تقارير وحوارات

16 أسيرا من الداخل المحتل: مؤبدات على الأكتاف وقصص تنتظر الحرية

يشكّل ملفّ الأسرى من الأراضي المحتلة عام 1948 ثِقلًا خاصًا نتيجة اعتبارات يفرضها الاحتلال؛ إذ يرفض الإفراج عنهم في جميع الصفقات المبرمة مع المقاومة، باعتبارهم “شأنًا داخليًا”، ولا يعاملهم معاملة الأسرى الفلسطينيين من الضفة وغزة.
ويبلغ عددهم اليوم 16 أسيرًا من أصل 115 أسيرًا محكومين بالمؤبد، يقضون سنوات متفاوتة في سجون الاحتلال، من بينهم 4 أسرى معتقلون منذ ما قبل اتفاقية أوسلو، ويصل أعلى حكم بينهم إلى 9 مؤبدات مكررة، فيما يعاني 5 أسرى منهم من أمراض مزمنة تُضاف إلى ثِقل أحكامهم.

يقدّم مكتب إعلام الأسرى إحصائية معلوماتية حول أسرى الأراضي المحتلة، تتناول الأقدم اعتقالًا، والأعلى حكمًا، وملفاتهم المرضية والاعتقالية، والخلايا النضالية التي نشأوا فيها، وأورثتهم حبّ البلاد وطريق الكرامة.
ويؤكد المكتب أن هؤلاء الأسرى ليسوا أرقامًا، بل قصصًا إنسانية تنتظر أن ترى النور، ويحتاج أصحابها بعد هذه السنوات العجاف إلى الوصول نحو برّ الأمان.

القدامى ما قبل أوسلو

يقضي 4 أسرى أحكامًا بالسجن المؤبد منذ اعتقالهم قبل اتفاقية أوسلو، ويشكّل ملفهم بصمة خاصة ضمن أسرى المؤبدات من الأراضي المحتلة. وجميعهم اعتُقلوا عام 1992 ضمن خلية واحدة اتُّهمت بتنفيذ عملية معسكر جلعاد، التي أسفرت عن مقتل ثلاثة من جنود الاحتلال وإصابة آخرين، وصدر بحقهم حكم بالسجن المؤبد المكرر ثلاث مرات، إضافة إلى 16 عامًا.
أقدمهم الأسير محمد سعيد إغبارية (57 عامًا) وشقيقه إبراهيم حسن سعيد إغبارية (60 عامًا) من وادي عارة، وقد اعتُقلا بتاريخ 26/2/1992 وكانا أول المعتقلين في خليتهما.
تلاهما الأسير يحيى مصطفى إغبارية (57 عامًا)، المعتقل بتاريخ 4/3/1992، ثم الأسير محمد توفيق جبارين (73 عامًا) من أم الفحم، والذي كان آخر أفراد الخلية اعتقالًا.

الأعلى حكمًا وخلايا النضال

إلى جانب أسرى عملية معسكر جلعاد، برزت خلية أخرى عام 2002 ضمّت الأسيرين إبراهيم محمد البكري (44 عامًا) وياسين حسن بكري (44 عامًا) من قرية البعنة.
واتهمهما الاحتلال بتنفيذ عملية تفجير حافلة عند مفترق ميرون قرب صفد، وأسفرت عن مقتل 9 إسرائيليين وإصابة آخرين، ليصدر بحقهما حكم بالسجن المؤبد المكرر 9 مرات، إضافة إلى 30 عامًا.
ويُعدّ الأسيران بكري الأعلى حكمًا بين أسرى المؤبدات من الداخل المحتل، وقد اعتُقلا بتاريخ 8/8/2002، وأمضيا حتى اليوم 23 عامًا متواصلة في سجون الاحتلال.
وصنّفهما الاحتلال كـ“خطرين أمنيًا”، فحُرما لسنوات من الكانتينا، وفُرضت عليهما غرامات مالية باهظة دون مسوّغ قانوني.
كما تعرّضت عائلة الأسير إبراهيم بكري لانتهاكات جسيمة، إذ اعتُقل والداه لمدة 5 سنوات، فيما فقد الأسير ياسين بكري والده هذا العام، ووالدته عام 2021، دون أن يُسمح له بوداع أيٍّ منهما.
ويعتقل الاحتلال كذلك الأسرى غالب محمد غنيم (41 عامًا)، وأحمد علي أحمد (36 عامًا)، وحيدر فواز زيادنة (37 عامًا)، وجميعهم من مدينة الناصرة، بتهمة قتل سائق سيارة أجرة من مدينة نتسيرت عيليت، وصدر بحقهم حكم بالسجن المؤبد مرة واحدة.
اعتُقل غالب غنيم بتاريخ 26/4/2010، ثم أحمد أحمد بتاريخ 11/5/2010، تلاه حيدر زيادنة بتاريخ 22/5/2010.

