12 عامًا خلف القضبان: الأسير عودة حروب بين المؤبد والمرض

يلجأ عدد من الأسرى إلى إخفاء أخبارهم عن ذويهم، فيبعثون برسائل عبر أسرى محرّرين مفادها أنهم بخير، رافضين أن تعيش عائلاتهم القلق عليهم، ومصرّين على أن تكون العائلة هي من تبعث بأخبارها ليعلم الأسير أين وصلت حياتهم ويطمئن عليهم.
وكذلك هو الأسير عودة فريد طالب حروب (30 عامًا)، من سكان بدية دير سامت قضاء مدينة الخليل، الذي تصفه والدته بـ”الجبل الأشم الذي لن ينهدم”، لكنها لا تنسى أن تعبّر عن قلقها العميق على أوضاعه الصحية، وما يعانيه إلى جانب سائر الأسرى في سجون الاحتلال، من هزال وتجويع، ومنع لزيارات الأهل، وغياب أخباره عنهم في ظل استمرار حالة الطوارئ بعد حرب السابع من أكتوبر، فضلًا عن قطع راتبه.
يعيش الأسير حروب، كغيره من الأسرى، مصيرًا غير معروف داخل سجن ريمون، حيث تعلم عائلته على الأقل بمكان احتجازه. وقد وصلت إليهم أخبار تفيد بمعاناته من الهزال الشديد نتيجة سياسة التجويع التي يمارسها الاحتلال داخل سجونه، إضافة إلى معاناته من مشاكل في الكِلى، وآلام في الظهر بسبب إصابته بـ”الديسكات”، فضلًا عن آلام حادة في الأسنان تحرمه النوم ليلًا، وفق ما نقلته العائلة عن أسرى محرّرين كانوا في القسم ذاته.
اعتُقل طفلًا… لأنه أحبّ البلاد
تؤكد عائلة الأسير حروب، في حديثها لمكتب إعلام الأسرى، أنه آخر أسير محكوم بالمؤبد من عائلة حروب، بعد أن نال أبناء عمومته من أسرى المؤبدات حريتهم، كما أُفرج عن ابن قضيته ورفيق خليته الأسير بشير الحروب، فيما بقي عودة رهن الاعتقال ولم ينل حريته ضمن صفقة طوفان الأحرار، رغم انتظار عائلته لخلاصه على أحرّ من الجمر.
اعتُقل الأسير عودة حروب طفلًا في السابعة عشرة من عمره، واليوم أصبح شابًا في الثلاثين، بينما كان رفيق خليته بشير الحروب في العشرينيات من عمره. ففي تاريخ 15/10/2013 اعتقل الاحتلال عودة، تبع ذلك اعتقال الأسير المحرر بشير الحروب، ووجّه الاحتلال إليهما تهمة تنفيذ عملية في مستوطنة هبكعاه بالأغوار، أسفرت عن مقتل ضابط إسرائيلي، وعلى إثرها حُكم عليهما بالسجن المؤبد إضافة إلى 20 عامًا.
وبعد الصفقة، بقي الأسير عودة الحروب رهن الاعتقال وحيدًا، فيما نال رفيق عمليته بشير الحروب حريته.
اثنا عشر عامًا مرّت على اعتقال الأسير حروب، وكانت السمة الأبرز الملازمة له طوال سنوات أسره هي كتم أوجاعه وأخباره التي قد تثير قلق عائلته. يحتفظ بآلامه بعيدًا عنهم، ويكتفي بالسؤال عن أخبارهم ومحاولة الاطمئنان عليهم. وتبقى زيارات المحامين له شحيحة، فيما تتابع عائلته أخباره بعد الحرب عبر الأسرى المحررين، دون أن تطفئ تلك الأخبار نار الشوق المتقدة في قلوبهم.
ورغم سنوات سجنه، وحكمه المؤبد، وآلام جسده، تمكّن الأسير عودة حروب من اجتياز امتحان الثانوية العامة داخل سجون الاحتلال، ثم أنهى دراسة درجة البكالوريوس من خلف القضبان، وكان على وشك إنهاء مرحلته الأخيرة، غير أن الحرب حالت دون ذلك، فتوقفت مسيرته التعليمية مع استمرار حالة الطوارئ وعزل الأسرى عن العالم الخارجي.
ويُعد الأسير عودة حروب واحدًا من 28 أسيرًا من مدينة الخليل يحملون أحكامًا بالمؤبد، من أصل 115 أسيرًا من مختلف المحافظات الفلسطينية لا يزالون بانتظار حرية قريبة، في ظل حظر الاحتلال إدراج أسمائهم في الصفقات، إلا أن أمل عائلاتهم يبقى كبيرًا بأن كل شيء يمكن أن يتغيّر في لحظة.




