالمواثيق الدولية، ويكشف عن ازدواجية المعايير في تعامل المجتمع الدولي مع جرائم الاحتلال، الأمر الذي يجعلحياة الأسرى وكرامتهم الإنسانية مهددة على نحو يومي".

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020