أكدت الأسيرة المحررة أنسام ناصر شواهنة (23 عاما) أن إدارة سجون الاحتلال ما زالت تستفرد بالأسيرات، وتقوم بسحب إنجازاتهن وسلب حقوقهن البسيطة في سجن الدامون.
وروت المحررة في حوار لـ مكتب إعلام الأسرى ما تعرضت له خلال سنوات اعتقالها من تعذيب وتنكيل، كما أوضحت أوضاع الأسيرات المأساوية والتي يتعمد الاحتلال زيادة قسوتها عبر سياساته الظالمة.
ضرب حتى الإغماء
في التاسع من آذار/ مارس من عام ٢٠١٦ كانت أنسام عائدة من دوامها في جامعة النجاح الوطنية، وبالقرب من مستوطنة "قدوميم" المقامة على أرض مدينتها قلقيلية أوقفها الجنود وبدأوا بالصراخ عليها، ثم زعم الاحتلال أنها حاولت تنفيذ عملية طعن.
وتقول المحررة إن أكثر من ٢٠ جنديا صهيونيا حاصروها وبدأوا بضربها بشكل مبرح؛ حيث تعمدوا ضربها على رأسها حتى أحدثوا فيه جرحا كبيرا بدأ ينزف دون اكتراث منهم؛ مبينة أنها من شدة الضرب الذي تعرضت له فقدت وعيها.
بعد ساعات استفاقت أنسام من غيبوبتها؛ لتجد نفسها مكبلة وملقاة على الأرض وقد نزع الجنود ملابسها وهم يقفون حولها ما جعلها تتعرض لتأثر نفسي كبير.
وأوضحت أنها في تلك الحالة شعرت بغطرسة الاحتلال وتجبره؛ ثم بدأ أحد الضباط بالتحقيق معها رغم وضعها الصحي.
وبعد معاناة مع التحقيق الميداني والاستجواب والإهمال الطبي نقلت الأسيرة إلى أحد المراكز الطبية لمعالجة جرحها؛ ولكنها بقيت مقيدة اليدين ومحاطة بعدد كبير من الجنود.
وأشارت إلى أن التحقيق والتعذيب الجسدي والنفسي استمر معها ليومين؛ ثم نقلت إلى مركز تحقيق الجلمة لتبدأ دوامة التعذيب النفسي والتهديد والشبح والحرمان من النوم والطعام الجيد، ومكثت فيه سبعة أيام عادلت سبع سنوات.
منع الزيارة
بعد عام كامل صدر الحكم على الأسيرة بالسجن لخمس سنوات؛ وذلك بعد مداولات في قضيتها والحديث عن حكم لثلاث سنوات؛ ولكن القاضية الصهيونية رفضت إصدار ذلك الحكم ورفعته إلى خمس سنوات.
وأكدت المحررة أن الاحتلال ومنذ بداية اعتقالها كان يعرقل بشكل متعمد زيارة عائلتها لها؛ حيث كانت أول زيارة بعد ستة أشهر من اعتقالها.
وأشارت إلى أن الاحتلال كان يعيد عائلتها أحيانا عن الحاجز العسكري قبل الدخول للزيارة؛ ما دفعها للتوجه إلى أحد المراكز للحصول على تصريح بذلك، وبالفعل كانت أول أربع زيارات لها عن طريق هذا المركز.
بعد ذلك حصلت العائلة على تصريح أمني لزيارة أنسام أي مرة واحدة كل أربعة أشهر؛ ثم أصبح التصريح سنويا بحيث تكون الزيارة مرة كل عام، وبعد ذلك منع الاحتلال الزيارات للأسيرات بحجة وباء كورونا فلم تزرها عائلتها منذ بدء الجائحة سوى مرتين.
حياة الأسيرات
وتحدثت شواهنة عن انتهاكات كبيرة تنفذها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسيرات، وهي ما تجعل حياتهن غاية في الصعوبة.
ولعل أبرز ما تعاني منه المعتقلات الفلسطينيات هو حرمان التواصل مع أهاليهن؛ حيث يماطل الاحتلال في تركيب الهواتف العمومية منذ أكثر من عام ونصف في أقسام سجن الدامون ويتذرع كل مرة بحجة جديدة، حتى كانت آخر ذريعة هي عدم وجود ميزانية كافية لتركيب الأجهزة بسبب الانتخابات الصهيونية!
وبيّنت أن الأسيرات يعتمدن بشكل كامل على البرامج الإذاعية لسماع صوت أهاليهن؛ ولكن ذلك ينغصه تشويش البث في كثير من الأحيان.
ومن أشكال المعاناة قيام الاحتلال بتقليص أغراض الكانتينا للأسيرات؛ حيث قام بسحب العديد من الأصناف منها، ومن ضمن ذلك أجهزة المذياع ما يجعل الأسيرات يشعرن بالقلق الشديد كونه الوسيلة الوحيدة لسماع صوت عائلاتهن.
وأشارت إلى أن الاحتلال يحاول التضييق كذلك على المحامين ومنعهم من زيارة الأسيرات ضمن تعمد التنغيص عليهن.
وتبرز قضية الأسيرات المصابات والمريضات على سطح أشكال المعاناة؛ حيث يتعمد الاحتلال إهمال أوضاعهن الصحية ويكتفي طبيب السجن بالمسكنات لأي حالة مرضية مهما كان وضعها.
وأوضحت أن الأسيرة إسراء جعابيص ما زالت رهن المماطلة في إجراء عمليات جراحية هامة لها؛ والكثير من الأسيرات يعانين من أمراض مزمنة مثل نسرين كميل وسمر أبو ظاهر وإيمان الأعور؛ والأسيرة النائب خالدة جرار التي تعاني من أمراض الضغط والسكري والتميع في الدم.
الحرية هي المطلب
الأسيرات حاولن الاحتجاج على ظروفهن المأساوية عبر إرجاع وجبات الطعام عدة مرات؛ وذلك في محاولة لتحقيق مطالب عدة أبرزها إعادة الأصناف للكانتينا؛ واحترام خصوصياتهن وإزالة آلات المراقبة؛ والسماح بزيارات منتظمة للأهالي وتركيب أجهزة هواتف وغيرها من المطالب الإنسانية.
وفي هذا السياق أوضحت شواهنة أن الاحتلال وبدلا من الاستجابة لأي مطلب قام بسحب الكثير من إنجازات الأسيرات والانتقاص من حقوقهن المعدومة أصلا، كما تعرضن للتهديد بالعزل والقمع في حال نفذن أي خطوات احتجاجية.
وشددت على أن الأسيرات مطلبهن الوحيد هو الحرية؛ ورسالتهن للجميع أن القهر ينهش أعمارهن؛ مبينة أنهن يعلقن آمالا كبيرة على صفقة مشرفة تبرمها المقاومة الفلسطينية.
وأضافت:" كانت الأسيرات كلما سمعن أخبارا تتعلق بالصفقة أو قرب إبرامها يبدأن بتنظيف غرفهن ويقلن هذه المرة الأخيرة التي ننظف فيها الغرفة! أملهن كبير بالله ثم المقاومة ومللن الكلام".