القانون الدولي الإنساني تحت المقصلة (8): واقع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال
تقرير/ إعلام الأسرى

منذ عقود يخوض الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال معركة البقاء الإنساني في مواجهة منظومة قمعية تستهدف أجسادهم وأرواحهم.

تتعدد الانتهاكات بين العزل الانفرادي، الإهمال الطبي، التجويع الممنهج، القمع النفسي والجسدي وقطع أخبارهم عن ذويهم.

يشكل الأسرى جمال الهور ، معاذ حامد ، ومعاذ بلال نماذج لهذه السياسات، حيث تكشف معاناتهم تفاصيل منظومة عقابية متكاملة تهدف إلى كسر إنسانية الأسير وإضعاف عزيمته في مخالفة صارخة للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.

أولا : الأسير الأديب جمال عبد الفتاح الهور

العمر : 55 عامًا، من بلدة صوريف  قضاء الخليل

تاريخ الاعتقال : 10/4/1997

الوضع القانوني : محكوم بالسجن المؤبد 5 مرات + 18 عامًا ،أحد مؤسسي خلية صوريف عام 1995، التي نفذت عمليات مؤلمة ضد الاحتلال.

مكان الاحتجاز الحالي : سجن شطة ، أحد قادة الحركة الأسيرة وعضو الهيئة القيادية العليا لأسرى حركة حماس ، أديب ومفكر حاصل على درجات أكاديمية عليا، ومؤلف لعدة كتب أدبية وفكرية

أبرز الانتهاكات والمعاناة:

1. الإيهام بالحرية والاستفزاز النفسي : خلال صفقة طوفان الأحرار، أبلغته إدارة سجن شطة بأن حريته باتت قريبة، وطلبت منه إبلاغ الأسرى بذلك، قبل أن يتبين أنها كانت خدعة انتقامية هدفت إلى تحطيمهم نفسيًا.

2. الإهمال الطبي وفقدان الوزن : خسر نحو 35 كيلوغرامًا من وزنه منذ نقله إلى سجن شطة، ويعاني من أمراض جلدية (السكابيوس) ودمامل متكررة بسبب انعدام النظافة، والرطوبة الشديدة في غرف السجن، وحرمان الأسرى من غسل ملابسهم أو استبدالها.

3. الحرمان من الزيارة والتواصل:

ممنوع من زيارة العائلة منذ بداية الحرب، كما منعت إدارة سجن نفحة محاميه من زيارته لفترات طويلة.

4. التجويع وسحب إنجازات الأسرى : يخضع لسياسة تجويعٍ ممنهجة عبر تقليص كميات الطعام ورداءتها أدى إلى تدهور واضح في صحته العامة.

ثانيا : الأسير المؤبد معاذ صالح جمعة حامد

العمر : 37 عامًا من  بلدة سلواد – قضاء رام الله

تاريخ الاعتقال : 14 نيسان/أبريل 2022

الوضع القانوني : محكوم بالسجن المؤبد مرتين + غرامة مالية قدرها مليون و90 ألف شيكل

مكان الاحتجاز الحالي: سجن نفحة الصحراوي ،عضو خلية نفذت عملية "شفوت راحيل" عام 2015 ردًا على جريمة حرق عائلة دوابشة.

 أبرز الانتهاكات والمعاناة:

1. ملاحقة واعتقالات متكررة : طاردته قوات الاحتلال 13 عامًا، وتعرّض لخمسة اعتقالات متتالية بين سجون الاحتلال والسلطة، آخرها عام 2022 بعد قضائه 7 سنوات في سجون السلطة.

2. تجويع وإهمال طبي: فقد أكثر من 30 كيلوغرامًا من وزنه وأُصيب بمرض جلدي (السكابيوس) نتيجة انعدام النظافة ومنع الاستحمام وتبديل الملابس.

3. حرمان من الزيارة والتواصل: منذ الحرب، مُنعت عائلته من الزيارة وتعتمد على المحامين لنقل رسائل شفهية بصعوبة بالغة من داخل السجن.

4. الحرمان من الصفقة والإيهام بالحرية: أُدرج اسمه مبدئيًا ضمن صفقة طوفان الأحرار قبل سحبه في اللحظات الأخيرة، ما شكّل صدمة مؤلمة لعائلته التي كانت تتهيأ لاستقباله.

ثالثا : الأسير المؤبد معاذ سعيد بلال

العمر : 54 عامًا من مدينة نابلس

تاريخ الاعتقال : 11 كانون الثاني/يناير 1998

مدة الأسر : أكثر من 27 عامًا (ثلاثة عقود متواصلة)

الحكم : السجن المؤبد المكرر 26 مرة + 27 عامًا إضافية

مكان الاحتجاز الحالي: سجن "جانوت" ،  من أقدم أسرى نابلس وأبرز رموز الحركة الأسيرة.

