صفقة طوفان الأحرار : 1777 أسيرًا يعودون لتغيير معادلات القوة
تقرير/ إعلام الأسرى

لم تكن صفقة تبادل، بل حدثًا غيّر وجه التاريخ الفلسطيني، في لحظة فارقة، تراجعت فيها رياح السجن أمام نسائم الحرية، خرج 1777 أسيرًا من ظلمة الزنازين، حاملين معهم ما هو أكثر من أجساد أنهكها القيد، خرجوا ومعهم رواية الصمود الفلسطيني التي لا تنكسر.  

جاءت هذه الصفقة في ظل مرحلة معقدة من الصراع، لكنها أكّدت أن القضية الفلسطينية ما زالت قادرة على إنتاج معادلات القوة من عمق الألم، وأن الأسرى ليسوا أرقامًا، بل طليعة نضال تعيد رسم خارطة المواجهة.  

المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.. تحرير 1777 أسيرًا ضمن صفقة تبادل غير مسبوقة

أنهت فصائل المقاومة الفلسطينية  فجر الخميس 27 فبراير/شباط الماضي، تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة بنجاح، عبر الإفراج عن الدفعة السابعة والأخيرة التي ضمّت 642 أسيرًا ومعتقلًا فلسطينيًّا، بينهم 151 محكومًا بالسجن المؤبد أو أحكامًا عالية، و445 معتقلًا من قطاع غزة اعتُقلوا عقب أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى جانب 46 أسيرًا من الأطفال.    

وبحسب مكتب الشهداء والجرحى والأسرى في حركة حماس، تمّ تقسيم عمليات الإفراج خلال المرحلة الأولى إلى 7 دفعات متتالية، أسفرت عن تحرير 1777 أسيرًا ومعتقلًا فلسطينيًّا. وتوزّعت الأرقام الإجمالية على فئات متنوعة؛ حيث شملت 274 أسيرًا محكومًا بالمؤبد، 1000 معتقلًا من غزة اعتُقلوا بعد السابع من أكتوبر، 95 طفلًا، و71 امرأة، و41 أسيرا من أسرى وفاء الأحرار المعاد اعتقالهم .    

تُظهر هذه الأرقام حجم التعقيدات التفاوضية التي رافقت إتمام الصفقة، والتي تمكّنت الجهات الوسيطة من خلالها من تحقيق إنجازٍ نوعي عبر الإفراج عن أعدادٍ كبيرة من الأسرى ضمن فئاتٍ مختلفة، بما في ذلك محكومو المؤبدات والمعتقلون عقب الحرب الأخيرة، ما يُعدّ سابقةً في تاريخ عمليات التبادل بالمنطقة. ويُرجّح مراقبون أن تنوّع الفئات المُحرَّرة يعكس توازناتٍ دقيقة في المفاوضات، مع تركيز فلسطيني على استعادة أكبر عدد ممكن من الفئات الهشّة كالأطفال والنساء، إلى جانب كسر حاجز المؤبدات التي طالما اعتُبرت "خطًا أحمر" في الملفّ.  

ويُعتبر إطلاق سراح هذا العدد الكبير ضمن صفقة واحدة – وبخاصة مع تنوع الفصائل وطول مدد الأحكام – مؤشرًا على كسر معادلات تفاوضية سابقة، حيث نجحت الجهات الوسيطة في تحويل "حِمل" الأحكام العالية إلى رافعةٍ للضغط، مع الحفاظ على توازناتٍ دقيقة بين المطالب الفلسطينية والشروط الإسرائيلية.  

تفاصيل دفعات تبادل الأسرى بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل ضمن المرحلة الأولى

- الدفعة السابعة(27 فيراير/ شباط 2025):  

أطلق سراح 642 أسيرًا ومعتقلًا فلسطينيًّا، بينهم 151 محكومًا بالسجن المؤبد أو أحكامًا عالية، و445 معتقلًا من قطاع غزة اعتُقلوا عقب أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى جانب 46 أسيرًا من الأطفال.    

- الدفعة السادسة (15 فبراير/شباط 2025):    

 أُطلق سراح 369 أسيرًا فلسطينيًّا، بينهم 333 معتقلًا من قطاع غزة اعتُقلوا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، و36 أسيرًا محكومًا بالسجن المؤبد.    

- الدفعة الخامسة (8 فبراير/شباط 2025):    

 شملت إطلاق 183 أسيرًا، تضمّنت 42 معتقلًا من الضفة الغربية، و3 من القدس، و138 من غزة (من بينهم 111 اعتُقلوا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023).    

- الدفعة الرابعة (مطلع فبراير/شباط 2025):    

 أُفرج عن 18 أسيرًا محكومًا بالمؤبد، و54 أسيرًا بأحكام عالية، و111 معتقلًا من غزة اعتُقلوا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.    

- الدفعة الثالثة (30 يناير/كانون الثاني 2025):    

 تم تحرير 110 أسرى، بينهم 32 محكومًا بالمؤبد، و48 بأحكام مختلفة، و30 من الأطفال والنساء.    

- الدفعة الثانية (25 يناير/كانون الثاني 2025):    

 شملت الإفراج عن أسير أردني واحد، و199 أسيرًا فلسطينيًّا (121 محكومًا بالمؤبد، و79 بأحكام مختلفة)، إضافة إلى 70 أسيرًا نُقلوا خارج فلسطين.    

- الدفعة الأولى (19 يناير/كانون الثاني 2025):    

 أُطلق سراح 90 أسيرة وطفلًا من الضفة الغربية والقدس، مُشكِّلين البداية الرمزية لمسار التبادل.    

بدورها أطلقت الفصائل الفلسطينية في غزة سراح 33 أسيرًا إسرائيليًّا، بينهم 25 أسيرًا على قيد الحياة، و8 جثامين لضحايا قُتلوا خلال الهجمات الأخيرة.  

غادرت المرحلة الأولى سُحبَ الحرب تنسحب خلف أرقامٍ حوّلت الأسر إلى أرقامٍ حيّة، تحمل في ثناياها زفراتٍ انتزعت من جوف الظلام. لم تكن الصفقة مجرد تبادلٍ حسابي، بل اختراقٌ لمعادلة الزمن البائس؛ حيث حوّلت المقاومةُ سجونَ الاحتلال إلى ساحات تفاوض، والأسماءَ على قوائم الأسرى إلى عملةٍ لا تُقهر. كلُّ أسيرٍ عاد حمل في قبضته غبار الزنزانة كقلادة انتصار، وترك خلف القضبان جرحًا مفتوحًا في سردية الأسرى.

هكذا تُختتم الجولاتُ الكبرى.. حين تتحول دماءُ المعتقلين إلى حبرٍ يخطّ خرائط المراحل المقبلة. فما انتُزع اليوم ليس مجردَ أسماءٍ من ملفاتٍ مغلقة، بل إشارةٌ إلى أن رصيدَ القوة الحقيقي يكمن في تحويل المعاناة إلى سلاح، والسنوات الضائعة إلى ذاكرةٍ تفرض شروطها على طاولات التفاوض القادمة.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020