الأسير المؤبد باسل الأسمر : فقد 37 كيلو من وزنه تحت القمع والتنكيل والعائلة تجهل مصيره الصحي حتى الآن
تقرير/ إعلام الأسرى

ينتهج الاحتلال اليوم ممارسات خطيرة بحق الأسرى تتعدى سياسة التجويع والقمع والضرب، وتطال حرمانهم من حق رؤية محامٍ وإرسال آخر أخبارهم لعائلاتهم. اليوم يرفض كثير من الأسرى زيارة المحامين لهم حتى لا يتعرضوا للضرب قبل الزيارة وبعدها، حيث تتعمد إدارة السجون ضرب الأسير في تلك الأوقات. وفي الوقت الذي تمتلئ فيه حياة الأسرى ما بعد السابع من أكتوبر بالقمع والتنكيل، يجد الأسير نفسه مجبرا على أن يرسل خبرا لذويه يطلب فيه عدم إرسال محامٍ له، لتتبع العائلة أخباره لاحقا عبر الأسرى المحررين.

الأسير باسل عبد الرحمن أحمد الأسمر (49 عاما) من بيت ريما قضاء رام الله، رفض زيارة محاميه بعد أن تعرض للضرب عقب إحدى الزيارات، وأبلغ عائلته أنه لا يريد زيارة أخرى، واليوم تعلم العائلة تفاصيل أوضاعه عبر الأسرى المحررين فقط.

مكتب إعلام الأسرى يواصل تسليط الضوء على قضية الأسرى أصحاب الأحكام المؤبدة، ويعرض تفاصيل السياسات الاعتقالية والتنكيل الممنهج بحقهم. وفي هذا الإطار تحدثت لسنابل الراعي زوجة الأسير باسل الأسمر، لعرض آخر أخباره وما تعرض له من تنكيل، إضافة إلى ملفه الطبي وإنجازاته العلمية والأدبية في سجون الاحتلال.

تقول زوجة الأسير باسل الأسمر: "باسل متواجد في سجن نفحة رفقة زملائه الأسرى، تعرض للضرب والتنكيل قبل أسبوعين، وعلى أثر ضرب السجان له أصيب برضوض في جسده. كما أنه يعاني من مشاكل في أسنانه، فقد كان قبل حرب السابع من أكتوبر قد بدأ رحلة علاجية لها، وبعد أن وضع الطبيب اللمسات العلاجية الأولى توقف علاجه نتيجة ما حدث في السجون. اليوم يضطر لطحن الطعام حتى يستطيع تناوله، ونتيجة سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال ضد الأسرى فقد 37 كيلو من وزنه".

وأضافت زوجته أن باسل كان إنسانا رياضيا، وزنه 97 كيلو، واليوم يخبرهم الأسرى المحررون من ذات قسمه بأن شكله اختلف كليا، وبأنهم إن رأوه الآن لن يتعرفوا عليه.

باسل الأسمر تعرض للتنكيل في أعقاب زيارة بن غفير لسجون الاحتلال، وهو من الأسرى الذين يتعمد الاحتلال التنكيل بهم بتوصية. واليوم، وبعد انقطاع زيارة محاميه نتيجة ما يتعرض له تجهل العائلة آخر أخباره الصحية والاعتقالية.

الأسير باسل الأسمر مثال للإنسان الذي يحب الحياة ويحب حرية بلاده، وسار في ربوعها أملا أن يراها وقد أصبحت وطنا مطمئنا. ليس رقما ولا حكما مؤبدا فقط، بل لديه عائلة تحبه وتنتظر حريته، وزوجة تأمل أن ترى الفرح في وجهه وأن تعيش معه حياة طيبة. إنجازاته في الأسر ترقى لأن يكون كاتبا وروائيا من الطراز الرفيع، حفر في جدار العلم حتى وصل إلى درجات عالية من الثقافة، ولم يدع الأسر يقف عقبة أمام أحلامه.

في 12/3/2022 ارتبط الأسير باسل الأسمر بزوجته سنابل الراعي، وكان ذلك منعطفا من أجمل منعطفات حياته.  

واليوم ترافقه سنابل في كافة تفاصيله وإن كان بعيدا، تترقب زيارة المحامين له وتتطلع إلى حريته وفرحتها بانتهاء قهر السجون، وهي مثال لإنسانة محاربة تقف خلفه كظله وتبذل قصارى جهدها لمعرفة أخباره ونشر تفاصيل معاناته في السجون.

كثيرة هي محطات الحياة بالنسبة للأسير المناضل باسل الأسمر. فقد اعتقله الاحتلال عام 2002 بعد أن تعرض لأشهر طويلة من المطاردة نتيجة اتهامه بالمشاركة في عملية قتل الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي، وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد و20 عاما إضافية، وهو أحد كوادر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

لطالما حلم الأسمر بأن يكون أحد طلاب جامعة أوديسا في أوكرانيا، غير أن الاحتلال حرمه من الحصول على تأشيرة للسفر وحاول ابتزازه. ولعمق حبه لبلاده آثر البقاء وتخلى عن حلمه الدراسي.

يشكل الأسير باسل الأسمر حقبة زمنية مليئة بالعطاء الوطني، التي لم تكشف كافة تفاصيلها وبقيت أجزاء منها في صدور أصحابها حتى اليوم. عطاؤه العلمي لم يتوقف عند الاعتقال، فقد درس قبل اعتقاله دبلوم هندسة ميكانيكية، وأنهى من خلف القضبان مرحلة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية، كما بدأ دراسة بكالوريوس في إدارة الأعمال لكنه لم يكتمل، وكان بصدد دراسة الماجستير إلا أن الحرب أوقفت طموحه هذا.

شارك الأسير الأسمر في مسابقة "مداد الأحرار" للقصة القصيرة بعنوان "الراعي والهدهد"، وحصل على المركز الثالث فيها. وله أعمال أدبية لم ترَ النور كلها نتيجة إجراءات الاحتلال. إنه كاتب من الطراز الرفيع لديه مجموعة قصصية بانتظار الحرية. وهو إنسان بطموح يبلغ أعالي السماء. فقد والدته في يونيو الماضي وحرمه الاحتلال من وداعها، وما زاد ألمه أنه لم يعلم بخبر وفاتها إلا بعد شهر.

اليوم تتطلع زوجته إلى أن ينال حريته وأن تعلم أخباره بعد هذا الانقطاع، وتجاهد كي تتواصل مع الأسرى المحررين لتطمئن على ملفه الصحي. وحتى يخرج حرا، تقف خلفه كجبل أشم.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020