مشهدٌ تاريخي في الذاكرة الفلسطينية؛ شاب يدافع عن أرضه ومستوطن يحميه عشرات الجنود يحاول الاستيلاء عليها، هكذا الحال في القدس المحتلة يوميا حيث جوهر الصراع الوجودي بين أصحاب الأرض والحق ومحتل يطمع بأراضيهم وممتلكاتهم.
عائلة سمرين المقدسية التي تقطن بلدة سلوان الحامية الجنوبية للمسجد الأقصى المبارك؛ كانت واحدة من العائلات التي دفعت ثمنا غاليا بسبب دفاعها عن أراضيها؛ وحتى الآن ما زالت هجمة الاحتلال عليها مستمرة وتركزت بالاعتقالات والإصابات بحق أبناء العائلة.
اعتقالات بالجملة
بدأت الهجمة على أفراد عائلة سمرين مع بداية الأطماع بحق أراضي حي وادي الربابة أحد أجمل أحياء بلدة سلوان؛ حيث تبلغ مساحته ١٠٠ دونم تمت مصادرتها على يد الاحتلال عبر السنوات الماضية.
ويقول أحد أفراد العائلة أحمد سمرين إن استيلاء الاحتلال على أراضي الحي كانت على مدار عشرين عاما من التخطيط والتهويد وبضغط من الجماعات الاستيطانية التي تتذرع بالبعد الديني للاستيلاء على كامل بلدة سلوان.
وتعود ملكية تلك الدونمات لعائلات البلدة ولكن عائلة سمرين لها النصيب الأكبر منها بواقع ٢٥ دونماً، ومع بداية العام تكثفت الهجمة على الأراضي ليحاول الاحتلال تهويدها في وضح النهار؛ ولكن أبناء العائلات المختلفة هبوا للدفاع عنها وكان في مقدمتهم أفراد عائلة سمرين.
وأوضح لـ مكتب إعلام الأسرى إنه منذ بداية العام الحالي اعتقل الاحتلال ٢٤ شابا من العائلة؛ وأصيب أربعة منهم بجروح ضمن هجمة شرسة على الأراضي لتحويلها إلى حدائق تلمودية وتوراتية للمستوطنين.
الاعتقالات كانت تتم خلال التصدي لاقتحام الاحتلال والمستوطنين للأراضي، حيث يقوم عناصر الشرطة الصهيونية بالاعتداء على المتواجدين في المكان واعتقالهم؛ وبعضهم يتم اعتقالهم من منازلهم بعد انتهاء الحدث تحت حجة "التعرض لعناصر الشرطة والمستوطنين ومنعهم من إكمال عملهم في الأراضي".
وأضاف سمرين بأن الاعتقالات كانت تتم من أماكن مختلفة إما من أراضي الحي أو من منازلهم أو حتى من أماكن عملهم؛ وتعرض كذلك أفراد العائلة للمضايقات بطريقة ممنهجة وكل ذلك لأن المقدسيين وقفوا أمام خطط الاحتلال التي تهدف إلى تحويل أراضيهم إلى حدائق للمستوطنين.
شروط للإفراج
وبعد عمليات الاعتقال التي تهدف إلى ترك المستوطنين يبسطون سيطرتهم على الأراضي بأريحية؛ كان الاحتلال يتخذ خطوات عدة لضمان إبعاد الفلسطينيين عنها.
وأشار سمرين إلى أن الشبان الذين تم اعتقالهم تم الإفراج عنهم بشروط مقيدة أبرزها الإبعاد عن أراضي واد الربابة وذلك كي يتسنى للاحتلال العمل بأريحية في تلك الأراضي كما يحصل في معظم مناطق القدس التي تسعى الجماعات الاستيطانية للسيطرة على أراضيها.
والمعتقلون كذلك يتم فرض الحبس المنزلي عليهم لضمان بقائهم في بيوتهم خلال عملية السيطرة على الأراضي؛ فالمستوطنون لا يرتاحون لفكرة وجود أي مقدسي يرابط في أرضه خلال عملية استيلائهم على أرضه.
أما الجزء الآخر من العقوبات بحق المعتقلين فتمثل بالغرامات المالية كي ترهق كاهل أبناء العائلة فيمتنعوا عن الذهاب إلى الأراضي للدفاع عنها؛ ولكن ذلك لم يفلح في إبعادهم عنها وقطع تعلقهم بها.
وأضاف:" ورثنا هذه الأرض أبا عن جد؛ ونحن الأحق بها ولن نتركها لهم؛ ودفاعنا عنها هو واجبنا على مدار السنوات، لذلك لا تفلح كل هذه الاعتقالات والاستدعاءات والتضييقات بحق أفراد العائلة أو أي عائلة أخرى".