تقرير خاص
غرب المدينة المقدسة وفي تلك البقعة تحديدًا تجد يوميًا العشرات من أهالي القدس يتواجدون هناك يعلو وجوههم القلق والخوف على مصير أبنائهم، كما يتملكهم بنفس القدر الشوق لرؤيتهم بعد أيام من الاعتقال.
إنه مركز تحقيق "المسكوبية" الذي أصبح أحد المقاصد اليومية للمقدسيين حيث يتوجهون إليه بانتظار رؤية أبنائهم المعتقلين أثناء نقلهم إلى المحاكم أو إرجاعهم منها إلى جولة تحقيق جديدة، ومن يحالفه الحظ بالإفراج عنه بعد التوقيف قد يخرج من تلك البوابات أيضا.
في المسكوبية لا صوت يعلو فوق صوت الأصفاد الحديدية التي يُكبل بها أطفال وشباب القدس أمام هذا المركز ولا لون يطغى على اللون البني الذي يرتديه آلاف الأسرى الذين دخلوا هذا المكان قسراً خلال سنوات، والذي أطلق عليه الأسرى معتقل الموت .
مكتب إعلام الأسرى يسلط الضوء على مُعتقل المسكوبية في القدس والذي يُعتبر من أسوأ مراكز التوقيف والتحقيق على الإطلاق في كيان الاحتلال، حتّى أن المعتقلين الذين دخلوه يطلقون عليه اسم "معتقل الموت" وللأطفال المقدسيّين حصّتهم من المعاناة أيضاً، فكيان الاحتلال يحاكم الأطفال ويحتجزهم ضمن ظروف سيئة جداً في زنازين المسكوبية، حيث لا فرق بين طفل وبالغ أو امرأة أو كبير في السن، فالجميع سواسية تحت التنكيل والتعذيب والاجرام الصهيوني .
وقال إعلام الأسرى إن "غالبية الأطفال المعتقلين من مدينة القدس يقوم الاحتلال بنقلهم مباشرة الى معتقل المسكوبية في القدس، وهناك تجرى عمليات التحقيق معهم في ظروف قاسية، دون السماح لذوى الطفل بالحضور أو حتى محاميه حتى تستفرد سلطات الاحتلال بالطفل الصغير وتقوم بتهديده واستخدام كل أشكال الضغط عليه لكي يعترف على التهمة التي اعتقل من اجلها و غالبيتها القاء حجارة على سيارات المستوطنين والجيش".
وكان تقرير لمؤسسات حقوقية في كيان الاحتلال قد كشف قبل عدة سنوات النقاب عن انتهاكات شديدة لحقوق الإنسان في معتقل المسكوبية أبرز ما جاء في التقرير ان إدارة المسكوبية تحتجز ثمانية معتقلين في كل غرفة اعتقال وبدون تهوية يعيشون مع الحشرات والفئران, في ظل أوضاع صحية متردية, روائح نتنة غذاء فاسد .
كما وجاء في التقرير أنه بين وجبة العشاء ووجبة الإفطار يوجد فارق 15 ساعة, وقسم من المعتقلين يضطرون للأكل من وعاء صغير واحد للغذاء والرعاية الصحية شبه معدومة ، وجاء ايضا في التقرير أن أغلب الأغطية غير نظيفة وتفوح منها روائح كريهة ونتنة وعدد كبير من المعتقلين يشتكون انهم لا يزودونهم بصابون خاص للاستحمام ولهذا السبب لم يستحموا لعدة ايام، بالإضافة لذلك, يضطر المحامين للانتظار لساعات حتى يستطيعون مقابلة الاسرى
وتظهر افادة العديد من الأطفال الذين اعتقلوا في المسكوبية مدى صعوبة الأوضاع المعيشية في المركز، وتعرضهم لتحقيق عنيف وقاس من مخابرات الاحتلال، حيث أفاد الأسير الطفل أحمد أبو سبيتان (14 عاما) من بلدة الطور بمدينة القدس المحتلة، انه تعرض لاستجواب قاسٍ بمركز تحقيق “المسكوبية”، وخلال الاستجواب هاجمه أحد المحققين، وقام بالاعتداء عليه بالضرب، وصفعه، ومن ثم قام بطرحه أرضاً وأخذ يدوس عليه، وهو ملقى على الأرض، حُقق معه عدة مرات، ولساعات طويلة، وبقي بزنازين المسكوبية لمدة 19 يوما، وبعدها نُقل إلى قسم الأشبال بمعتقل “الدامون”.
بينما الفتى محمد عبيدات (17 عاما) من بلدة جبل المكبر جنوب القدس أكد ان الأوضاع الحياتية داخل زنازين مركز تحقيق “المسكوبية”، قاسية للغاية فالغرف داخل المعتقل قذرة جدا، والأغطية وسخة مليئة بالحشرات وتُسبب حساسية للجلد، ووجبات الطعام المقدمة سيئة النوع والكمية، عدا عن ذلك فإن معاملة السجانين للأسرى سيئة للغاية، حيث يقومون بالاعتداء عليهم وضربهم؛ لحجج وذرائع واهية.
من جانبه أوضح مكتب إعلام الأسرى أن قوات الاحتلال تنقل المواطنين الذين يتم اعتقالهم من أنحاء الضفة الغربية والقدس بعد الاعتقال مباشرة الى مراكز التحقيق والتوقيف وهم لا يملكون سوى ملابسهم الشخصية، وغالباً لا تسمح لهم باصطحاب ملابس ثقيلة حين الاعتقال في ايام الشتاء، وبعضهم يعتقل بملابس النوم .
وتفتقر مراكز التوقيف الى وسائل تدفئة او أغطية كافية أو مياه ساخنة في الشتاء او الى مراوح ووسائل تبريد في الصيف، والطعام المقدم للأسرى سيء كماً ونوعاً، وأحيانا يجد الأسرى بداخله حشرات، اضافة الى معاملة السجانين العدائية والاستفزازية حيث يعتدون على الاشبال بالضرب والاهانة والشتم.
وطالب المؤسسات الحقوقية بضرورة تشكيل لجان تحقيق لزيارة مراكز التوقيف والتحقيق والاطلاع على الجرائم التى ترتكبها سلطات الاحتلال بحق الاسرى وحرمانهم من كل مقومات الحياة وتعريضهم لوسائل تعذيب محرمة دولياً.