الأسرى الشهداء.. تضحيات حُفرت في الذاكرة
تقرير/ إعلام الأسرى

في الزنازين التي لا تقبل الرحمة، وفي أقبية سجون الاحتلال الإسرائيلية حيث يتناثر صدى الآلام والأنين، كان الفلسطينيون يزرعون بذور الصمود في كل يوم، فالأسرى الذين امتزجت أرواحهم مع جدران السجون، أصبحوا رمزًا للتحدي والمقاومة، وفيما يعاني الاحتلال من محاولة لإخفاء آثار جرائمه، ظل الأسرى الشهداء في سجون الاحتلال نقطة مضيئة على طريق النضال الفلسطيني.. تتعدد قصصهم، لكن مصيرهم المشترك هو أنهم قدموا حياتهم فداءً للوطن.

في بداية الرحلة: أولى التضحيات

في عام 1967، كان الأسير الفلسطيني نظمي النمس أول شهيد فلسطيني ينزف في سجون الاحتلال. لم يكن يعلم هذا الشاب في تلك اللحظة أن طريق المقاومة سيولد عبر جسده.. استشهد نظمي بعد أن تعرض لأبشع أنواع التعذيب، وفي ذلك اليوم، لم يكن مجرد إنسان قد فارق الحياة، بل كان قد أضاء بداية لمقاومة طويلة الأمد في قلب سجون الاحتلال. نظمي كان أول من ارتقى، لكن نضال الفلسطينيين في السجون ظل مستمرًا.

عبر السنين: نماذج تضحيات لا تنتهي

على مر السنين، كان الاحتلال يزداد وحشية، وكان الأسرى الفلسطينيون يزدادون صمودًا، ومن بين هؤلاء الأبطال الذين سجلوا أسماءهم في تاريخ الحركة الأسيرة:

إبراهيم أبو مخ (1991): اعتُقل قبل اتفاق أوسلو، وكان من أقدم الأسرى الفلسطينيين، واستشهد بعد سنوات طويلة من الاعتقال.

خالد أبو معلا (1989): استشهد بعد سنوات من الاعتقال بسبب الإهمال الطبي المستمر.

حسن شعت (1990): استشهد نتيجة التعذيب خلال التحقيق.

محمود بكر هباش (2017): استشهد في سجن النقب نتيجة الإهمال الطبي، وكان يعاني من السرطان.

سامي أبو دياك (2019): استشهد بعد معاناته من سرطان الأمعاء، حيث تعرض لإهمال طبي واضح.

يوسف الفسفوس (2021): استشهد بعد إضراب طويل عن الطعام احتجاجًا على اعتقاله الإداري.

هشام أبو هواش (2022): خاض إضرابًا عن الطعام لأكثر من 140 يومًا، واستشهد نتيجة رفض الاحتلال إنهاء اعتقاله الإداري.

أبرز شهداء الحركة الأسيرة:

خضر عدنان (2023): استشهد بعد إضراب متواصل عن الطعام احتجاجًا على اعتقاله الإداري.

ناصر أبو حميد (2022): استشهد بعد صراع مع السرطان نتيجة الإهمال الطبي.

وليد دقة (2023): استشهد بعد سنوات من المعاناة مع مرض السرطان داخل السجون.

فارس بارود (2019): توفي نتيجة تدهور صحته في سجون الاحتلال بعد إصابته بأمراض خطيرة واحتجاز جثمانه بعد الاستشهاد.

الأسرى الشهداء بعد 7 أكتوبر

بعد السابع من أكتوبر 2023، شهدت الحركة الأسيرة موجة غير مسبوقة من القمع والقتل، ارتقى فيها العديد من الأسرى بسبب التعذيب الوحشي والإهمال الطبي المتعمد. ومن أبرز هؤلاء الشهداء، الذين ارتقوا بعد هذا التاريخ، وتحت أقبية الاحتلال:

عمر دراغمة (2023): استشهد بعد يومين فقط من اعتقاله في سجن مجدو.

محمد وليد حسين علي (2023): استشهد في سجن الجلمة إثر تعذيب شديد.

عز الدين عبد البنا (2023): استشهد في سجن الرملة رغم إعاقته والإهمال الطبي.

عدنان البرش (2023): من سكان غزة، اعتقل منذ عام 2003، وتعرض لتعذيب شديد وإهمال طبي متعمد داخل سجون الاحتلال، ما أدى إلى استشهاده في سجن نفحة.

مصعب أبو هنية (5/1/2025): استشهد نتيجة التعذيب المستمر والإهمال الطبي.

مصطفى أبو عرة (23/1/2025): استشهد نتيجة الإهمال الطبي المستمر والمعاملة القاسية.

رأفت أبو فنونة (26/2/2025): استشهد في سجن عوفر نتيجة التعذيب المستمر.

علي عاشور البطش (21/2/2025): استشهد في سجن النقب نتيجة الإهمال الطبي.

وليد أحمد (23/3/2025): أسير قاصر استشهد نتيجة سياسة التجويع والإهمال الطبي في سجن النقب.

مصعب عديلي (16/4/2025): باستشهاده ارتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 64 شهيدًا منذ بدء حرب الإبادة، والذي أعلن عن ارتقائه اليوم تزامنًا مع إحياء فعاليات يوم الأسير الفلسطيني.

الجثامين المحتجزة: مذبحة بلا أسماء

تكتمل الجريمة حين يُحتجز جسد الشهيد، فالاحتلال يواصل احتجاز أكثر من 73 جثمانًا لأسرى وشهداء فلسطينيين، من بينهم 62 أسيرًا ارتقوا بعد السابع من أكتوبر، في "مقابر الأرقام" وأماكن غير معلومة، ما يحرم عائلاتهم من حق الدفن والتوديع. إنها جريمة إنسانية مضاعفة لا تسقط بالتقادم.

إحصائيات موجعة

منذ عام 1967، استشهد 301 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، بينهم:

110 نتيجة التعذيب.

105 بسبب الإهمال الطبي.

79 نتيجة القتل العمد.

7 نتيجة إطلاق نار مباشر داخل السجون.

رغم كل هذا الألم، فإن الشعب الفلسطيني يواصل طريقه في النضال. الأسرى الشهداء لم يكونوا مجرد أرقام، بل أسماء وأرواح حملت على عاتقها همّ الوطن، وجعلت من جدران الزنازين منابر حرية. ستبقى ذكراهم حاضرة في الضمير الفلسطيني، وشهاداتهم صرخة في وجه الاحتلال، لا يمحوها الزمن.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020