في سجون الاحتلال تحت سقف خانق ورقابة لا تهدأ، تقضي الأسيرة الفلسطينية ميسون محمود مشارقة (مواليد 28 آذار 1971) من مدينة الخليل أيام اعتقالها.
هي أم لسبعة أبناء ومالكة روضة أطفال كانت تفتح ذراعيها لأطفال في عمر الزهر قبل أن تُغلَق الأبواب عليها فجأة في الثاني من نيسان 2025.
اعتقلت مشارقة من منزلها وتم احتجازها لأكثر من أربعين يوما في مركز تحقيق "المسكوبية"، قضت 22 منها في العزل الانفرادي.
ومن هناك نقلت بين سجون الشارون والدامون حيث تقبع حاليا في غرفة مكتظة (غرفة رقم 4) إلى جانب عدد من الأسيرات.
رغم ضيق المكان وشح المتطلبات الأساسية تحاول الأسيرات التكيّف مع واقعهن، إذ تذكر الأسيرة أن الصابون يُوزع مرتين في الأسبوع بكمية لا تكفي حاجة 7 نساء.
أما الملابس الداخلية والفوط الصحية فتعاني من نقص حاد، ويجبرن على إعادة استخدام بعض الأغراض أو قصّ الأقمشة القديمة لتكون بدائل مؤقتة في ظل ما وصفته بـ"صناعة الدامون الوطنية"، في إشارة إلى التنورة التي خيطت من شرشف قديم.
تعاني العديد من الأسيرات من حساسية جلدية وانتشار الحبوب بسبب ظروف النظافة السيئة، وانغلاق الأبواب بشكل دائم وقلة التهوية، فضلا عن سوء التغذية، وفرض العقوبات المتكررة.
وتحاول ميسون رغم كل شيء أن تبقى قريبة من عائلتها بأحلامها ودعواتها.
تشتاق إلى زوجها وتنتظر منه رسائل تطمئن قلبها، تذكر أبناءها بأسمائهم واشتياقها لهم خاصة ابنتها زينة التي كانت تقول لها: "ماما احضنيني وأنت ساكتة".
كما عبرت عن حزنها لفوات حضور مناقشة تخرج ابنها زيد في الحقوق، وشوقها لولديها المغتربين في مصر، يزيد ونديم.
وسط هذا الواقع تنسج ميسون لحظات الفرح القليلة فتبكي من الفرح حين يصلها خبر زفاف قريبة لها وتقول إنهن في الغرفة يخططن لإقامة "ليلة حنة" صغيرة رغم الألم.
ميسون لم تنس أن تنقل تحياتها إلى أهالي الأسيرات الأخريات وتسأل عن تفاصيل صغيرة قد لا تعني للعالم شيئا لكنها تعني لهن الكثير: كيف حال كندة؟ هل سُمّيت توأم لينا؟ ماذا عن تجهيزاتهم؟ هل وصلت الملابس؟ هل فرج عن أحد؟ تطلب من عائلتها أن تبقى على تواصل وأن تبلغها بما يحدث في جلستها المقبلة حتى لا تترك "في الهوى" كما وصفتها.
وفي ظل انقطاعها القسري عن أبنائها وعجزها عن احتضانهم، تكتفي ميسون بالدعاء والانتظار.