أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن الاحتلال يستغل ما أطلق عليه "قانون المقاتل غير الشرعي" على أسرى قطاع غزة الذين تم اعتقالهم خلال حرب الإبادة المستمرة منذ 23 شهراً، بهدف احتجازهم بشكل مفتوح دون تحديد سقف لانتهاء اعتقالهم ودون أي تهمة، ليفتح الباب أمام المخابرات لتحديد مدة اعتقال هذا الأسير أو ذاك.
وأشار مركز فلسطين إلى أن مخابرات الاحتلال مددت العمل بقانون "المقاتل غير الشرعي" حتى نهاية العام الجاري، مما يتيح لها حرمان الأسرى من لقاء المحامين أو تقديمهم إلى محاكم عادلة، حيث لم تُقدم بحقهم أي تهم واضحة، وغالبيتهم اعتُقلوا من المنازل ومراكز الإيواء والطرق الآمنة دون سبب واضح سوى الحقد والكراهية وزيادة معاناة الغزيين.
وأوضح مركز فلسطين أن الاحتلال اعتقل ما يزيد عن (13) ألف مواطن من قطاع غزة خلال حرب الإبادة المستمرة على القطاع، وأفرج عن عدد كبير منهم بعد التحقيق والاعتقال لفترات مختلفة وصلت لعام ونصف، إضافة إلى الإفراج عن (1100) أسير من غزة ضمن صفقة "طوفان الأحرار"، بينما استشهد (46) أسيراً من القطاع حتى الآن ممن عُرفت هوياتهم نتيجة التعذيب والإهمال الطبي والتجويع والتنكيل.
وبين مركز فلسطين أن الاحتلال لا يزال يعتقل ما يزيد عن (3500) مواطن من قطاع غزة موزعين على عدة سجون، ولإيجاد مبرر لاستمرار اعتقالهم، وخاصة في ظل عدم وجود تهم واضحة، طبّق الاحتلال عليهم قانون ما يسمى "المقاتل غير الشرعي" بهدف التحايل والالتفاف على القانون الدولي، علماً أن المعتقلين هم في الأساس مدنيون ويجب أن يتمتعوا بالحماية القانونية التي توفرها اتفاقية جنيف الرابعة، ولا يوجد مبرر لاعتقالهم سوى الانتقام.
وقد اعترف الاحتلال أنه يعتقل (2380) مواطناً من غزة مصنَّفين من إدارة سجون الاحتلال "بالمقاتلين غير الشرعيين"، من بينهم الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان شمال القطاع المعتقل لدى الاحتلال منذ عشرة أشهر، إضافة إلى صحفيين وأطباء ونشطاء.
مع التأكيد أن هذا العدد لا يشمل كافة معتقلي غزة، وتحديداً من هم في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال في مركز تحقيق "منشه"، ومعتقل "سديه تيمان"، ومعسكر "عناتوت"، ومعسكر "نفتالي"، وغيرها من المعتقلات التي أنشئت تحت الأرض لاحتجاز من هم أشد خطورة حسب تصنيف الاحتلال.
وأشار مركز فلسطين إلى أن هذا القانون شرّع للاحتلال مواصلة اختطاف المواطنين من قطاع غزة لفترات مفتوحة دون تحديد موعد لإطلاق سراحهم، ودون أن يضطر الاحتلال إلى تقديم تهم أو أدلة أو حتى عرضهم على المحاكم، أو السماح لهم بالدفاع عن أنفسهم أو الاطلاع على التهم الموجهة ضدهم بحجة أنها سرية، كما أنه يتماهى مع سياسة الإخفاء القسري التي يطبقها الاحتلال على أسرى غزة، بحيث يرفض تقديم معلومات حول أعدادهم أو ظروف اعتقالهم.
وكشف مركز فلسطين أن الاحتلال أقر ما يعرف بـ"قانون المقاتل غير الشرعي" عام 2002 بعد انسحابه من جنوب لبنان، على اعتبار أن أي حالة اعتقال تتم على الحدود اللبنانية سيتم تطبيق القانون عليها، وبالفعل احتجز الاحتلال عدداً من أسرى حزب الله تحت اسم "المقاتل غير الشرعي" في ذلك الوقت.
وأشار مركز فلسطين إلى أن الاحتلال أقر تطبيق هذا القانون الجائر عبر الكنيست والمحاكم الصورية على أسرى القطاع بعد الانسحاب من قطاع غزة في ديسمبر 2005، لأنه بات غير قادر على إصدار أوامر اعتقال إداري بحق معتقلي القطاع، على اعتبار أن غزة منطقة غير محتلة، ليشكل بديلاً عن الاعتقال الإداري، فهو يحمل نفس الصلاحيات ولكن بعنوان آخر، وعاد إلى تطبيقه بقوة بعد حرب الإبادة في السابع من أكتوبر 2023.
ونوّه مركز فلسطين إلى أن قانون "المقاتل غير الشرعي" يشبه في محتواه وطبيعته سياسة الاعتقال الإداري، وهو يخضع بشكل كامل لإشراف جهاز الشاباك، الذي يسمح باعتقال أي مواطن فلسطيني دون أن توجه له تهمة معينة، ولمدة تحددها محكمة صورية، ثم يتم تجديدها بشكل مفتوح، أي أنه اعتقال سياسي لأمد غير محدد.
وطالب مركز فلسطين المؤسسات الحقوقية الدولية بوقف هذه الجريمة ضد الأسرى، وإلغاء هذا القانون الذي يخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية، وإطلاق سراح الأسرى المدنيين العزل الذين أسرتهم قوات الاحتلال من القطاع بعد اقتحام منازلهم وأماكن النزوح في المدارس والمستشفيات، وليس لهم أي علاقة بالمقاومة، وإنما يستمر اعتقالهم على سبيل المساومة والابتزاز.