لا يغادر طيف حرية الأسير رائد خليل خيال زوجته الصابرة وأبنائه الخمسة. ينتظرون يوم خلاصه وعودته إلى حياتهم، بعدما تركهم جميعًا في عمرٍ صغير؛ فأصغرهم كان بعمر 20 يومًا فقط عند اعتقاله، وأكبرهم لم تتجاوز الـ13 عامًا. وفي تلك السنّ الغضّة واجهوا مع والدهم حكم السجن المؤبد وقرار هدم منزل العائلة، ثم عاشوا مرارة تكرار حرمانه من إدراج اسمه في صفقات الحرية.
تعيش عائلة الأسير رائد محمود خليل (47 عامًا)، من سكان دورا/الخليل، قلقًا متواصلًا على أوضاعه، خصوصًا بعد نقله إلى سجن نفحة الذي يعرف عنه القمع والتنكيل والتجويع، كما أكّد أحد الأسرى المحررين للعائلة.
وتحدّثت عائلة الأسير لـ"مكتب إعلام الأسرى"، مؤكدة أن أخبارًا وصلت إليهم تفيد بأنه فقد نحو 30 كغم من وزنه، وأصيب عدة مرات بمرض "السكابيوس" المنتشر بين الأسرى، وتعافى منه. ولا تملك العائلة أي معلومات حديثة عنه، إذ كانت آخر زيارة تمت له في شهر فبراير، ومنذ ذلك الوقت لم يتمكّنوا من زيارته بسبب تأخر إجراءات توكيل محامٍ خاص وصعوبة الزيارة في سجن نفحة.
وبحسب العائلة، فقد علموا في آخر زيارة أن ظروف الاعتقال سيئة للغاية؛ فالمياه المتوفرة باردة فقط، ويُحرم الأسرى من الاستحمام بمياه دافئة. ومنذ بدء حرب الإبادة على غزة وفرض حالة الطوارئ على السجون، يُمنع الأسرى من أبسط حقوقهم، حتى الحلاقة مُنعوا منها، إضافة إلى القمع والتنكيل الدوري. كما مُنع محامي الأسير عدة مرات من زيارته دون أي مبرر.
ومع استمرار تطبيق حالة الطوارئ، وزيادة تهديدات بن غفير والحكومة الإسرائيلية بإقرار عقوبة الإعدام لأسرى العمليات، يزداد قلق العائلة على مصير رائد، خصوصًا أن اسمه كان مُدرجًا في إحدى صفقات المقاومة قبل أن يستخدم الاحتلال "حق النقض" لسحب اسمه. وازدادت صدمتهم حين لم يظهر اسمه أيضًا ضمن صفقة "طوفان الأحرار"، وكانت تلك الأيام ثقيلة ومؤلمة على العائلة.
ترك الأسير رائد خليل خلفه زوجة صابرة احتسبت رباطها، وواجهت وحدها مسؤولية تربية أبنائه الخمسة. التوأم محمود ورؤيا، اللذان كانا بعمر 20 يومًا عند اعتقال والدهم، يبلغان اليوم 10 سنوات، وهو نفس عمر غيابه عنهم. أما ابنته البكر رؤى، التي كانت بعمر 13 عامًا، فقد كبرت وتخرّجت من الجامعة وتزوجت دون أن يحظى والدها بفرصة مشاركتها فرحتها.
كما كبر ابناه الآخران، وديع (21 عامًا) وربيع (16 عامًا)، بعيدًا عن وجود والدهم ودعمه، وتحملت والدتهم كامل عبء تربيتهم، وكانت مثالًا للأم الصامدة أمام قرارات الاحتلال الجائرة: حكم المؤبد المكرر مرتين و20 عامًا إضافية، وهدم المنزل عام 2016، ثم إعادة بناء منزل آخر لاحقًا.
وفي نوفمبر 2015 نفّذ الأسير رائد خليل عملية طعن في تل أبيب أسفرت عن مقتل اثنين من الاحتلال، ليتم اعتقاله بتاريخ 19/11/2015، وإصدار حكم المؤبد بحقه وهدم منزله. ولا تزال عائلته تنتظر حريته حتى اليوم.
وتطالب العائلة كافة المؤسسات الحقوقية، ووزارة الأسرى، والصليب الأحمر، والمجتمعين العربي والإسلامي، بالتحرك العاجل لإنقاذ الأسرى من سجون الاحتلال، في ظل المعلومات المتواترة عن استمرار الإجراءات القمعية وسحب إنجازات الحركة الأسيرة منذ بدء العدوان على غزة.