تُجمع شهادات الأسرى المحررين على أن الاكتظاظ في سجون الاحتلال بات لا يحتمل، والإحصائيات التي تفيد بتواجد أكثر من ١٠ آلف أسير في سجون الاحتلال تؤكد ذلك، أعداد الأسرى في القسم الواحد لا يمكن معرفتها على وجه الدقة فكيف بالغرفة الواحدة، في ظل الكشف عن سحب كافة إنجازات الحركة الأخيرة بما في ذلك الأجهزة الكهربائية والأدوات الخاصة الأخرى.
الاكتظاظ وعدم وجود منفس في غرف الأسرى إضافة إلى عدم وجود مراوح يعني انتشار أوبئة مضاعفة وأمراض تنفس علاوة على أمراض باتت معروفة لدى أهالي الأسرى، وفي الوقت الذي لا نستطيع إمضاء ساعة واحدة دون تكييف في هذا الجو الحار يضطر آلاف الأسرى لتحمله ومضاعفاً نتيجة إغلاق الغرف وعدم توفر أي مراوح لديهم، وبعضهم نتيجة العزل.
عائلة الأسير كامل عادل صباريني(٢٠عاماً) من طولكرم تعلم علم اليقين أن ابنها لا يمكن أن يحتمل هذا الجو في سجون الاحتلال كما أي أسير آخر، فكيف إن كان مريضاً، يعاني الأسير صباريني من أزمة تنفس حادة ويحتاج لبخاخ مرافق له دائماً، وفي ظل أخبار السجون يبقى هذا هو التخوف الرئيسي لعائلته، ملفه الطبي الذي لا تعرف العائلة عنه شيء علاوة على أي خبر آخر بخصوصه منذ تواجده في سجن النقب الصحراوي.
تقول شقيقته الوحيدة" اتصل ضابط مخابرات للمنطقة عليه وطلب منه تسليم نفسه، وبتاريخ ١١/٥ سلم نفسه مضطراً على حاجز جبارة ومنذ ذلك الوقت لا نعلم عنه شيئاً، وهو يعاني من أزمة تنفس قوية وكان يحتاج لجهاز بخاخ يرافقه دائماً، وعلاوة على ذلك فقد صدر بحقه حكم إداري".
تملك عائلة الأسير صباريني تخوفات مبررة حول وضعه الصحي في ظل الأخبار الواردة من سجون الاحتلال، لكنها تخشى عليه كذلك من ملف الإداري المتجدد، وتقلق من أن يسلبه هذا الملف سنوات شبابه وهو ابن ال٢٠ عاماً التي أكملها قبل أيام في سجون الاحتلال، وتستعد عائلة صباريني لقدوم شهر أكتوبر بخوف شديد من تمديدٍ آخر له في الوقت الذي تعاني والدته ووالده كذلك من أمراضٍ داهمتهم منذ اعتقاله.
حين طلبت العائلة من محامي زيارة ابنهم لم يتمكن الأخير من رؤيته إلا لدقائق بسبب استنفار وإعلان حالة طوارئ في السجن في ذات يوم زيارته، تلقت العائلة لاحقاً خبراً يفيد بنقل نجلهم إلى سجن النقب، وهو آخر خبر حصلوا عليه، وأكد لهم أسير محرر أنه لمحه في أحد الأقسام التي كان أسيراً فيها.
الأسير صباريني كما تصفه العائلة سندهم والقائم على أمورهم والداعم الأول لهم في كل شؤون حياتهم، وتؤكد بأن الفراغ الذي تركه قتل أرواحهم تقول شقيقته" أخي هو عامود المنزل، كان يعمل في كراج في السيارات وهو سند العائلة ومنذ اعتقاله ووضع أمي الصحي مقلق، نضطر أحياناً إلى أن نعطيها إبراً منومة، وقد أصبحت هكذا منذ اعتقاله فقط، تقول لي دائماً: أشعر أنه سيفتح باب المنزل في أي لحظة، كما وتتواصل معه على حساباته الاجتماعية كأنه موجود كأنه خرج لوهلة وسيعود".
الوضع الصحي لوالد الأسير صباريني ليس جيداً كذلك، فالعائلة المكونة من ٨ أفراد انقلبت حياتها رأساً على عقب منذ اعتقال ابنها، تقول شقيقته" كل التهمة الموجهة بحق أخي هو أنه ابنٌ محب قالوا بأنه يشكل خطراً على أمن المنطقة، ويشهد كل سكان مخيمه بأنه يشاركهم أتراحهم قبل أفراحهم، ورغم سنه الصغير إلا أن محبيه كثيرون".
تنهي شقيقة الأسير صباريني حديثها برسالة تأمل أن يقرأها شقيقها في القريب العاجل تقول" كامل الغالي علينا كلنا نتمنى أن يأتي يوم وتقرأ هذه الرسالة، كلنا بدون استثناء أمي وأبي وبرهان وكريم وحسن كلنا نشتاق لك ونشتاق لحنانك، أمي وأبوي متعبون جداً بسبب غيابك، أطال الله في أعماهم وأقر عينهم برؤيتك يا أنيس الروح وسند القلب".
تتابع شقيقة صباريني رسالتها وتقول"ابنتي لولو لا زالت صغيرة وأتمنى أن تخرج حراً وتراها وهي تكبر وتكمل سنتها وأنت بيننا، كل الكلام لا يصفك، الكل أعمامي وعماتي وخوالي وسيدي وخالاتي كلهم همهم الأول أخبارك دائماً حتى أصدقائك يتصلون بأمي ليطمئنوا عليها وكأنك موجود، وأنا لا زالت أراسلك دائماً وأتأمل اليوم الذي تجيبني فيه على رسائلي، فك الله بالعز قيدك واستودعتك لرب العالمين يا حبيبي".