يرتبط اسم محكمتي سالم وعوفر العسكريتين في أذهان عائلات الأسرى ومتابعي قضيتهم بكل ما هو سيء وقمعي، نظراً للمعاناة التي يلاقوها خلال حضور جلسات أبنائهم الأسرى وخضوع تلك المحاكم لتعليمات المخابرات والأحكام القاسية التي تصدر من خلالهما.
وقال الناطق باسم مكتب إعلام الأسرى أ. علي المغربي أن القضـاء العسـكري للاحتلال يلعـب دوراً فاعـلًا ومتواطئـاً ويوفـر الحمايـة القانونيـة لسياسـات الاحتلال التـي تنتهـك القانـون الدولـي، مـن خلال محاكـم صوريـة توفـر إطـاراً قانونيـاً شـكلياً للشاباك لإصدار أحكام انتقامية وقاسية بحق أبنـاء شـعبنا دون تمكينهـم مـن حقهم في إجـراء محاكمـات عادلـة.
وأضاف بأن محاكمـة المعتقليـن فـي المحكمـة العسـكرية تتم بصـورة بعيـدة عـن أصـول المحاكمـات العادلـة، وخاصة قضايا الاعتقال الإداري والتي تتولاها المخابرات بشكل صريح، وتفرض على قضاة المحاكم إصدار أوامر، أو تجديد أوامر أخرى، بحق الأسرى دون تقـديم لائحـة اتهـام، ويستبدلها بملـف سـري يمنـع المحامـي مـن الاطِّـلاع عليـه.
وبين المغربي بأن محاكم الاحتلال تتعمد تأجيل جلسات المحاكم لعدد كبير من المرات بهدف مضاعفة معاناة الأسرى وذويهم الذين يسافرون مسافات طويلة ويقطعون إجراءات استفزازية ومذلة لحين وصولهم إلى المحاكم لرؤية أبنائهم ومتابعة قضاياهم، إضافة لمعاناة الأسرى أنفسهم الذين يعتبرون الرحلة قطعة من العذاب.
إجراءات قاسية
المواطن عيسى صبري والد الأسير الفتى أحمد صبري من قلقيلية والقابع في قسم الأشبال بسجن مجدو يتحدث عن رحلة المعاناة وما يتعرض له أهالي الأسرى من إجراءات قاسية للوصول إلى المحكمة حيث يقول "منذ اعتقال ابني أحمد قبل 11 شهراً، توجهت على محكمة سالم ما يقارب 10 مرات، وأقطع مسافة تزيد عن 200 كم ذهابا وإياباً، حيث يعتبر يوم جلسة المحكمة هو يوم صعب على النفس والجسد معاًط.
ويضيف "عند الوصول عليك السير مسافة طويلة عبر ممر أمني محاط بالشبك الحديدي من الجانبين، ثم الانتظار لسماع الجندي وهو ينادي على عائلة الأسير والدخول في تفتيش مذل ثم الانتظار في القاعة الأخرى حتى يحضر الجنود الأسير إلى قاعة المحكمة، ولا نملك بعد ذلك سوى أن نكحل عيوننا برؤية ابننا فقط، دون السماح لنا بمصافحته أو الحديث معه، ولو حاولنا يتم منعنا بقسوة، وقد نحرم بعد ذلك من حضور الجلسات.
ووصف شعوره بالاشمئزاز عندما يسمع اسم محكمة سالم ويقول "وترتسم في ذهني الذكريات السيئة واتخيل أبني الأسير باللباس البني، وهو مقيد اليدين والقدمين بين الجنود الذين يكنون له كل العدا".
رحلة عذاب
بينما يروى المسن أبو أسامة جبريل من قلقيلية حكايته مع المحاكم التي حضرها مع حفيده الأسير إسماعيل جبريل قبل إصدار حكم بحقه فيقول" رحلة محكمة سالم العسكرية يمكن أن نطلق عليها رحلة عذاب من شدة إجراءاتها وعدم الاحترام الإنسان فيها، وتعمد الاحتلال إذلال الأسير وعائلته، فهم لا يحترمون أحد ولا يقيمون وزناً لمريض أو كبير في السن او طفل أو امرأة.
ويضيف جبريل شاهدت في إحدى الجلسات مجندات ينزعن دبوس الحجاب عن النساء بحجة أنه معدن وتبقى المرأة ممسكة بحجابها بعد نزع الدبوس في منظر تقشعر له الأبدان، وصراخ الجنود على عائلات الأسرى وشتمهم في بعض الأحيان، واعتقال شباب يأتون لزيارة ذويهم في المحكمة، وقد حمدت الله كثيرا أنني تخلصت من الذهاب إلى جحيم محكمة سالم بعد الإفراج عن حفيدي إسماعيل، فمحكمة سالم بالنسبة لي شر مستطير لا أستطيع سماع اسمها، وأتجنب ذكرياتها المؤلمة.
حضور لرفع المعنويات
بدوره قال المحامي وئام اغبارية من الداخل الفلسطيني بأن المحاكم العسكرية في عوفر وسالم، يعرفها الكل الفلسطيني ، فما من بيت إلا وناله نصيب من عذابها، وذكرياتها المؤلمة ، ويؤكد بأن أهالي الأسرى يمتعضون كثيراً عند الاتصال بهم لإبلاغهم بمواعيد جلسات محاكمة أبنائهم ويتمتمون بكلمات تعبر عن مدى الانزعاج والتذمر من تلك الرحلة نظراً لمعاملة الجنود للأهالي والإجراءات الأمنية الاستفزازية التي يتعرضون لها، ورغم ذلك يصر الأهالي على الحضور جلسات محاكم أبنائهم في محاولة منهم للتخفيف عنهم ورفع معنوياتهم، والاطمئنان عليهم، ولشد أزرهم قبل الحكم عليهم.
وأكد إعلام الأسرى بأن سلطات الاحتلال حولت ساحات المحاكم أداة من أدوات التعذيب للأسير وأهله، وكذلك وسيلة ابتزاز بفرض الغرامات المالية الباهظة على الأسرى لإثقال كاهل عائلاتهم في ظل الوضع الاقتصادي المتردي.
وطالب إعلام الأسرى المؤسسات الدولية بضرورة تشكيل لجان قانونية متخصصة لزيارة محاكم الاحتلال العسكرية والاطلاع على أشكال الإهانة التي يتعرض لها أهالي الأسرى، وكذلك الأحكام التعسفية الانتقامية التي تفرضها على الأسرى وخاصة الأطفال، والأوامر الإدارية التعسفية التي تصدر من خلالها.