رائد أبو حمدية.. جسدٌ يتآكل في جلبوع تحت القمع والتجويع ومرض السكابيوس
تقرير/ إعلام الأسرى

يقف سجن جلبوع اليوم شاهدًا على تعب جسد الأسير المقدسي رائد صالح أبو حمدية (49 عامًا)، الذي تتساقط صحته عامًا بعد عام، فيما تُجمِع شهادات أهالي الأسرى على أنّ جلبوع يعيش واحدة من أسوأ الحقب في تاريخ الحركة الأسيرة. فمنذ ما بعد صفقة طوفان الأحرار، تدهورت الأوضاع على نحو غير مسبوق، وبات الاحتلال يمارس تعذيبًا انتقاميًا متواصلًا بحق الأسرى في ظلّ غياب زيارات الأهالي واستمرار فرض حالة الطوارئ.

يواصل مكتب إعلام الأسرى تسليط الضوء على أوضاع الأسرى أصحاب الأحكام المؤبدة، والكشف عن معاناتهم الصحية والاعتقالية وسياسة التجويع والتنكيل، ضمن سلسلة تهدف إلى إبقاء حكاياتهم حيّة في ذاكرة الشعب الفلسطيني وأحرار العالم.

يتواجد اليوم الأسير رائد أبو حمدية مع ثمانية أسرى آخرين في إحدى غرف سجن جلبوع، خمسة منهم يعانون من مرض السكابيوس الجلدي المنتشر في السجون، وهو أحد المصابين به. إذ يعاني من التهابات جلدية حادّة تُؤرّق جسده، ويطالب بالضغط على إدارة السجون لتقديم العلاج اللازم، في وقت يتعرض فيه لإهمال طبي متعمد.

وتزيد رداءة الطعام وقلّته من تفاقم حالته، إذ انخفض وزنه خلال فترة قصيرة من 80 كغم إلى 60 كغم بين زيارة محامٍ وأخرى، في مؤشر واضح على استمرار سياسة التجويع التي تستخدمها إدارة السجون كسلاح ضد الأسرى.

يُعد سجن جلبوع من أسوأ السجون صيتًا، خصوصًا بعد حرب السابع من أكتوبر. وتشير شهادات الأسرى المحررين إلى أن “من لم يُعتقل قبل الحرب، لم يُعتقل حقيقةً”، في إشارة إلى الجحيم الذي أصبح عليه جلبوع. وكغيره من الأسرى، يتعرض رائد أبو حمدية لاعتداءات يومية لا يكاد يمر أسبوع دون أن يبدأ فصل جديد منها، إذ تستخدم إدارة السجون أجساد الأسرى كـ"ميدان تدريب" للانتقام.

28 عامًا مرت على اعتقاله منذ 3/4/1997، ويُعد اليوم أحد أبرز عمداء الأسرى الذين رفض الاحتلال الإفراج عنهم في صفقات المقاومة المختلفة، رغم خروج أعداد كبيرة من أسرى المؤبدات. يُعتبر أبو حمدية مناضلًا وطنيًا بارزًا، تتذكره ميادين الفعل المقاوم وتحبه بلاده، وقد اتهمه الاحتلال بالمشاركة في إيصال الاستشهادي الذي نفذ عملية في بيت شيميش وأدت إلى مقتل أربعة مستوطنين، وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد أربع مرات.

كان أبو حمدية قد اعتُقل سابقًا عام 1994 وأمضى عامًا في السجن. أما اعتقاله الثاني فجرى عام 1997 بعد كمين نصبته له قوات الاحتلال على أحد الحواجز العسكرية، وخضع لتحقيق قاسٍ قبل إصدار حكمه. وهو أحد أعضاء خلية صوريف التابعة لكتائب القسام، وشارك مع رفاقه في عمليات موجعة للاحتلال، منها دوره البارز في عملية خطف الجندي شارون أدري عام 1996، وعمليّة تفجير مقهى “أبروبو”.

تعرض رائد خلال سنوات اعتقاله للعزل أكثر من مرة، ورغم سجنه لم يتوقف عن مقارعة الاحتلال، فشارك في النشاط الثقافي داخل السجون وفي إضراب الكرامة الذي انتزع فيه الأسرى العديد من حقوقهم قبل أن تسحبها إدارة السجون مجددًا تحت غطاء حالة الطوارئ.

أنهى أبو حمدية الثانوية العامة داخل الأسر، وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم الاجتماعية من جامعة القدس المفتوحة، كما أصدر عددًا من الأعمال الأدبية أبرزها كتاب "همسات من وحي المكان" عام 2020 الذي يروي فيه تجربته الاعتقالية.

اليوم، لا يطالب الأسير رائد أبو حمدية سوى بحقه في العلاج. وتقع مسؤولية إنقاذه من الإهمال الطبي على عاتق المؤسسات الحقوقية التي يجب أن تلتفت إلى ما يجري داخل جلبوع من انتهاكات يومية. فبعد كل هذه السنوات، وبعد استثناء اسمه من قوائم الحرية، لا يطلب سوى علاج يخفف آلامه، حتى يستطيع أن يرافق ليل زنزانته دون وجع.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020