الدامون.. شهادات لأسيرات مختنقة بجدران القمع والعزل

بين جدران رطبة عتيقة، وعلى جبل الكرمل المعزول، تُساق عشرات الأسيرات الفلسطينيات إلى سجن الدامون؛ حيث تتحول الزنازين إلى مقابر باردة، والحرمان إلى سياسة ممنهجة، والقمع إلى يوميات تتكرر دون توقف. شهادات الأسيرات تفضح صورة مأساوية من التعذيب الممنهج والإهمال الطبي والاعتداءات الجسدية والنفسية، في مخالفة صارخة لكل المواثيق الدولية. هنا تُسرد الحكايات التي تحاول إدارة السجون طمسها، لكن أصوات النساء المقاومات تتسرّب رغم القيود لتروي الحقيقة.

سياسة التعذيب الممنهج في سجن الدامون

⦁ تفتيش عارٍ ومهين: جميع الأسيرات خضعن للتفتيش الجسدي القسري عند الاعتقال، وفي كل تنقّل يتعرضن لألفاظ بذيئة وتهديدات صريحة بالاغتصاب.

⦁ ضرب مبرّح وممارسات إذلال: سُحل بعضهن أرضا، ضُربن على الرأس والبطن، وتمت مصادرة أغراضهن بالقوة، بما في ذلك الجلباب والحجاب.

⦁ تقييد بالسلاسل أثناء العلاج: الحوامل والمرضى يُنقلن إلى الفحوصات وهنّ مكبلات بالأيدي والأرجل، ومرتبطة بسلاسل حديدية إلى الكلاب البوليسية.

⦁ إهمال طبي متعمّد: يُترك الألم ليطول، لا يصرف الدواء، والأسيرات يتشاركن وجع المرض والجوع في الغرف والزنازين المغلقة.

⦁ حرمان من الخصوصية: كاميرات داخل الزنازين، أبواب لا تغلق في الحمامات، تهديد دائم واستفزاز نفسي.

⦁ قمع نفسي متواصل: يُحرمْن من رؤية صور أبنائهن، ويُمنع عنهن أي خبر إلا ما يسبب الألم.

⦁ احتجاز للقاصرات والحوامل: لا يُراعى عمر صغير أو حمل، الكل يُعامل كأنه عدو بلا حقوق.

واقع سجن الدامون

⦁ مبنى قديم متهالك ورطب.

⦁ غرف ضيقة مكتظة بلا تهوية أو إضاءة.

⦁ حرمان من الملابس والأغطية.

⦁ اقتحامات متكررة بعنف وكلاب وغاز.

⦁ سياسة عزل مستمرة، وإهمال طبي ممنهج.

⦁ حرمان الأمهات من أبنائهن، وعزلهن عن الحياة.

شهادات الأسيرات عن القمع والمعاناة

⦁ شهادة الأسيرة ولاء السلعوس: كشفت عن اقتحامات مفاجئة تتخللها تفتيش مهين، جرّ وضرب للأسيرات، رش المياه داخل الغرف، وعزل تعسفي. وأكدت أن السجن يفتقر للاحتياجات الأساسية من ملابس وأدوات نظافة.

⦁ شهادة الأسيرة إباء الأغبر: قالت: "الأواعي يلّي معنا إنهرَت ومش قابلين يغيّروها". تحدثت عن الحرمان من الملابس والأدوات الصحية، القمع اليومي، والإهمال الطبي المتعمد، لكنها ختمت قائلة: "بظلّ سجن، بس إحنا أقوى منهم".

⦁ شهادة الأسيرة ماسة غزال: خلال شهر واحد، تعرضن لثماني عمليات اقتحام، أسيرة نُزع قرطاها بالقوة ما سبب نزيفًا، وثلاث أسيرات ينمن على الأرض لعدم وجود أسرّة.

⦁ شهادة الأسيرة سيرين الصعيدي: تقول: "منذ الفجر يبدأ الصراخ والسباب حتى الصباح... حياتنا محاصرة بالتفاصيل الصغيرة التي يحولها السجان إلى معركة".

