تقارير وحوارات

أسرى خلية إيتمار الأربعة: عقدٌ من العزلة… وغيابٌ مستمر عن صفقات الحرية

شكّل عام 2015 نقلة نوعية في عمليات المقاومة في الشارع الفلسطيني، وكانت هذه النقلة امتدادًا لبطولة سبعة شبان غيورين على وطنهم، معظمهم من مدينة نابلس. أيقظت محرقة عائلة الدوابشة فيهم الثأر، وكانت عملية إيتمار أولى عمليات كثيرة لحقت خلال انتفاضة القدس، وتحوّلت لاحقًا إلى شرارة تصاعدت بعد شهر أكتوبر من العام نفسه، كردٍّ مباشر على تلك الجريمة.

ففي بداية أكتوبر 2015، استيقظ الفلسطينيون على عملية قُتل فيها مستوطن وزوجته، بينما تغاضى منفذوها عن المساس بأطفالهما التزامًا بتعاليم دينهم، فشكّلت العملية شفاءً لصدور كثيرين. وأسفرت عن مقتل المستوطن، وهو ضابط احتياط في وحدة هيئة الأركان الإسرائيلية “إيتام هنكين”، وزوجته “نعماه هنكين”، وجاءت في وقت كان الشارع الفلسطيني يغلي نتيجة جريمة حرق عائلة الدوابشة التي استشهد فيها سعد دوابشة وزوجته ريهام وطفلهما الرضيع علي.

لاحق الاحتلال أفراد الخلية لأيام قليلة قبل أن يعتقلهم واحدًا تلو الآخر، ويصدر بحقهم لاحقًا أحكامًا بالسجن المؤبد المكرر مرتين إضافة إلى 30 عامًا أخرى. وهم:
يحيى محمد نايف الحاج حمد (34 عامًا)،
سمير زهير الكوسا (43 عامًا)،
أمجد عادل عليوي (53 عامًا)،
كرم لطفي رزق (27 عامًا).

كما اعتقل في ذات القضية الأسيران المحرران زيد زياد العامر (30 عامًا) الذي أُبعد إلى غزة، وراغب عليوي (42 عامًا) الذي أُبعد إلى مصر، إضافة إلى الشهيد المحتجز جثمانه بسام أمين السايح الذي استشهد نتيجة الإهمال الطبي بتاريخ 8/9/2019 بعد خمس سنوات من الاعتقال.

تحرر زيد العامر وراغب عليوي في المرحلة الأولى من صفقة طوفان الأحرار، وتحررت روح الأسير بسام السايح باستشهاده، بينما لا يزال جثمانه محتجزًا حتى اليوم. وبقي أربعة أسرى آخرون خلف القضبان، لم تشملهم صفقات الحرية المتعاقبة، ولا يزالون يقاسون أحكام المؤبد في ظل سياسة التجويع والتنكيل والضرب والمنع المستمر للزيارات. وتعدّ هذه المرحلة الأسوأ في تاريخ الحركة الأسيرة مع استمرار حالة الطوارئ داخل السجون منذ حرب الإبادة على قطاع غزة، حيث تُمنع زيارات الأهالي والمنظمات الحقوقية والطبية، ولا تصل أخبار الأسرى إلى ذويهم إلا عبر أسرى محررين أو زيارات محامين شحيحة.

يسلط مكتب إعلام الأسرى الضوء على هؤلاء الأربعة الذين أتموا عشر سنوات من اعتقالهم، تذكيرًا بتضحياتهم، وهدم منازلهم، وغيابهم الطويل، وواقعهم الصحي والاعتقالي، ضمن حملة تسعى لطرق جدران الخزان، والتذكير الدائم بأسرى المؤبدات الذين بقي منهم 115 أسيرًا رهن الاعتقال بعد صفقة طوفان الأحرار الأخيرة.

الأسير يحيى الحاج حمد اعتُقل بتاريخ 3/10/2015، وكان من أوائل أفراد الخلية اعتقالًا إلى جانب سمير الكوسا. يعاني من هزال واضح في الوزن، وأصيب بمرض السكابيوس عدة مرات. وحتى مطلع أكتوبر الماضي، كان يقبع في سجن ريمون يعيش حالة قلق دائم على عائلته نتيجة انقطاع الأخبار عن الأسرى. فقد والده عام 2017 ولم يُتح له وداعه، وتمكن رغم أسره من تحقيق إنجازات علمية وأدبية؛ إذ ألّف ديوانًا شعريًا بعنوان قبلة الأبطال، وحصل على بكالوريوس في التربية الإسلامية والعلوم المالية والمصرفية، إضافة إلى درجة ماجستير في الاقتصاد الإسلامي. وكان يفصله فصل دراسي واحد عن إنهاء درجة ماجستير أخرى في الشؤون الإسرائيلية من جامعة أبو ديس، غير أن الحرب وما رافقها من حصار للأسرى حالت دون ذلك.

الأسير سمير الكوسا اعتُقل بتاريخ 3/10/2015، وهو من عائلة ملتزمة، ومتزوج وله ثلاثة أبناء. تعرّض منزله للهدم بعد سنة من بنائه، قبل أن تتمكن العائلة من العيش فيه. وحُرمت زوجته من زيارته لفترة قبل حرب الإبادة على غزة، ويعيش اليوم في ظل سياسة تجويع وتنكيل تشمل كل الأسرى.

أما الأسير كرم لطفي رزق فكان اعتقاله مختلفًا؛ إذ اختُطف بتاريخ 4/10/2015 من داخل المستشفى العربي التخصصي في نابلس خلال تلقيه العلاج من إصابة تعرض لها أثناء العملية، عبر قوة من المستعربين. كان شابًا في مقتبل العمر يدرس الهندسة الميكانيكية في جامعة النجاح، وترك خلفه حلمًا مهنيًا كبيرًا اختاره لوطنه. حصل داخل السجن على شهادة في السند المتصل عن الرسول بتاريخ 16/1/2021. وتعرّض منزله ومنزل رفيقيه يحيى الحاج حمد وسمير الكوسا للهدم بتاريخ 15/11/2015.

الأسير أمجد عليوي اعتُقل بتاريخ 6/10/2015، وهدم الاحتلال منزله بتاريخ 11/10/2015. فقد والدته عام 2023 ولم يُسمح له بوداعها.
عشر سنوات من الصبر، وأربعة رجال يقاتلون الجوع والعتمة،
وعائلات تنتظر يوم الحرية.

بواسطة
تقرير / إعلام الأسرى
زر الذهاب إلى الأعلى