خمسَةَ عشر عاماً مَرَّت كسويعاتٍ معدودةٍ أمام هذه الأربعة أعوام .. فتلكَ قضتها بين أضلُعِ والديها الحنونة وبين من تُحب .. أمَّا هذه فكانت بين جُدران الظلم والعذاب في سجون الاحتلال. طفلةُ سُجنت وقُيِّدت براءتها بأغلال مُحتلٍ يُحاربُ حتى الحجر الفلسطيني المقدس.
منار الشويكي(19عاماً) من البلدة القديمة سكان مدينة القدس تتحدث عن تجربته الاعتقالي في سجون الاحتلال لمكتب إعلام الأسرى، حيث كانت قوات الاحتلال اعتقلت الشويكي 6/12/2015، أثناء مغادرتها المدرسة، وكان عمرها آنذاك 15 عاماً فقط.
بداية الاعتقال
وعن لحظة الاعتقال تقول الأسيرة منار الشويكي لمكتب إعلام الأسرى ما زلت أتذكر هذا اليوم بالرغم من أنني كنت في هذه الفترة طفلة لا أتجاوز خمسة عشر عاماً، لقد حاوطني عدد كبير من الجنود ولأنني رفضت الانصياع لهم والجلوس على قدمي، فقاموا بضربي بالمطاط، ولم يكن في حينها معهم مجندة فحاولوا هم تفتيشي.
تتابع الشويكي حديثها عن بداية الاعتقال وتقول: قاموا بنقلي بعدما قيدوا يداي إلى مركز القشلة، ولم يمكن معي أحد من عائلتي ولا المحامي شعرت بالخوف فأنا طفلة لا أعرف ماذا يحدث أمامي ثم أدخلوني إلى مركز التحقيق واستمر معي 11 ساعة.
كان من الصعب على منار في البداية التأقلم في السجن حيث كانت المرة الأولى التي تفترق فيها عن عائلتها وحرمانها من إكمال تعليمها تقول الأسيرة الشويكي" لم أتمكن في البداية التأقلم مع جو السجن فالعيش في الداخل لا يشبه الخارج أبداُ، ولكن مع الوقت تحاول أن تتعود على العيش بين أربعة جدران، وأن تكون محرومةً من الهواء النقي".
معاناةٌ داخل الأسر
يعاني الأسرى والأسيرات داخل سجون الاحتلال من ظروف قاسية للغاية، وانعدام ظروف الحياة الصحية الجيدة ويزداد الأمر سوءاً في سجن الدامون تقول الشويكي" أن الوضع في سجون الدامون سيء للغاية، سواء من ناحية المراحيض وانعدام خصوصية الإناث والمعاملة السيئة من الإدارة، والغرف الضيقة.
رغم هذه الظروف القاسية التي تعاني منها الأسيرات داخل سجون الاحتلال إلّا أنهن يحاولن التأقلم مع هذه الظروف من خلال ترابطهن والتعاون فيما بينهم تقول الشويكي" كان عددٌ كبير داخل السجن كنّا يداً واحدةً، ولم يكن هناك فرقٌ من أي انتماء أو حزب أو من أين جئتي؟، كنا نتقاسم كل شيء بيننا وهذا كان يُهوّن علينا مرارة وقسوة السجن.
تحدي وإصرار رغم قسوة الأسر
استطاعت الأسيرة الشويكي أن تصنع من عتمة الزنازين وقسوة الأسر أن تحقق إنجازاتٍ عدة فهي تمكنت من الحصول على شهادة الثانوية العامة من داخل قضبان السجن وحصلت على معدل 88.3، أيضا تمكنت من الحصول على عدة دوراتٍ في مجالاتٍ مختلفة.
تقول الشويكي" تقدمت لامتحان الثانوية العامة من داخل السجن، رغم الصعوبات والعوائق التي تكون أمام الطالب الذي يرغب في إكمال دراسته، ومنها محدودية الكتب، وشروط التقديم المعقدة، وقلة الغرف الدراسية التي تعطى فيها الحصص، إلا أنني تحديت هذه العوائق واستطعت التفوق بالثانوية العامة".
وتصف الشويكي خبر تفوقها بالمفرح المحزن وتقول" عندما وصلني خبر نجاحي كان شعوري ممزوجاً بين الفرحة والحزن فالاحتلال دائماً يمغص علينا فرحتنا، فبسبب اعتقالي لم أتمكن من مشاركة عائلتي هذه الفرحة وخصوصاً أنني الابنة الأكبر لهم أي فرحتهم الأولى".
اللحظات الأولى للإفراج
تصف الأسيرة الشويكي اللحظات الأخيرة قبل التحرر وتقول" يكون الأسير في هذه اللحظات تحت ضغط نفسي كبير، حيث يخشى الأسير أن تستأنف النيابة قرار الإفراج وترفض الإفراج عنه، كما حدث معي ففي المرة الأولى وافقت النيابة على إطلاق سراحي ولكن في اللحظة الأخيرة رفض القاضي قرار الإفراج ".
وتضيف" كنت أنا وعائلتي في صدمةٍ كبيرة أثناء إطلاق سراحي، وخصوصاً أنه تم الإفراج عنّي قبل انتهاء مدة الحكم بعامين".
وحول لحظة لقاء الأهل تقول الشويكي هذه اللحظات من الصعب وصفها أو التعبير عنها "أنني للمرة الأولى ألمس يدَ أمي وأقُبل رأس أبي منذ أربعة أعوام".
وتطالب الأسيرة منار الشويكي الجهات المختصة والإعلام أن يكون هناك عناية خاصة بالأسرى والأسيرات وتسليط الضوء عليهم بشكل أكبر، وبحسب الشويكي فان المطلوب الأول لجميع الأسرى هو نيل حريتهم.