أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن إدارة سجون الاحتلال تواصل اعتقال عشرات الأسيرات الفلسطينيات في ظروف قاهرة، مُغيَّبات عن أي مساندة من المؤسسات الدولية الحقوقية أو التغطية المناسبة من وسائل الإعلام.
وأوضح المركز أنه في الوقت الذي تتغنّى فيه المؤسسات الدولية بحقوق المرأة وسَنّ قوانين لحمايتها ومنع استغلالها، يرتكب الاحتلال أبشع الجرائم بحق عشرات النساء الفلسطينيات، اللواتي تتزايد أعدادهن نتيجة استمرار حملات الاعتقال بحق النساء والفتيات، بما في ذلك القاصرات، دون تدخل حقيقي يحمي الأسيرات من جرائم الاحتلال أو يخفف من معاناتهن اليومية.
وأشار المركز إلى أن عدد الأسيرات المعتقلات وصل مؤخرًا إلى (53) أسيرة، بينما سُجّل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 نحو (600) حالة اعتقال لنساء وفتيات من الضفة والقدس والداخل، دون احتساب النساء المعتقلات من قطاع غزة اللواتي يُقدَّرن بالعشرات، ولم يُعرف سوى هوية أسيرتين منهن فقط تقبعان في سجن الدامون، بينما يُعتقل الباقيات في مراكز ومعتقلات تابعة للجيش دون أي رقابة.
وكشف المركز أن مخابرات الاحتلال تتذرع بما تُطلق عليه "التحريض"، وهي تهمة فضفاضة لتبرير اعتقال النساء الفلسطينيات بعد منتصف الليل، باقتحام منازلهن بطريقة عنيفة وهمجية وسط صراخ الأطفال ومحاولات الكبار منع الاعتقال، الذي غالبًا ما يتم دون مبرر، وبعد تحطيم محتويات المنزل بحجة التفتيش، ثم تقييد أيديهن وعصب أعينهن بقسوة، ونقلهن عبر الآليات العسكرية إلى مراكز التحقيق حيث يتعرضن للاعتداء بالضرب.
وبيّن المركز أن الأسيرات في سجن الدامون محرومات من أبسط مقومات الحياة، وقد تصاعدت عمليات التنكيل والتضييق بحقهن بعد حرب الإبادة على قطاع غزة، وشملت كل جوانب حياتهن، بما في ذلك حقوقهن الدنيا التي نصّت عليها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بالمرأة.
وقال المركز إن من بين الأسيرات في سجون الاحتلال أسيرتين قاصرتين لا تتجاوز أعمارهما (16 عامًا)، وهما: سالي صدقة، وهناء حماد، فيما اضطرت الأسيرة تهاني أبو سِمحان من الداخل المحتل إلى وضع مولودها في سجن الدامون قبل أيام، بعد أن اعتُقلت وهي حامل قبل شهرين ونصف بتهمة "التحريض". وقد رفض الاحتلال إطلاق سراحها لتلد في الخارج، فوضعت مولودها في السجن وأطلقت عليه اسم يحيى، ليُعتبر بذلك أصغر أسير في سجون الاحتلال.
كما يعتقل الاحتلال أسيرتين من غزة، وهما: سهام أبو سالم (66 عامًا)، وميرفث سرحان، إضافة إلى أسيرة مريضة بالسرطان في الدم، وهي فداء سهيل عساف (49 عامًا) من بلدة كفر لاقف بمحافظة قلقيلية، والمعتقلة منذ فبراير/ شباط 2025 بحجة "التحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي"، حيث تتدهور حالتها الصحية باستمرار.
وبيّن المركز أن الاحتلال يمارس بحق الأسيرات كل أشكال الانتقام والتنكيل، ويحرمهن من حقوقهن الأساسية، ويقدّم لهن طعامًا بكميات قليلة وأحيانًا غير صالح للأكل، كما ينتهك خصوصيتهن بوضع كاميرات مراقبة في كل أنحاء السجن وساحة الفورة والممرات، إضافة إلى اقتحام الغرف بشكل مفاجئ دون إشعار مسبق. كما يتعمد الاحتلال خلال الاقتحامات تنفيذ التفتيش العاري، وتوجيه الشتائم والكلام البذيء للأسيرات، وأحيانًا الاعتداء عليهن بالضرب ورش الغاز، فضلًا عن سياسة العزل والتجويع والإهمال الطبي المتعمد.
ونوّه المركز إلى أن ما يصل من معلومات عن أوضاع الأسيرات هو القليل، نتيجة سياسة إغلاق السجون وحرمان الأسرى من الزيارة. وما يتم رصده من إجراءات تنكيل لا يُظهر إلا جزءًا يسيرًا من الصورة البشعة والقاتمة تجاه ما تتعرض له الأسيرات بشكل متواصل ومستمر من انتهاكات وتعذيب وتنكيل، بإشراف مباشر من حكومة الاحتلال المتطرفة.
وطالب مركز فلسطين المؤسسات الدولية الحقوقية والإنسانية، وخاصة المعنية بقضايا المرأة، بالتدخل الحقيقي والفاعل، والضغط على الاحتلال لوقف جرائمه المستمرة بحق الأسيرات الفلسطينيات، والتي ترقى إلى جرائم حرب.