تقرير - إعلام الأسرى
اثني عشَر عاماً والحياةُ كاللاشيءَ بعيونِه، فحين تُجبِرُكَ الحياة على الوُقوف في دائرة العُزلةِ والأسرِ، وحينَ يمضي جزءٌ من عُمركَ رمادً وأنتَ في زنازينِ الظُلم والعذابِ بعيداً عن الأهلِ والوطنِ والحرية، يَكونُ القلبُ قد أُرهِقَ شوقاً لعناقِ ترابِ أرضهِ المغتصبة، الأسير مجدي مبروك أبو فارس قصةُ قلبٍ زجَّهُ العدو في معتقله لكنَّ الحريةَ كانت أقوى لاحتضانه.
وعن لحظة الإفراج يقول الأسير المحرر مجدي مبروم أبو فارس من مدينة نابلس، والذي قضى 12 عاماً داخل قضبان الأسر، أنها كانت مؤثرة جداً، وخصوصاً لحظة لقاء الأهل والاجتماع مع عائلتي بعد هذا الفراق الطويل، لكن بالوقت نفسه كان شعوري مختلط، بين الفرح والحزن ففي هذه اللحظة تذكرت بعض من الأحبة الذين فقدتهم خلال وجودي بالأسر ولم أتمكن من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم، والأسرى الذين تركتهم خلفي ويقضون أحكاماً عالية .
تجربة الأسر
وبحسب الأسير المحرر أبو فارس فإن تجربة الأسر كانت مليئة بالمسارات النضالية، فالحركة الأسيرة هي جزء من الحركة الوطنية في الخارج.
ويضيف أبو فارس: هناك مواجهة مستمرة مع إدارة السجون باعتبارها محطة نضال وكفاح، ومن أجل الحصول وتحقيق بعض من مطالب الأسرى، ومن هنا يبدأ الصراع بين الأسرى وإدارة السجن، والتي من شأنها أن توفر أبعاد كبيرة في عملية النضال ومنها وضع برامج تكتيكية واستراتيجية.
ويؤكد أبو فارس أن هناك ترابط ووحدة بين الفصائل المختلفة داخل الأسر، لمواجهة سياسة الاحتلال، الذي يسعى إلى تفريغ المناضل من محتواه.
وحول كيف يمكن للأسير أن يقضي وقته ويتأقلم داخل الأسر يقول الأسير المحرر أبو الفارس: في هذه المحطة تكون مجبور على التأقلم والتعايش مع هذا الواقع الذي أنت فيه، من خلال التعليم والتثقيف المستمر، وأن يكون لديك برنامجك الخاص، وبالتالي يكون هناك نقلة نوعية للوعي، وتحافظ على وجودك وشخصيتك.
ويستردف حديثه أن تجربة الأسر فيها الكثير من القضايا التي يمكن الاستفادة منها إذا كان لدى الأسير إرادة وعزيمة قوية، لتكريس كافة امكانيته لتعليم وتطوير الذات، حتى لا يكون وجوده عدمي، ويستطيع الاستمرار مع ظروف الأسر المريرة.
أصعب اللحظات
وبحسب الأسير المحرر أبو الفارس فإن أصعب ما قد يمر به الأسير داخل السجن هو عند سماعه خبر وفاة أحد من أقربائه، وأنه لن يتمكن من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه، والمشاركة في جنازته، مضيفاً" كذلك الأمر في مناسبة الأفراح وشعورك أنك لن تستطيع مشاركة أحبابك أفراحهم".
ويتابع حديثه: أيضاً من اللحظات الصعبة والمؤثرة التي تمر على الأسير وهي أثناء زيارة عائلته وكيف يرى أن ابنه يكبر كل يوم عن الثاني وهو بعيداً عنه وأن ملامحهم تتغير في كل زيارة.
وحول واقع الأسرى داخل السجن يقول أبو فارس" إن المعاناة كبيرة وتطول الجميع دون استثناء فالاحتلال لا يفرق بين فصيل وأخر، فهو يمارس القهر والعذاب بحق جميع الحركة الأسيرة، مؤكدا على أننا كأسرى نقدم أنفسنا كوحدة واحدة وليس كفصيل.
ولفت الأسير أبو فارس إلى قضية الأسرى المرضى، حيث أشار إلى أن هناك ما يزيد عن 12 أسيرا يعانون من ظروف صحية صعبة، وينتظرون ويطالعون الموت في أي لحظة فيما تسمى بمستشفى الرملة، فهي لا تقدم لهم أي علاج مناسب وتكتفي فقط بالمسكنات.
مؤكدا على أنه يقع على عاتق المؤسسات والفصائل والشعب مسؤولية الاهتمام بقضية الأسرى المرضى، كي لا نضطر لسماع خبر استشهادهم كما حدث مع أبو دياك والسايح وغيرهم من الأسرى الشهداء.
مطالب الأسرى
ويبين الأسير المحرر أبو فارس إلى أن المطلب الأول والأهم للأسرى الفلسطينيين هو نيل حريتهم، فكل أسرانا تشتاق لعبير الحرية.
كما أكد على أن رسالة الأسرى هي ضرورة أن يكون هناك التفات شعبي وجماهيري خلف قضية الأسرى، ودعهم من أجل حصولهم على مطالبهم، باعتبارهم أنهم ضحوا من أجل كرامتنا وحريتنا ووطننا.