تقرير/ إعلام الأسرى

كشف الأسير المحرر محمد العسلية في شهادة مؤلمة لمكتب إعلام الأسرى، عن جانب من الانتهاكات والتعذيب الذي تعرّض له الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال بعد السابع من أكتوبر، مؤكدًا أن ما جرى داخل المعتقلات يفوق الوصف.

وقال العسلية إنه اعتُقل برفقة والده وشقيقه أثناء تواجدهم في منطقة الصناعة بخان يونس، حيث داهمت قوات الاحتلال المكان واعتقلت المئات من المواطنين. وأضاف:

“وقفونا صفوف خمسة بخمسة، كنت بين والدي وأخي، فاختاروني واعتقلوني، وطلبوا من الباقين التوجه نحو البحر، ثم أخذوا بطاقتي الشخصية واسمي، وبعدها أمروني بخلع ملابسي وارتداء ثوب أبيض، وغطّوا عينيّ وقيّدوا يديّ، وبقيت حتى منتصف الليل تحت الضرب والإهانة.”

وتابع الأسير المحرر قائلاً إن جنود الاحتلال نقلوه بشاحنة إلى مكان مجهول قرب الحدود، حيث خضع لتحقيق ميداني تخلله الضرب والتعذيب الشديد، قبل أن يتم نقله إلى الداخل الفلسطيني المحتل، حيث تواصلت الانتهاكات بشكل ممنهج.

وأوضح العسلية أنه احتُجز في سجن “سديه تيمان” داخل بركسات مكتظة لمدة 21 يومًا، وسط ضرب متواصل وتجويع متعمد، حيث كان الطعام قليلًا ورديئًا، مشيرًا إلى أن إدارة السجن كانت ترش غاز الفلفل الحارق وتطلق الكلاب فوق الأسرى في مشاهد من التنكيل الجماعي.

وأضاف أنه نُقل بعد ذلك إلى بركسات في القدس حيث استمر القمع والتعذيب لشهرين، ثم إلى معتقل عوفر التابع للجيش الإسرائيلي، حيث عاش ظروفًا قاسية في الزنازين، تخللها الضرب والإهمال الطبي المتعمد.

وأشار العسلية إلى أنه نُقل لاحقًا إلى سجن النقب الذي وصفه بأنه “الأسوأ”، موضحًا أنه تعرض هناك إلى سكب مياه ساخنة عليه ما تسبب بحروق في رقبته ورجليه، وسط استمرار سياسة التجويع والحرمان من العلاج وانتشار أمراض مثل الجرب والدمامل بين الأسرى دون أي رعاية طبية.

واستذكر الأسير المحرر أحد المواقف التي وصفها بـ”الأقسى”، قائلًا:

“في إحدى الليالي، وبينما كنا نائمين، اقتحموا الغرف مع الكلاب وأطلقوا الغاز داخلها، فاختنقنا حتى كدنا نموت، كما وضعوني مرة في قفص وأطلقوا عليّ كلبًا مزق وجهي.”

وتؤكد هذه الشهادات حجم الانتهاكات الممنهجة والتعذيب المروّع الذي يتعرض له الأسرى الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال منذ اندلاع الحرب على غزة، في ظل صمت دولي مريب وعجز المؤسسات الحقوقية عن التدخل لوقف هذه الجرائم