الأسرى المرضى

يُعدّ الأسير محمد توفيق جبارين (73 عامًا) الأكبر سنًا بين أسرى الداخل المحتل، ويعاني من فقدان أسنانه في الفك العلوي.
كما يعاني الأسير عماد راجح سرحان (46 عامًا)، المعتقل منذ 15/10/2001، من إعاقة حركية نتيجة عزله الانفرادي لما يقارب 14 عامًا، إضافة إلى ورم في القدمين، واضطرابات في القلب، ومشاكل في الشرايين، وارتفاع ضغط الدم ونسبة الدهون، ونقطة سوداء في العمود الفقري.
فقد الأسير سرحان صحته داخل السجون، كما فقد والديه دون وداع، وهو محكوم بالسجن المؤبد إضافة إلى 10 سنوات، ويعاني من إهمال طبي متعمد، لم يمنع الاحتلال من إبقائه في العزل الانفرادي.
ويعاني الأسير حيدر زيادنة من دوالي حادة في القدمين، وقد أُجريت له عملية جراحية في قدمه اليمنى، وينتظر أخرى في اليسرى.
كما يعاني الأسير محمد يوسف شناوي (29 عامًا)، المعتقل منذ 5/1/2017، من وضع صحي ونفسي صعب، ويتلقى أدوية لآلام الرأس. وهو محكوم بالمؤبد إضافة إلى 22 عامًا.
ويعاني الأسير عبد الحكيم عاصي (27 عامًا)، المعتقل منذ 18/3/2018، من إصابة في يده اليمنى تمنعه من تحريك إصبعه، وهو أصغر الأسرى سنًا المحكومين بالمؤبد من الداخل المحت

قصص إرادة
يشكّل الأسير عبد الله صالح إغبارية (46 عامًا)، المعتقل منذ 1/9/1999 والمحكوم بالمؤبد المكرر مرتين، قصة إرادة خاصة؛ إذ ارتبط عام 2017 بالشابة ياسين الحراثني من جباليا في غزة، على أمل أن ينال حريته، لكن اسمه لم يُدرج في أي صفقة.
كما يقضي الأسير محمد خالد عنبتاوي (41 عامًا)، المعتقل منذ 18/4/2004، حكمًا بالسجن المؤبد و15 عامًا، وقد استُثني من صفقة طوفان الأحرار رغم آمال عائلته.
ويقضي الأسير إسلام إبراهيم عيسى (37 عامًا)، المعتقل منذ 15/5/2011، حكمًا بالسجن المؤبد إضافة إلى 40 عامًا، فيما يقضي الأسير خالد عودة أبو جودة (30 عامًا) حكمًا بالسجن المؤبد و20 عامًا، وقد تعرّضت عائلته للتنكيل، واعتُقلت والدته عام 2018 في سياق الانتقام.
يبقى أسرى الأراضي المحتلة عام 1948 خارج معادلات الصفقات، لكنهم ليسوا خارج الذاكرة ولا خارج الحق. ستة عشر جسدًا أنهكها الزمن والمؤبد، وأرواحٌ ما زالت تقاوم العزل والنسيان، وتدفع ثمن انتمائها لهويتها الفلسطينية في قلب معادلة استعمارية لا تعترف إلا بالقوة.
إن استمرار احتجازهم، واستثناؤهم المتكرر من صفقات الحرية، يكشف سياسة انتقائية وعنصرية، لا تقوم على القانون بقدر ما تقوم على العقاب والانتقام. هؤلاء الأسرى لم يحملوا المؤبد فقط، لقد حملوا حكايات أمهاتٍ شاخت أعينهن انتظارًا، وآباء رحلوا دون وداع، وأعمارًا علّقت على أبواب السجون.
إن إنصافهم استحقاق وطني وأخلاقي، يفرض إبقاء ملفاتهم حيّة في الوعي العام، والعمل على كسر عزلتهم، حتى لا يبقوا أسرى المؤبد خلف القضبان، وأسرى النسيان خارجه.

المصدر
تقرير/ إعلام الأسرى
زر الذهاب إلى الأعلى