انقلب حال عائلة قطش من بلدة يبرود شرق مدينة رام الله قبل عشرة أشهر حين مارس الاحتلال بحقها عرفه الأسود بالاعتقال والاقتحام الليلي والترهيب، لتصبح منذ ذلك الحين واحدة من آلاف العائلات التي فرض السجن المرير على حياتها قسرا.
ولم يكتف الاحتلال الظالم بتغييب ابن واحد للعائلة؛ بل زاد في ذلك باعتقال النجل الأصغر ليصبح أصغر أسير إداري في سجونه دون أن تحرك المؤسسات الدولية ساكناً.
محاولة الترهيب
قبل عشرة أشهر داهمت قوات الاحتلال بأكثر من 30 جنديا صهيونيا منزل العائلة وعاثوا فيه خرابا وتفتيشا هدفه العقاب فقط.
ويقول والد قصي لـ مكتب إعلام الأسرى إن قوات الاحتلال اقتحمت المنزل بعد خلع وتفجير بابه الرئيسي؛ ثم هاجموا غرف المنزل بطريقة همجية واحتجزوا الوالدين مع الأطفال في غرفة واحدة.
ويوضح بأن الجنود اقتحموا غرفة قصي (19عاما) وقاموا بمهاجمته فيها والاعتداء عليه بالضرب المبرح، ثم اعتقلوه ونقلوه إلى آلياتهم دون السماح لعائلته برؤيته أو توديعه.
وبعد الاعتقال بعشرة أشهر تم الحكم على قصي بالسجن لمدة 22 شهرا وغرامة مالية بقيمة أربعة آلاف شيكل، وذلك بعد تقديم لائحة اتهام بحقه من عشرة بنود بينها الانتماء لحركة حماس وتشكيل خلايا عسكرية والتخطيط لتنفيذ عملية فدائية ضد البرج العسكري المقام على مدخل البلدة.
ويشير الوالد إلى أن قصي كان يعمل طاهيا قبل اعتقاله ويحاول بناء حياته رويدا رويدا ولكن الاعتقال سلبه حتى هذا الحلم البسيط.
وبينما كانت العائلة تحاول التأقلم مع غياب قصي رغم أن هذا الوضع لا يمكن التأقلم معه، قام جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة باعتقال شقيقه الفتى سليمان (15عاما) بعد مداهمة منزله وذلك في الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وبعد 35 يوما من الاعتقال تم الإفراج عن سليمان بضغط من العائلة التي نظمت حملة مناشدة على مواقع التواصل الاجتماعي، فتم الإفراج بكفالة شخصية على الوالد قيمتها ألفا دينار أردني.
ولكن لم تنته الحكاية هنا؛ فبعد عشرة أيام فقط من الإفراج عنه قامت قوات الاحتلال باعتقاله بعد مداهمة منزله بالطريقة ذاتها وخلع باب البيت وتفتيش غرفه بهمجية.
ويوضح الوالد بأنه وفور اعتقال سليمان هاتفه ضابط المخابرات الصهيوني وعرّف عن نفسه بأنه المحقق المسؤول عن التحقيق معه؛ وأخبره بأنه تم نقل سليمان إلى سجن عوفر وعقد جلسة محاكمة له في اليوم ذاته دون حضور أي أحد من العائلة بدواعي الإجراءات الأمنية.
وبعد ذلك تم تحويل سليمان للتوقيف لمدة 72 ساعة ثم فور انتهائها تم توقيفه لثمانية أيام، وبعدها في جلسة سرية تم تحويله للاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر ليصبح أصغر أسير إداري.
ظروف قاسية
ورغم كل تلك المحاكم التي عقدت إلا أن العائلة لم تتمكن من رؤية سليمان والاطمئنان عليه، ولكنها علمت عن طريق شقيقه الأسير قصي أنه يعاني من البرد القارس في سجن عوفر مع بقية الأسرى الأطفال.
ويقول الوالد إن العائلة تمكنت من زيارة قصي خلال الشهر الفائت فتمكنت من رؤية سليمان الذي قال إن ظروف الاعتقال قاسية جدا وإن الاحتلال يستغل ظروف البرد القارس من أجل التضييق على الأسرى الأطفال والمرضى.
وخلال جلسة المحاكمة لقصي قبل أسبوع لاحظ الوالد أن ابنه في وضع غير طبيعي فسأله ما بك؛ فأجاب بأنه يعاني من البرد الشديد حيث تم إحضاره من الساعة الثامنة صباحا وحتى الساعة الواحدة وهو ينتظر خارجا في البرد، دون أي مراعاة إنسانية، وبقي في حالة يرثى لها طيلة هذه الساعات وبشكل متعمد.
ويشير الوالد إلى أن سليمان كان كذلك يدرس في معهد لتعلم الفندقة والطهي وأثر الاعتقال كثيرا على دراسته بل على حياته بأكملها.
ورغم صغر سنه إلا أن الاحتلال ومنذ اعتقاله لم يسمح لعائلته بزيارته، وذلك ليمعن في عقاب العائلة والأسير ضمن ممارساته الظالمة.
ويضيف الوالد:" نطالب المؤسسات الحقوقية الدولية الإنسانية بالوقوف مع أسرانا وأسيراتنا في ظل الوضع الإنساني والمعنوي والأخلاقي الذي يرثى له، وخاصة أن الاحتلال يحاول الاستفراد بالأطفال الأسرى عبر نقلهم إلى سجن الدامون الذي يحتوي على سجناء أمنيين صهاينة وظروفه قاسية".