تقارير وحوارات

الأسير خالد مخامرة: جسدٌ يذوب تحت الإهمال الطبي و53 كغم من الصمود

مرّت تسع سنوات منذ غادر الأسير خالد محمد موسى مخامرة (30 عامًا) بلدته يطا قضاء مدينة الخليل، قاصدًا طريق الكرامة، وحاملًا حب وطنه وحلمه بأن يراه حرًا، حتى وإن كان الثمن حريته هو.
عاش خالد شابًا هادئًا، محبًا للحياة والتعلّم، وكان على وشك إنهاء دراسته في تخصص الهندسة الإلكترونية، بعد أن حصد معدل امتياز في امتحانات الثانوية العامة – الفرع العلمي، وحصل على منحة دراسية في جامعة مؤتة. غير أنه لم يُكمل الفصل الأخير من دراسته في كلية الهندسة، وآثر أن يتجه بخطواتٍ شجاعة نحو مصيرٍ مختلف تمامًا.
تواصل مكتب إعلام الأسرى مع عائلة الأسير خالد مخامرة للوقوف على مستجدات وضعه الصحي، والانتهاكات التي يتعرض لها منذ اعتقاله في سجون الاحتلال، ولتسليط الضوء على ظروف أسره في ظل حالة الطوارئ المستمرة داخل السجون. ويُعد خالد أحد أسرى المؤبدات من محافظة الخليل، التي يبلغ عددهم 28 أسيرًا، وهو العدد الأعلى بين محافظات الوطن كافة.
وُلد الأسير خالد مخامرة في مدينة يطا بمحافظة الخليل بتاريخ 2/8/1995. وقد رافقه ابن عمه، الأسير محمد أحمد مخامرة (30 عامًا)، في مختلف مراحل حياته؛ من الأحلام والدراسة والسفر، وصولًا إلى الاعتقال والحكم المؤبد. فبتاريخ 8/6/2016 نفّذ الشابان عملية إطلاق نار نوعية في مدينة تل أبيب، أسفرت عن مقتل أربعة مستوطنين وإصابة ستة آخرين بجراح متفاوتة، واعتُقلا في اليوم ذاته، في واحدة من العمليات التي شكّلت آنذاك ضربة موجعة للاحتلال.
وفي 9/6/2016، أي بعد يوم واحد من العملية، اعتُقل الأسير يونس عايش عوض (29 عامًا)، الذي قدّم المساعدة للأسيرين مخامرة في تنفيذ العملية. وبتاريخ 9/11/2017، أصدرت محاكم الاحتلال أحكامًا بالسجن المؤبد المكرر أربع مرات، إضافة إلى 60 عامًا بحق الأسرى الثلاثة، إلى جانب غرامة مالية تجاوزت مليوني شيقل.
وتؤكد عائلة الأسير خالد مخامرة أنه تعرّض، منذ لحظة اعتقاله، لسلسلة من الانتهاكات؛ إذ أمضى فتراتٍ متقطعة في زنازين العزل الانفرادي، وعانى من إصابة في قدمه بشظايا رصاص. ومع اندلاع حرب السابع من أكتوبر واستمرار حالة الطوارئ داخل السجون، تفاقمت معاناته، ولا سيما نتيجة سياسة التجويع التي أدت إلى تراجع وزنه بشكل خطير، حتى وصل إلى 53 كيلوغرامًا فقط.
ويقبع الأسير خالد مخامرة حاليًا في سجن جلبوع. وتشير عائلته، عقب زيارة محاميه الأخيرة، إلى أنه جرى إدخال ملابس شتوية وبطانيات إلى القسم الذي يُحتجز فيه. كما أوضحت أنه كان قد أُصيب سابقًا بمرض السكابيوس (الجرب)، وتعافى منه لاحقًا، فيما تُعد أوضاعه الصحية مستقرة نسبيًا في الوقت الراهن.
وكغيره من أسرى المؤبدات، حُرم الأسير خالد مخامرة، إلى جانب أفراد خليته، من نيل الحرية في صفقة “طوفان الأحرار” الأخيرة، ليبقى المؤبد قيدًا مفتوحًا بلا أفق.
ورغم قسوة السجن، لم يسمح خالد لسنوات الأسر أن تنتصر على صبره أو عقله المتقد؛ فقد أتم حفظ القرآن الكريم داخل الأسر، وتعلّم اللغة العبرية، محافظًا على توازنه الإيماني والفكري. وحتى اليوم، لا تزال عائلته تنتظر أن يطرق طيف حريته أبوابها، وأن تتحول السنوات التسع الماضية إلى ذكريات صبرٍ مضت ولن تعود.

المصدر
تقرير/ إعلام الأسرى
زر الذهاب إلى الأعلى