⦁ شهادة الأسيرة عائشة العبيات: عاشت عزلاً طويلاً، ثم انتقلت إلى الدامون حيث "القمعات يومياتنا"، مؤكدة حرمان الأسيرة ولاء من العلاج وهي مقيدة تنزف.

⦁ شهادة الأسيرة شهد حسن: تقول: "الوضع لا يُطاق... الفورة ربع ساعة فقط وتشمل الحمام... في يوم عيد ميلادي قمعوا غرفتنا وجلسونا بالساحة مع الكلاب".

⦁ شهادة الأسيرة تسنيم عودة: اعتُقلت بسبب منشور قديم على فيسبوك، عُذبت بالتحقيق، ونُقلت بين السجون بتفتيش عارٍ وضرب وإهمال. وصفت الدامون بأنه "مغلق خانق مكتظ بـ 43 أسيرة".

⦁ شهادة الأسيرة أماني النجار: وصفت المكان: "بيئة خانقة، نص معلقة لبنة لكل صبية، مرض جلدي معدٍ ينتشر، والفورة دقائق مكبلات".

⦁ شهادة الأسيرة شيرين الحمامرة: تقول: "لا شيء يشبه السجن إلا نفسه"، وتروي تفاصيل اعتقالها واقتحام منزلها، ثم تضيف: "حين ودعتني أمي قالت: إذا كان ثمن حرية عز الدين أن أكون أسيرة، فأنا لا أبالي. أنا قوية. أنا أخت عز الدين".

⦁ شهادة الأسيرة إيمان الشوامرة: اشتكت من الرطوبة الخانقة، الضرب على الأبواب، والسخرية المستمرة من السجانين، مؤكدة أنها تشتاق لابنها يوسف وتقول: "بدي أحضن يوسف".

⦁ شهادة الأسيرة دلال حلبي: تقول: "من يوم ما دخلت الدامون وأنا أعيش القمع... حتى النظافة معدومة، الصغيرات يستعملن قطع البطانيات بدل الفوط الصحية".

⦁ شهادة الأسيرة بنان أبو الهيجا: تؤكد أنهن يعشن بين رطوبة وعفن، والحوامل بلا رعاية، وكل اقتحام يترك ندوبًا جديدة.

⦁ شهادة الأسيرة أمل الحجاوي: تقول: "الغرفة أشبه بالقبر... الطعام سيئ، الدواء ممنوع، الشتائم حاضرة دائمًا".

⦁ شهادة الأسيرة ميسون مشارقة: وصفت الغرف المكتظة، نقص الملابس، انتشار الأمراض الجلدية، لكنها قالت: "نخيط الفرح من بقايا الألم".

⦁ شهادة الأسيرة فاطمة عبد الفتاح: أكدت تفشي الحساسية الجلدية، فقدان الخصوصية، ونقص الاحتياجات الأساسية في ظل استهتار طبي.

وهذه الشهادات غيض من فيض لشهادات أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها كلها، فما ورد هنا نماذج لقائمة تطول وتطول.

سجن الدامون مسرح مفتوح لانتهاكات منهجية تهدف إلى كسر الأسيرات الفلسطينيات نفسيًا وجسديًا. شهاداتهن توثق قسوة لا تليق بالآدمية، وتكشف للعالم حقيقة الاحتلال الذي يتباهى بالديمقراطية فيما يمارس أبشع صور القمع خلف الجدران. وبين الرطوبة والعتمة والحرمان، تصنع الأسيرات إرادة لا تنكسر، ويرسمن رسائل صمود وأمل تتحدى الجلاد وتنتظر فجر الحرية.

بدوره، أكد مكتب إعلام الأسرى أن ما ورد في شهادات الأسيرات من تفاصيل التعذيب والإذلال في سجن الدامون سياسة ممنهجة تمارسها إدارة السجون بحق النساء الفلسطينيات في إطار حرب نفسية وجسدية تهدف إلى كسر إرادتهن.  

وشدد المكتب على أن استمرار هذه الانتهاكات، وسط صمت دولي، يجعل المؤسسات الحقوقية والجهات الرسمية مطالبة بالتحرك العاجل لمحاسبة الاحتلال على جرائمه، وضمان حماية الأسيرات ووقف مسلسل القمع الممنهج الذي يتعرضن له يوميًا.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020