 أبرز الانتهاكات والمعاناة:

1. إهمال طبي ممنهج: يعاني الأسير معاذ من أوجاعٍ حادة في أسنانه وفقدان معظمها، كما يعاني من آلامٍ مزمنة في الظهر، وصداعٍ دائم، ومشاكل في المعدة ومع سياسة الإهمال الطبي التي تنتهجها إدارة السجون يُمنع الأسرى حتى من تلقي علاجٍ بسيط.

2. حرب التجويع: يُقدَّر وزن الأسير حاليًا بحوالي 50 كغم بعد فقدان جزء كبير منه، نتيجة الحرمان من الغذاء الكافي، حتى أصبح غير قادر على تناول الخبز.

3. الحرمان من الزيارة والتواصل: منذ إعلان "حالة الطوارئ" بعد حرب غزة، مُنعت عائلته من الزيارات، وتصلهم أخباره فقط عبر أسرى محررين.

4. الحرمان من الصفقات: أُقصي اسمه من صفقتي وفاء الأحرار وطوفان الأحرار رغم أقدميته، مما شكّل صدمةً كبيرة لعائلته.

5. النشاط النضالي: شكّل خلية "شهداء من أجل الأسرى" التابعة لكتائب القسام، نفذت عمليات نوعية أبرزها عمليتا محانيه يهودا وبن يهودا في القدس عام 1997.

الانتهاكات في ضوء القانون الدولي

- المادة (20) من قواعد مانديلا تضمن للأسير الحق في غذاء كاف وصحي، بينما يتعرض القائد جمال الهور لتجويع ممنهج.

- المادة (91) من اتفاقية جنيف الرابعة تُلزم دولة الاحتلال بتوفير رعاية طبية مناسبة وهو ما يحرم منه الأسير معاذ بلال بشكل واضح.

الانتهاكات في ضوء القانون الدولي :

- المادة (76) من اتفاقية جنيف الرابعة تُلزم باحتجاز المعتقلين في ظروف إنسانية بينما يحتجز  الأسير معاذ حامد في وسط معيشي قاس.

- المادة (91) من اتفاقية جنيف الرابعة تلزم بتوفير أدوية وعلاج مناسب للأمراض المزمنة لكن الاحتلال يتعمد منعها كما فعل مع الأسير معاذ بلال وجمال الهور .

- حرمان الأسير من العلاج يعد بموجب نظام روما الأساسي جريمة ضد الإنسانية باعتبارها "تصفية بطيئة".

انتهاكات الاحتلال للقانون الدولي الإنساني في التعامل مع الأسرى

- رغم وضوح القواعد التي وضعها القانون الدولي الإنساني لحماية الأسرى والمعتقلين، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي حول الأسرى الفلسطينيين إلى ساحة مفتوحة لانتهاك هذه القواعد على نحو ممنهج.

- تنص المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع على حظر التعذيب والمعاملة القاسية، وضمان ظروف احتجاز إنسانية، إلا أن الواقع داخل السجون الإسرائيلية يكشف عن ممارسات مناقضة تماما: عزل انفرادي يمتد لسنوات، حرمان من العلاج حتى الموت، اعتقال إداري دون تهمة أو محاكمة عادلة، وتعمد إذلال الأسرى في تفاصيل حياتهم اليومية.

- كما تؤكد اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 أن أي شكل من أشكال التعذيب النفسي أو الجسدي محظور بشكل مطلق.

- غير أن الاحتلال جعل من التعذيب سياسة ثابتة، تبدأ من لحظة الاعتقال بالضرب والشبح والتحقيق الطويل ولا تنتهي عند الإهمال الطبي المتعمد الذي حصد أرواح عشرات الأسرى منذ بداية الحركة الأسيرة.

- أما القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فقد نص بوضوح على حق المعتقلين في مراجعة قضائية عادلة وفي معاملة إنسانية تحفظ كرامتهم.

-  لكن الاحتلال أفرغ هذه النصوص من مضمونها عبر محاكم عسكرية تفتقر للحد الأدنى من العدالة، وعبر منع الأسرى من زيارة محاميهم أو التواصل مع ذويهم الأمر الذي جعل من الاعتقال أداة عزل تام عن العالم الخارجي.

ورغم التوثيق الواسع لهذه الانتهاكات من قبل المؤسسات الحقوقية والأممية يواصل الاحتلال الإفلات من المساءلة الدولية، ما يعكس حالة انفلات من العقاب ويشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الأسرى.

ويؤكد مكتب إعلام الأسرى في هذا السياق أن ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون "يمثل خرقا صارخا لكل القوانين والمواثيق الدولية، ويكشف عن ازدواجية المعايير في تعامل المجتمع الدولي مع جرائم الاحتلال، الأمر الذي يجعل حياة الأسرى وكرامتهم الإنسانية مهددة على نحو يومي".

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020