اتهم مركز فلسطين لدراسات الأسرى الاحتلال باختلاق تهمة التحريض لتبرير اختطاف عشرات النساء الفلسطينيات واحتجازهن في ظروف قاسية غير إنسانية، وهي تهمة فضفاضة غير محددة وغير مدعومة بأدلة واضحة.
وأوضح مركز فلسطين أن الاحتلال صعد بشكل كبير جداً من استهداف النساء الفلسطينيات بالاعتقال منذ حرب الإبادة على قطاع غزة، حيث وصلت حالات الاعتقال بين النساء والفتيات ما يزيد عن (600) حالة اعتقال، بينما يواصل الاحتلال اعتقال (48) أسيرة في ظروف قاسية، أكثر من (40) منهن معتقلات بتهمة التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي.
مدير المركز الباحث رياض الأشقر قال إن مخابرات الاحتلال تتحجج بتهمة التحريض لاعتقال النساء الفلسطينيات والزج بهن في ظروف اعتقال وتحقيق قاسية ومهينة بهدف الانتقام والترهيب، مستهدفة أمهات الشهداء والناشطات الاجتماعيات وطالبات الجامعات بشكل خاص، ويحتجزهن لشهور طويلة دون أي تهمة واضحة، بينما قام بتحويل (12) منهن إلى الاعتقال الإداري التعسفي.
وبيَّن الأشقر أن الاحتلال يعتبر إعادة نشر مقاطع فيديو عن الجرائم التي ارتكبت في قطاع غزة تحريضاً، كذلك نشر صور الشهداء أو الدعاء لهم، أو الحديث عن عمليات المقاومة أو أي مادة لها علاقة بفضح جرائم الاحتلال أو تأييد المقاومة، هو تحريض يستوجب التحقيق والاعتقال في ظروف قاسية لشهور طويلة أو الزج في الاعتقال الإداري.
وأوضح الأشقر أن كافة المواثيق الدولية والمعاهدات أفردت نصوص واضحة وأتاحت لكل شخص التعبير عن رأيه ومعتقداته بحرية وبأي طريقة يراها مناسبة، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1966، والميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان سنة 1950، والميثاق الأمريكي لحقوق الإنسان سنة 1969، بينما نصت المادة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على "حق كل إنسان في اعتناق الآراء دون مضايقة والتعبير عنها ونقلها للآخرين دونما اعتبار للحدود بالوسيلة التي يختارها".
وكشف الأشقر أن الاحتلال يتعمد اعتقال النساء الفلسطينيات بعد منتصف الليل باقتحام منازلهن بطريقة عنيفة وهمجية وسط صراخ الأطفال ومحاولات الكبار وقف الاعتقال الذي لا يوجد له مبرر، والذي يتم بعد تحطيم محتويات المنزل بحجة التفتيش، وتقييد أيديهن وعصب أعينهن بقسوة، ونقلهن عبر الآليات العسكرية إلى مراكز التحقيق والاعتداء عليهن بالضرب والشتم والتنكيل.
وبيَّن الأشقر أن الأسيرات في سجن الدامون محرومات من أبسط مقومات الحياة، وقد تصاعدت عمليات الانتقام والتنكيل والتضييق بحقهن بعد حرب الإبادة على القطاع، وشملت كل جوانب حياتهن بما فيها حقوقهن الدنيا التي نصت عليها كافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بالمرأة، حيث وصل الأمر إلى الحرمان من الطعام وممارسة سياسة تجويع متعمدة، إضافة إلى انتهاك خصوصية الأسيرات بوضع كاميرات مراقبة في كل أنحاء السجن وساحة الفورة، والإهمال الطبي المتعمد.
بينما قامت إدارة السجون مؤخراً بتفعيل ما يسمى "بالفحص الأمني" المهين، والذي فرض عليهن بداية الحرب على غزة، ويتمثل في إجبار الأسيرات على الركوع على الركبتين وتوجيه رؤوسهن نحو الحائط خلال العدد اليومي المتكرر بهدف الإذلال والإهانة والإرهاق.
كما تقوم الوحدات الخاصة باقتحام غرفهن وتنفيذ عمليات قمع تقوم خلالها بتكبيل الأسيرات بقيود مشددة إلى الخلف، وعصب أعينهن، وإخراجهن بطريقة مذلة ومهينة، ورش الغاز عليهن إذا اعترضن عن المعاملة السيئة، ويقوم في بعض الأحيان بتصويرهن وسط ضحكات الجنود وسخريتهم.
وقال الأشقر إن تهمة التحريض طالت القاصرات حيث يعتقل الاحتلال أسيرتين قاصرتين لا تتجاوز أعمارهن الـ16 عاماً، وهما "سالي صدقة" و"هناء حماد"، بينما لا يزال الاحتلال يعتقل الأسيرة "تهاني أبو سمحان" من الداخل المحتل، والتي وضعت مولودها في سجن الدامون قبل شهرين ونصف، حيث كانت معتقلة وهي حامل بتهمة التحريض أيضاً، ورفض الاحتلال إطلاق سراحها لتلد في الخارج، لتضع مولودها في السجن، وبذلك يعتبر أصغر أسير في سجون الاحتلال.
كذلك يواصل اعتقال الأسيرة "فداء سهيل عساف" (49 عاماً) من بلدة كفر لاقف بمحافظة قلقيلية، معتقلة منذ فبراير 2025 بحجة التحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أنها مصابة بالسرطان في الدم وحالتها الصحية صعبة وفي تدهور مستمر دون تلقى علاج مناسب.
وطالب مركز فلسطين المؤسسات الدولية الحقوقية والإنسانية، وخاصة المعنية بقضايا المرأة، بالتدخل بشكل حقيقي، وأن يكون لها دور فاعل في وضع حد لسياسة اعتقال النساء والفتيات الفلسطينيات بحجج واهية والزج بهن في ظروف اعتقال قاسية دون تهم واضحة بحجة التحريض، والضغط لإطلاق سراحهن لعدم وجود مبرر حقيقي لاعتقالهن.