أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن قانون إعدام الأسرى، الذي أقَرَّته ما تُسمى "لجنة الأمن في كنيست الاحتلال" بالقراءة الأولى، مطبَّق فعليًا على أرض الواقع، لكن الاحتلال يسعى إلى تشريعه بشكل رسمي.
وأوضح المركز أن الاحتلال يقتل الأسرى بعدة وسائل ولا يحتاج إلى تشريع قانون لذلك، معتبرًا أن ارتقاء (77) شهيدًا من المعلومة هُوياتهم منذ أقل من عامين يؤكد أن الاحتلال يُعدم الأسرى سواء بإطلاق النار المباشر عليهم بعد الاعتقال والسيطرة الكاملة عليهم، أو خلال التعذيب المميت أثناء التحقيق كما يجري في معتقل "سديه تيمان"، أو لاحقًا عبر الإهمال الطبي والتجويع والاغتصاب وغيرها من الوسائل التي تؤدي في النهاية إلى قتل الأسرى.
وأشار إلى أن العشرات من الأسرى اعتُقِلوا وهم بصحة جيدة أو مصابون بجروح طفيفة، وبعد أيام أو أسابيع أعلن الاحتلال عن وفاتهم داخل السجون دون الكشف عن السبب الحقيقي للوفاة، وهو ما يندرج ضمن سياسة الإعدام المتعمَّد للأسرى داخل السجون أو خلال الاعتقال.
كما أعدم الاحتلال بدم بارد عشرات، إن لم يكن مئات، من أسرى غزة بعد اعتقالهم لساعات أو أيام أو أسابيع، سواء من خلال التحقيق المميت بأساليب محرَّمة دوليًا بما فيها الاغتصاب، أو عبر إطلاق النار المتعمد عليهم وقتلهم وهم مقيَّدون بالأيدي والأرجل، ما يؤكد أن السيطرة عليهم كانت كاملة دون أن يشكّلوا أي خطر. ومع ذلك لم يُكشف عن أسمائهم أو هُوياتهم حتى الآن، حيث يواصل الاحتلال جريمة الإخفاء القسري بحق أسرى غزة.
وبيّن مركز فلسطين أن الضجة التي افتعلها إعلام الاحتلال حول مصادقة الكنيست على مشروع إعدام الأسرى تأتي في هذا الوقت تحديدًا للضغط على المقاومة في غزة لتقديم تنازلات، إضافة إلى محاولة فرض سياسة ردع للحد من العمليات التي ينفذها الفلسطينيون في الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، فضلًا عن سعي الاحتلال لإرضاء المتطرف "بن غفير" الذي يقف شخصيًا خلف هذا القانون ويحاول فرضه منذ سنوات.
وكشف المركز أن هذه ليست المرة الأولى التي يصادق فيها الكنيست على قانون إعدام الأسرى، حيث أقرّه بالقراءة التمهيدية في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بتأييد 52 عضوًا ومعارضة 48، وكان أحد أبرز شروط المتطرف "بن غفير" للانضمام إلى حكومة الاحتلال أواخر عام 2022. وفي آذار/مارس 2023 صادق الكنيست بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون إعدام الأسرى الذي تقدم به "بن غفير" في ذلك الوقت.
وأوضح أن الاحتلال بالفعل يقتل الأسرى، إذ بلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 (314) شهيدًا، بينما ارتقى منذ بدء حرب الإبادة على غزة (77) شهيدًا، وهو رقم ضخم خلال فترة وجيزة، ما يشير إلى تطبيق قانون الإعدام فعليًا، فيما يسعى الاحتلال إلى الحصول على غطاء رسمي من أعلى سلطة تشريعية لديه، وهو "الكنيست"، لضمان الإفلات من المساءلة حتى وإن كانت شكلية.
وأكد مركز فلسطين أن قانون إعدام الأسرى قانون عنصري يستهدف الأسير الفلسطيني دون غيره، حيث تمت إضافة بند خاص ينص على أن "العمل يجب أن يكون ضد نهضة الشعب اليهودي على أرض إسرائيل"، وهو ما لا ينطبق على أي معتقل إسرائيلي قد يرتكب جريمة قتل بحق فلسطيني.
وطالب المركز المنظمات الحقوقية الدولية بالتدخل العاجل وتشكيل لجان تحقيق لكشف جرائم الإعدام داخل السجون التي ارتكبها الاحتلال خلال الأشهر والسنوات الماضية، والضغط لوقف تشريع قانون الإعدام بحق الأسرى كونه غير قانوني ولا يستند إلى أي شرعية، ويهدف فقط إلى تبرير وتشريع جرائم القتل الممنهج بحقهم.