في نهاية نوفمبر 2023، أُبرمت صفقة تبادل بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، تم بموجبها الإفراج عن مجموعة من الأسرى الفلسطينيين، غالبيتهم من النساء والأطفال، مقابل إطلاق سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين. وقد اعتُبرت هذه الصفقة خطوة إنسانية مؤقتة في ظل الحرب المستمرة، إلا أن مؤشرات ظهرت لاحقًا تشير إلى نية الاحتلال التراجع عن التزاماته، إذ شرع في ملاحقة بعض من أُفرج عنهم ضمن الصفقة، في خرق واضح للاتفاق وللقوانين الدولية التي تكفل حماية الأسرى بعد الإفراج عنهم.
فبعد أشهر قليلة، أعادت قوات الاحتلال اعتقال أربعة من الأسرى المحررين المشمولين في الصفقة، وهم:
• سماح حجاوي – من محافظة قلقيلية
• تسنيم عودة – من مدينة القدس
• رضا عبيد – من مدينة القدس
• معتصم عنتوري – من محافظة قلقيلية
أما في صفقة “طوفان الأحرار”، فقد أُعيد اعتقال الأسير المحرر وائل الجاغوب بعد الإفراج عنه بأشهر قليلة، ولم يُفرج عنه حتى لحظة إعداد هذا التقرير، ما يثير مخاوف من تكرار سيناريو الاعتقالات كما حدث مع محرري صفقة “وفاء الأحرار” سابقًا.
نددت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية والدولية بسياسة الاحتلال في إعادة اعتقال الأسرى المحررين، ووصفتها بأنها “خرق صارخ لروح الاتفاقات الإنسانية”، و”دليل على عدم احترام إسرائيل لأي التزام قانوني أو أخلاقي تجاه الأسرى”. وطالبت هذه الجهات بضرورة تدخل دولي عاجل لحماية المحررين من الانتهاكات المتواصلة.
شكّلت سياسة إعادة اعتقال الأسرى المحررين صدمة قاسية لعائلاتهم، التي حرمت من لحظة اللقاء والفرح، بعدما لم تُمنح فرصة حقيقية لاحتضان أبنائها.
بعض العائلات جهّزت مراسم استقبال، لكن المشهد لم يكتمل، إذ أعاد الاحتلال اختطاف أبنائهم فور وصولهم، أو حتى قبل أن تطأ أقدامهم عتبة منازلهم.
وأمام تصاعد هذه الانتهاكات، شدد مكتب إعلام الأسرى على ضرورة تحرك فوري من قبل المؤسسات الدولية والحقوقية، لضمان تنفيذ الاتفاقات وتوفير الحماية الكاملة للأسرى المحررين من خطر إعادة الاعتقال التعسفي.
إن استمرار هذه الانتهاكات يؤكد الحاجة إلى تحرّك جاد من المجتمع الدولي، لمنع الاحتلال من تحويل صفقات التبادل إلى مجرد محطات مؤقتة بلا ضمانات حقيقية للمحررين.
في ضوء ما سبق،يمثل الاعتقال سواء على المستوى الفردي أو الجماعي أحد الأعمدة الرئيسية في منظومة القمع التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في محاولة لإسكات الصوت المقاوم والنيل من الإرادة الوطنية.
وتكرار حالات إعادة الاعتقال لا سيما بحق أولئك الذين تحرروا في صفقات تبادل يكشف أن الاحتلال لا يتعامل مع هذه الصفقات كاستحقاقات قانونية أو إنسانية ملزمة وإنما كتنازلات مؤقتة يسهل التراجع عنها متى شاء.