منذ عقود يخوض الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال معركة البقاء الإنساني في مواجهة منظومة قمعية تستهدف أجسادهم وأرواحهم.
تتعدد الانتهاكات بين العزل الانفرادي، الإهمال الطبي، التجويع الممنهج، القمع النفسي والجسدي وقطع أخبارهم عن ذويهم.
يشكل الأسرى محمد الحروب، أيمن سدر ، محمد الحمامي نماذج لهذه السياسات، حيث تكشف معاناتهم تفاصيل منظومة عقابية متكاملة تهدف إلى كسر إنسانية الأسير وإضعاف عزيمته في مخالفة صارخة للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
أولا : الأسير محمد عبد الباسط الحروب – الخليل
العمر : 30 عاما (مواليد 1995)
مكان السكن : بلدة دير سامت – محافظة الخليل
تاريخ الاعتقال: 19/11/2015
الحكم: 4 مؤبدات ،متهم بتنفيذ عملية على مفرق "عتصيون" عام 2015 أدت إلى مقتل 4 مستوطنين وإصابة 16 آخرين
مكان الاحتجاز : عزل سجن مجدو
أبرز الانتهاكات:
1. عزل انفرادي متواصل منذ السابع من أكتوبر وسط انقطاع كامل عن العالم الخارجي.
2. سياسة التجويع والإهمال الطبي وحرمان من المياه والطعام الكافي.
3. منع زيارة المحامين، وحرمان العائلة من أي تواصل.
4. إجراءات انتقامية بسبب رمزيته وحكمه العالي، أبرزها هدم منزل العائلة وفرض غرامات مالية.
ثانيا : الأسير القائد أيمن عبد المجيد سدر – القدس المحتلة
العمر: 59 عاما
تاريخ الاعتقال: 1995
مدة الاعتقال : 30 عاما حتى الآن ، أحد قدامى الأسرى وعمداء الحركة الأسيرة ، له ابن في عمر سنوات الأسر (30 عاما) لم يعش معه سوى عام و11 شهرا، ولم يرَ حفيدته بعد
الحكم : مؤبد (سجن مدى الحياة)
مكان الاحتجاز: سجن "جانوت"
أبرز الانتهاكات:
1. انقطاع أخباره لفترة طويلة منذ الحرب حتى سبتمبر 2025.
2. الضرب والتجويع والتضييق في الفورة والاستحمام.
3. حرمان العائلة من الزيارة لفترة طويلة ما تسبب في قلق ورعب مستمر لهم.
4. معاناة من أمراض مزمنة (جيوب أنفية، دمل في الرقبة سابقا) دون أي متابعة طبية.
5. وجوده في قسم تنتشر فيه عدوى "السكابيوس" الجلدية.
6. سياسة التعتيم على وضعه الصحي وإخفاء تفاصيل معاناته عن ذويه.
ثالثا : الأسير محمد زكريا الحمامي – نابلس
العمر: 46 عاما
مكان السكن: الجبل الشمالي – نابلس
تاريخ الاعتقال: 15/1/2004
الحكم : 3 مؤبدات ، أحد منفذي عملية "سوق الكرمل" عام 2004 التي وصفت بـ"الجحيم" للاحتلال
مكان الاحتجاز: سجن "جانوت" (مع ترجيحات بالعزل الانفرادي)
أبرز الانتهاكات:
1. إهمال طبي: ضعف نظر، التهابات وتقرحات في اللثة، آلام المعدة والقرحة، مع انقطاع العلاج بعد 7 أكتوبر.
2. حرمان من الأخبار: منع الزيارات أكثر من 3 مرات، وإبلاغ المحامي أحيانا أنه "محجور" دون تفسير.
3. تنكيل جسدي: تعرض للضرب والإهانة خلال إحدى التنقلات.
4. عزلة عن العائلة: شقيقته تخوض معركة شخصية لمعرفة أخباره وسط سياسة التعتيم.
الانتهاكات في ضوء القانون الدولي
- المادة (20) من قواعد مانديلا تضمن للأسير الحق في غذاء كاف وصحي، بينما يتعرض القواسمي لتجويع ممنهج.
- المادة (91) من اتفاقية جنيف الرابعة تُلزم دولة الاحتلال بتوفير رعاية طبية مناسبة وهو ما يحرم منه بشكل واضح.
- المادة (76) من اتفاقية جنيف الرابعة تُلزم باحتجاز المعتقلين في ظروف إنسانية بينما يحتجز الحروب في عزل قاس.
- المادة (91) من اتفاقية جنيف الرابعة تلزم بتوفير أدوية وعلاج مناسب للأمراض المزمنة لكن الاحتلال يتعمد منعها.
- حرمان الأسير من العلاج يعد بموجب نظام روما الأساسي جريمة ضد الإنسانية باعتبارها "تصفية بطيئة".
انتهاكات الاحتلال للقانون الدولي الإنساني في التعامل مع الأسرى
رغم وضوح القواعد التي وضعها القانون الدولي الإنساني لحماية الأسرى والمعتقلين، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي حول الأسرى الفلسطينيين إلى ساحة مفتوحة لانتهاك هذه القواعد على نحو ممنهج.
تنص المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع على حظر التعذيب والمعاملة القاسية، وضمان ظروف احتجاز إنسانية، إلا أن الواقع داخل السجون الإسرائيلية يكشف عن ممارسات مناقضة تماما: عزل انفرادي يمتد لسنوات، حرمان من العلاج حتى الموت، اعتقال إداري دون تهمة أو محاكمة عادلة، وتعمد إذلال الأسرى في تفاصيل حياتهم اليومية.
كما تؤكد اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 أن أي شكل من أشكال التعذيب النفسي أو الجسدي محظور بشكل مطلق.
غير أن الاحتلال جعل من التعذيب سياسة ثابتة، تبدأ من لحظة الاعتقال بالضرب والشبح والتحقيق الطويل ولا تنتهي عند الإهمال الطبي المتعمد الذي حصد أرواح عشرات الأسرى منذ بداية الحركة الأسيرة.
أما القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فقد نص بوضوح على حق المعتقلين في مراجعة قضائية عادلة وفي معاملة إنسانية تحفظ كرامتهم.
لكن الاحتلال أفرغ هذه النصوص من مضمونها عبر محاكم عسكرية تفتقر للحد الأدنى من العدالة، وعبر منع الأسرى من زيارة محاميهم أو التواصل مع ذويهم الأمر الذي جعل من الاعتقال أداة عزل تام عن العالم الخارجي.
ورغم التوثيق الواسع لهذه الانتهاكات من قبل المؤسسات الحقوقية والأممية يواصل الاحتلال الإفلات من المساءلة الدولية، ما يعكس حالة انفلات من العقاب ويشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الأسرى.
ويؤكد مكتب إعلام الأسرى في هذا السياق أن ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون "يمثل خرقا صارخا لكل القوانين والمواثيق الدولية، ويكشف عن ازدواجية المعايير في تعامل المجتمع الدولي مع جرائم الاحتلال، الأمر الذي يجعل حياة الأسرى وكرامتهم الإنسانية مهددة على نحو يومي".