حسام القواسمة : جسدٌ يتآكل في نفحة وروحٌ تقاوم حكم المؤبد

تنفّست عائلات الأسرى الصعداء بعد صفقة طوفان الأحرار وانتهاء الحرب على قطاع غزة، وكانت التوقعات تميل إلى أنّ الأوضاع داخل السجون ستعود إلى ما كانت عليه قبل إعلان حالة الطوارئ. غير أنّ الاحتلال أبقى وتيرة القمع والتنكيل على حالها؛ فما تزال كميات الطعام المقدّمة للأسرى شحيحة بما يكفي لتراكم الأمراض على المدى البعيد، ولا يزال البرد ينهش أجسادهم في السجون الصحراوية بخاصة، وفي بقية السجون عامة. وإلى جانب ذلك، يتواصل القمع اليومي، فيما حُرم الأهالي من الزيارات التي كانت تشكّل نافذة الأسير الوحيدة على العالم الخارجي، وبات الأسرى يعيشون عزلة مكانية ومعلوماتية مفتوحة إلى أجلٍ غير مسمّى، وسط تلويح إسرائيلي متكرر بقرارات الإعدام.
وتحدّث مكتب إعلام الأسرى مع عائلة الأسير حسام علي قواسمة (52 عامًا) من مدينة الخليل، لنقل آخر المستجدات حول صحته وظروف اعتقاله، والاطلاع على ما يعيشه مع رفاقه الأسرى في سجن نفحة، حفاظًا على حضور قصص وتضحيات أسرى المؤبّدات في ذاكرة شعبهم الفلسطيني والرأي العام العالمي.
اعتُقل الأسير حسام قواسمة بتاريخ 11/7/2014، واتّهمه الاحتلال في حينها بالمشاركة في التخطيط لعملية أسر وقتل ثلاثة مستوطنين في الخليل في حزيران 2014. وبعد ستة أشهر من اعتقاله، صدر بحقه حكم بالسجن المؤبّد ثلاث مرات. ومنذ ذلك الوقت يقبع الأسير قواسمة خلف القضبان، وهو موجود اليوم في سجن نفحة، حيث تمكن محاميه من زيارته قبل نحو عشرة أيام، ووجده قد فقد 25 كغم من وزنه؛ إذ انخفض وزنه من 85 كغم إلى 60 كغم فقط.
ويعاني الأسير قواسمة من آلام شديدة في معدته نتيجة إصابته بجرثومة المعدة وقرحة في الجهاز الهضمي تسببان له أوجاعًا مستمرة. وبسبب حالته الصحية، يحتاج إلى ما لا يقل عن ثلاث وجبات يوميًا للتخفيف من حدة الآلام، كما يعاني من آلام حادة في الظهر. وإلى جانب أمراضه، يعاني جميع الأسرى في سجن نفحة من شحّ الطعام، وقلّة الملابس والأغطية، وضيق أماكن النوم، بينما يُسمح لهم بالاستحمام مرة واحدة كل عشرة أيام فقط. وكانت عائلة قواسمة، كغيرها من عائلات الأسرى، تظن أن الأوضاع ستتحسن بعد الصفقة ووقف النار، لكن الواقع – كما يقولون – لا يزال بالغ السوء.
قضى الأسير قواسمة سنوات طويلة في الأسر؛ فقد اعتُقل عام 1995 لمدة ثماني سنوات متواصلة، كما تعرّض لاعتقالات متكررة بين عامي 2000 و2014 قبل الحكم المؤبد. ويبلغ مجموع ما أمضاه في سجون الاحتلال حتى اليوم 21 عامًا مجتمعة. وخلال اعتقاله هدم الاحتلال منزله بتاريخ 18/8/2014، وصادر أرض المنزل والسيارة بعد قرابة شهر من اعتقاله.
وينحدر الأسير قواسمة من عائلة قدّمت تضحيات كبيرة؛ فقد استشهد شقيقاه أحمد قواسمة عام 2000، ومراد قواسمة عام 2004، فيما يقضي شقيقه حسين علي قواسمة (51 عامًا) حكمًا بالسجن المؤبّد إضافة إلى 60 عامًا منذ اعتقاله في 9/8/2011.
الأسير حسام قواسمة متزوج وأب لسبعة أبناء ينتظرون حريته، ولم يُدرج اسمه ولا اسم شقيقه ضمن صفقة طوفان الأحرار. ورغم سنوات الاعتقال الطويلة وفقدانه لوالديه خلال الأسر، فقد تحدّى حكمه المؤبد وتمكن من الحصول على السند المتصل، ودراسة تخصص الشريعة الإسلامية من داخل سجنه.
وخلال سنوات اعتقاله، غاب قواسمة عن معظم مناسبات عائلته؛ فقد نجح أبناؤه في الثانوية العامة وشارفوا على التخرج من الجامعة من دون أن يكون بينهم، كما تزوجت اثنتان من بناته دون أن يحضر فرحتهما، وفقد والديه دون أن يمكّنه الاحتلال من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهما.




