تعمد إدارة السجون الصهيونية إلى نقل بعض الأسرى بشكل فردي أو جماعي من سجن إلى آخر، ورغم أنها تحاول إظهارها على أنها ذات أهداف ترتيبية إلا أنها سياسة عدوانية بحتة تستهدف عزائم الأسرى ونفسياتهم وروحهم المعنوية.
وتعتبر عمليات نقل الأسرى عقابا لهم من قبل إدارة السجون التي لا توفر جهدا في التضييق عليهم خلال ذلك؛ فهي ترى في المعتقلين مشاريع لتفريغ حقدها وبث عنصريتها، بينما يقاسون هم في سبيل ذلك الكثير.
ويوضح الأسير المحرر صلاح عليان من مدينة الخليل أن عملية نقل الأسرى من سجن إلى آخر تؤثر على نفسيتهم سواء كانت فردية أو جماعية.
ويقول لـ مكتب إعلام الأسرى إن الأسير يكون بعد فترة من اعتقاله قد اعتاد على نمط حياة معين وأسرى معينين يشاركهم كل أوقاته؛ وبالتالي فإن عملية نقله تجبره على برمجة نفسه من جديد في الجوانب الحياتية والثقافية والإدارية والتنظيمية وهو ما يرهقه في غالب الأحيان.
ويؤكد بأن التعب الجسدي المصاحب لهذا التغيير يكون في بعض الأحيان أكثر عبئا على الأسير؛ حيث أن النقل من سجن إلى آخر يرتبط بساعات طويلة من التنقل في البوسطة التي تعتبر مقبرة الأسرى وما يصاحب ذلك من تعب وإرهاق وتعمد الاحتلال إهانة الأسرى وإزعاجهم.
ويضيف:" حزم الحاجيات والأغراض للأسير وتقييده وهو يحملها من مكان إلى آخر فيه أيضا مشقة عليه ومحاولة من الاحتلال لاستغلال كل دقيقة في إزعاجه خلال عملية النقل".
ويعتبر عليان بأن نقل الأسرى من سجن إلى آخر تأتي غالبا في إطار معاقبتهم، ويستذكر وجود أسرى معينين لا يستقرون في سجن واحد أكثر من شهر مثل الأسير منتصر شديد من دورا جنوب الخليل والذي كان في سجن النقب وبعد شهرين نقل إلى سجن عوفر ومنه إلى مجدو ومجددا إلى عوفر، أي أنه خلال ٢٢ شهرا من الاعتقال تنقل أكثر من عشر مرات.
ويتابع:" النقل يطال جميع الأسرى تقريبا ولكن عمليات النقل المكثفة تتم بحق الأسرى الذين يعتبرهم الاحتلال مؤثرين أكثر من غيرهم أو من لهم نشاط معين فتخشى الإدارة من تأثيرهم وتشوش برامجهم وأفكارهم فتقوم بنقلهم.
ولا يغفل عليان الجانب الآخر من المعاناة جراء النقل والتي تقع على العائلات؛ حيث يتكبدون المشقة خلال الزيارات وتبقى أذهانهم معلقة في التفكير بظروف الأسير وأوضاعه خلال النقل وما بعده.
إزعاج الأسرى
ويقول مدير مركز حريات للدفاع عن الحقوق المدنية حلمي الأعرج بأن سياسة نقل الأسرى لها تأثير كبير على نفسية الأسير الذي بطبيعته البشرية يحب ويميل لسجن معين وأسرى يشاركهم هذه الأوقات القاسية.
ويوضح لـ مكتب إعلام الأسرى بأن الأسير ليس هو صاحب القرار في هذا أو ذاك لأن إدارة سجون الاحتلال هي المتحكم الرئيسي في حياتهم داخل السجون.
ويؤكد بأن الحركة الأسيرة هي حركة فاعلة ومتحركة ومناضلة تتجاوب مع هموم الشعب الفلسطيني وهي جزء هام من الحركة الوطنية الفلسطينية؛ وتتفاعل مع كل الأحداث وليس فقط تلك التي تحدث في السجون، وبناء على ذلك فإن الاحتلال يتذرع به من أجل عقاب الأسرى بناء على تحركاتهم.
ويضيف:" الأسير يفضل البقلء في السجن نفسه ولكن الاحتلال يحاول إرباك نفسيته ومعاقبته بنقله من سجن إلى آخر وما يصاحب ذلك من إرهاق".
ويشير إلى أن الاحتلال يقوم في كثير من الأحيان بنقل الأسير إلى سجن بعيد عن مكان سكن عائلته ما يزيد عليهم مشقة الزيارة التي قد تستغرق يوما كاملا وتتحول إلى عبء عليهم.
ولكن رغم كل ذلك يؤكد الأعرج أن الأسير هو مناضل يحتمل كل هذه السياسات العنصرية التي تحاول ضرب حالته النفسية والمعنوية والتنظيمية؛ وهو مستعد دوما للتكيف مع أي إجراءات عقابية لأنهم في المحصلة داخل الأسر وتحت القيد والسجان يفعل بهم ما يشاء، إلا أنهم يبقون طليعة النضال الوطني الفلسطيني، حسب تعبيره.