49 أسيرة في سجن الدامون.. أوجاعٌ صامتة في اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية
تقرير/ إعلام الأسرى

في اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية، تبقى جدران سجن الدامون شاهدةً على نزيف أعمار النساء خلف القضبان ، حيث تقبع 49 أسيرة فلسطينية في السجون، يحملن في وجوههن وجع الفراق والتنكيل، وتجويعًا ممنهجًا، وأوامر اعتقالٍ إداريٍ بلا سقف، وحرمانًا من أبسط الحقوق الإنسانية — من العلاج والتعليم وحتى التواصل مع العائلة.

منذ حرب السابع من أكتوبر، صعّد الاحتلال من ممارساته بحق الأسيرات، فاشتدّ القمع، وكثرت الاقتحامات الليلية، وتضاعفت الإهانات والتفتيشات المهينة، حتى وصل الأمر إلى التهديد بالاغتصاب والتحرش اللفظي أثناء التفتيش.

تشير إحصائية مكتب إعلام الأسرى إلى أن عدد الأسيرات بلغ حتى لحظة إعداد التقرير 49 أسيرة، بينهن أسيرة واحدة من غزة هي تسنيم الهمص، وطفلتان قاصرتان:

سالي محمد صدقة (17 عامًا) من قرية المدية قضاء رام الله، معتقلة منذ 5 يناير 2025.

هناء هيثم حماد (17 عامًا) من الخليل، حُوّلت إلى الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر في يونيو الماضي.

الأسيرة حماد واحدة من 12 أسيرة معتقلة إداريًا دون سقفٍ زمني، فيما تنحدر 14 أسيرة من محافظة الخليل وحدها، بينما أعاد الاحتلال اعتقال 6 أسيرات محررات سابقًا.

ومن بين الأسيرات المريضات، تبرز حالة فداء عساف من كفر لاقف – قلقيلية، المصابة بـ سرطان الدم.

كانت حالتها مستقرة قبل اعتقالها، لكن سوء ظروف الاعتقال في الدامون وتدهور وضعها الصحي جعلا حياتها اليوم في خطرٍ حقيقي، وفقًا لتأكيدات محاميتها.

زيارات المحامين، وعلى رأسهم المحامي حسن عبادي، تكشف حجم التدهور:

قمعات ليلية، إطفاء دائم للأنوار، حرمان من النظافة، وطعام لا يصلح للاستهلاك الآدمي — بضع حبات رزٍ غير مطهي، غياب الحلوى والفواكه، قطعة واحدة للصلاة، رطوبة خانقة، وانعدام تام للرعاية الطبية.

يُضاف إلى ذلك التفتيش العاري والتهديد بالاعتداء الجنسي والتحقير اللفظي، في مشهدٍ يعكس أبشع وجوه الإهانة الإنسانية التي تمارس بحق النساء الفلسطينيات.

تُعتقل كثير من الأسيرات اليوم بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تحت تهمة "التحريض"، وبعضهن اعتُقلن على حواجز الاحتلال دون سببٍ واضح، مثل الأسيرة المحامية بنان أبو الهيجا من طولكرم، التي اعتُقلت على حاجز جبارة أثناء عودتها للاطمئنان على ابنتها المريضة.

بعد خمسة أيام فقط من اعتقالها، توفيت والدتها المصابة بالسرطان، وحرمت من وداعها الأخير.

ولا تزال بنان معتقلة إداريًا منذ 7 مايو 2025، بتمديدٍ متكرر، دون معرفة مصيرها أو موعد حريتها.

أما الأسيرة شاتيلا أبو عيادة (32 عامًا) من كفر قاسم، فهي أقدم الأسيرات وأعلاهن حكمًا، تقضي حكمًا بالسجن 16 عامًا منذ عام 2016 بتهمة تنفيذ عملية طعن في القدس.

ورغم المرض والعزلة، أكملت شاتيلا دراستها الثانوية والجامعية في علم النفس، وتُعد اليوم الأم الروحية للأسيرات الجدد، رمزًا للقوة والثبات داخل الزنازين.

وفي الجناح ذاته، تقبع الأسيرة آية الخطيب من عرعرة – أم لطفلين – تقضي حكمًا بالسجن أربع سنوات منذ سبتمبر 2023، بسبب نشاطها الإنساني وجمعها للتبرعات، ولا تزال مثالًا للجسارة والأمل بين الأسيرات.

كما تواصل الأسيرة الصحفية بيان الجعبة من القدس معركتها مع الحبس المنزلي القاسي منذ اعتقالها في 28 فبراير 2025 من داخل المسجد الأقصى.

وُضعت مولودها يزن وهي رهن الحبس المنزلي، ولا يزال محرومًا من التسجيل الرسمي ومن الخدمات الطبية، في وجهٍ آخر من وجوه العقاب الجماعي الممتد للأم والطفل معًا.

إن ما يجري بحق الأسيرات الفلسطينيات وصمة عارٍ في جبين الإنسانية، يتطلب تحركًا عاجلًا من مؤسسات حقوق الإنسان والمرأة، لإنقاذ طفولتهن المسروقة، وأجسادهن المنهكة، وحقهن في الحياة والحرية.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020