حين تُزرع البذرة في البيئة الملائمة وتُسقى بالتضحية والعزيمة والصبر، يكون الحصاد عظيماً قوياً متجذراً لا تقوى الريح على إحنائه ولا الظروف على تحطيمه، فكيفَ بعزيمة شابٍ ترعرع في رحاب وطنه المحتل وبين أحضانٍ علمته بأنَّ العلم هو شعلة التحرير ومنبر العز والشموخ، براء ذوقان ذو الرابعة والعشرين ربيعاَ شابٌ تحدى وما يزال سموم الاحتلال التي تحارب نموه واخضراره، محتل وضع القضبان حوله وحرم جسده مرات عديدة حتى من أشعة الشمس وعبق النسيم إلا أن روحه وصموده يرفضان الخضوع والتسليم.
لم تقف إنجازات براء ذوقان من مدينة نابلس، عن حد معين فقبل عدة شهور تمكن من الحصول على إجازة السند المتصل عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، برواية حفص عن عاصم، داخل سجنه، ليحقق اليومإنجاز آخر وينتصر على ظلم السجن ويكسر شوكته ويحصل على شهادة البكالوريوس تخصص التاريخ.
فرح ممزوج بالتحدي
هذه الشهادة لم تكن مجرد ورقة بالنسبة لعائلة ذوقان، فهي حصاد نتائج تعب ابنهم الأسير براء ذوقان، تقول والدة الأسير: عندما أحضر والدة شهادة براء لم أصدق أن أبني تخرج واستطاع أن يحقق حلمه وحلمنا بتخرجه، لقد كانت الفرحة عارمة ولا يمكن وصفها.
وتضيف: لم تكن الشهادة مجرد ورقة فهي حصاد تعب براء منذ أكثر من سبعة أعوام، فالاعتقالات المتكررة حالة بينه وبين تخرجه، فقد تخرج طلاب دفعته قبل ثلاث سنوات.
وتستردف حديثها: لم يكن الأمر هين بالنسبة لنا ولي براء ففي البداية يجب أن يكون هناك تنسيق بين إدارة الجامعة وبين الجمعية العلمية الموجودة داخل الأسر ولقد واجهتنا صعوبة عدة بسبب الإجراءات المعقدة والمطولة، عدا عن صعوبة إدخال الكتب إلى براء فقد كنا في كل زيارة نأخذ معنا الكتب إلى براء ولكن إدارة السجن كانت تمنعنا من إدخاله، فهي تمنع إدخال أي مواد تعليمية باستثناء الروايات.
وقد تعرض الأسير براء للاعتقال خمسة مرات خلال فترة مرحلته الجامعية وعلى فترات مختلفة وكانت أحكامه تتراوح ما بين شهرين إلى الخمس أشهر ولكن في الاعتقال حكم عليه 19 شهراً.
وتكمل والدة الأسير براء حديثها: أن إرادة الحر دائما تنتصر على ظلم وقهر السجان، فبراء رغم عتمة الزنازين ووجوده خلف القضبان تمكن من تحويل السجن الذي يعتبر بالنسبة لأي شخص محنة إلى منحة ليحقق إنجازات عدة من داخله.
إنجازات آخر
وحول إنجازات براء داخل السجن تقول والدة الأسير براء وهي تقلب صوره وشهادته: في زيارة لنا لبراء يخبرنا بأنه ليس لديه أي وقت فراغ فهو يقضي كل وقته بين الكتب والعمل على تطوير ذاته، فقد استطاع أن يحفظ القرآن الكريم من داخل الأسر وتمكن من الحصول على شهادة السند المتصل عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وحصل على العديد من الدورات التعليمية وفي التنمية البشرية، فظلم السجن لم يكسروا أو ينالوا من عزيمته، بالعكس فقد حول براء بإرادته القوية هذه العتمة إلى نوراً يحقق من خلاله الإنجازات والأحلام.
وتضيف أن براء كان يطمح قبل دخول الأسر أن ينهي شهادة البكالوريوس ويكمل فورا إنهاء دراسته العليا، وبعد حصوله على شهادة البكالوريوس، وهذه ما سوف يسعى إليه بعد نيله حريته وخروجه من الأسر.
رسالة والدة براء
تطالب والدة الأسير براء الجامعات والجهات المختصة بضرورة التعاون مع الأسرى وإتاحة المجال لهم، وتقديم كافة التسهيلات، والوقوف إلى جانبهم قلباً وقالباً، وخوصاً في ظل العراقيل التي يضعها الاحتلال أمامهم.
وتأمل والدة الأسير براء أن تنتهي رحلة اعتقال ابنها، وأن يعود له سالماً، وأن يعود إلى عائلته، ويحقق ما يطمح إليه من اكمال دراسته العليا.