ناصر عويص: أسيرٌ بإرادة من حديد لا تعرف عنه عائلته أيَّ أخبارٍ منذ حرب الإبادة على قطاع غزة
تقرير/ إعلام الأسرى

تعرِفُه عائلته إنسانًا صلبًا بمعنوياتٍ حديدية، يرفض أن تصلهم عنه إلا الأخبار التي تطمئن قلوبهم، بينما يعيش هو — منذ إعلان حالة الطوارئ في سجن نفحة عقب حرب الإبادة على قطاع غزة — عزلة تامة عن أخبار العالم الخارجي. لم تره عائلته، ولم تتح لها فرصة الاتصال به، وتؤكد شقيقته أن إرسال محامين لزيارته أمرٌ في غاية الصعوبة.

الأسير ناصر محمود عويص (55 عامًا)، من سكان مخيم بلاطة في مدينة نابلس، يؤثر الاحتفاظ بالأخبار المتعلقة بظروف اعتقاله وأوضاعه الصحية لنفسه. وتقول شقيقته في حديثٍ لمكتب إعلام الأسرى إنه لا يحب أن يشكو همه لأحد سوى الله، ويحرص دائمًا على رفع معنوياتهم ومعنويات محيطه من الأسرى. وقد حاولت العائلة مرارًا زيارته منذ حرب الإبادة، لكن سجن نفحة — ونظرًا لبعده الجغرافي — يجعل زيارات المحامين غاية في الصعوبة.

ناصر عويص مثالٌ للأسير المحب للحياة، ولا يتعارض ذلك بالنسبة له مع مبادئ النضال والوطنية. حصل على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة النجاح الوطنية، وكان أحد أبرز القادة الناشطين في كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، وأحد قادة حركة الشبيبة الفاعلين في جامعة النجاح. ولا يزال حتى اليوم قائدًا بارزًا خلف سجون الاحتلال، ومن رموز الحركة الأسيرة الذين قدّموا دماءهم وأمعاءهم لتحصيل إنجازات الحركة في السجون.

شارك الأسير ناصر عويص في عمليات استهدفت مواقع الاحتلال ومستوطنيه قبل الانتفاضة الأولى، وكان من أوائل قيادات الصفوف في الانتفاضة، وشارك في رمي الحجارة والزجاجات الحارقة على قوات الاحتلال. وكان أيضًا من أبرز شباب حركة فتح في مخيم بلاطة ومدينة نابلس عمومًا. تطوّر عمله النضالي، وشارك في هبة النفق عام 1996، وكان قائد معركة قبر يوسف عام 2000، ومنذ ذلك الوقت أصبح من أبرز المطلوبين للاحتلال وتعرض للمطاردة. وهو أحد مؤسسي كتائب شهداء الأقصى الفاعلين، الذين كانت لهم بصمة كبيرة في العمليات التي أوجعت الاحتلال.

في عام 2002، شارك ناصر عويص في عملية قاعة قصر داود في الخضيرة، وعملية فندق بارك (جارمي) في نتانيا في العام نفسه، وشارك في عملية إطلاق نار في القدس، وكانت له بصمة واضحة في إيقاع قتلى في صفوف الاحتلال. وتعرض لسلسلة اعتقالات خلال مسيرته النضالية؛ ففي عام 1986 اعتقله الاحتلال لأول مرة وصدر بحقه حكم بالسجن الفعلي مدة خمس سنوات. وفي الانتفاضة الأولى كان من أوائل المشاركين الفاعلين حتى تعرض لإطلاق النار. وفي عام 1992 جرى إبعاده إلى الأردن مدة عامين. وبتاريخ 13/4/2002 اعتقله الاحتلال في كمين بمنطقة الفارعة بعد مطاردة طويلة، وخضع لتحقيقٍ طويل، ولاحقًا أصدرت المحكمة بحقه حكمًا بالسجن المؤبد 14 مرة إضافة إلى 50 عامًا.

لم تنطفئ جذوته النضالية رغم الاعتقال والمطاردة الطويلة؛ فقد حصل على درجة الماجستير من داخل الأسر، ولا يزال يُعد من قادة الحركة الأسيرة ومن كبار المسؤولين عن عناصر حركة فتح في السجون. وشارك في تخطيط وتنفيذ العديد من البرامج النضالية ضد إدارة السجون طلبًا لتحسين ظروف الاعتقال، وتعرّض — لقاء مبادئه ونضاله داخل الأسر — للعزل الانفرادي عدة مرات ولسنوات طويلة.

وعانت عائلة الأسير ناصر عويص صفحاتٍ من الألم هي الأخرى؛ فإضافة إلى أسره وحكمه القاسي، ومنع الاحتلال إدراج اسمه في صفقات التبادل كافة، فقد تعرض منزل العائلة للهدم عقب اعتقاله. واستشهد شقيقه زهير عويص وابن أخيه محمد عويص، كما توفي والده خلال فترة اعتقاله دون أن يُسمح له بوداعه.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020