طفلٌ بقصة رجل، معزولٌ عن محيطه العائلي، أبعده الاحتلال عن منزله في سلوان، جنوب المسجد الأقصى إلى حيٍ آخر، يعيش مع جدته، محرومٌ من اللعب خارج المنزل، يصعد سطح المنزل ليرى العالم من فوق، عالمٌ لا يعيش فيه كما البقية، عالمٌ يخضع فيه لأعتى احتلالٍ في العصر الحديث.
الطفل عوض الرجبي (14عاماً) في الصف التاسع، يخضع للاعتقال المنزلي حتى انتهاء محاكمته، يقول عن حياته القاسية"أنا لا أعيش كبقية أصحابي، فالاحتلال يمنعني من الخروج، وأنا أبقى مع جدتي داخل المنزل لأساعدها، ومع بداية العام الدراسي الحالي لم أستطع الذهاب للمدرسة، وتخليت عن مقعدي الفارغ في المدرسة، وسؤال زملائي عني".
التعذيب الجسدي
يضيف الطفل المقدسي المحبوس منزلياً بمراقبة عائلته"حتى الاحتلال لم يسمح لي بالبقاء في منزلنا في سلوان، بل أبعدني عنه إلى حيٍ آخر عند جدتي، مكثت في التحقيق مدة 40 يوماً، تعرضت في تلك الفترة إلى عذابٍ نفسي وجسدي قاتلين، من حيث الخنق والصعقات الكهربائية".
يتابع الرجبي حديثه"خلال المحكمة خلعت قميصي أمام القاضي، وصعق الجميع ومن ضمنهم القاضي من حجم التعذيب الجسدي التي ظهر على جسدي في منطقة الظهر والرقبة من خلال الخنق والصعقات الكهربائية، المحقق كان يقول لي: اعترف لينتهي كل شيء، وعندما فشلوا في إدانتي بإلقاء زجاجة حارقة على المستوطنين، تم تحويلي للحبس المنزلي منذ ذلك الوقت، ومازالت المحاكمة مستمرة والجبس المنزلي أيضاً".
كارثة إنسانية
عمر الرجبي، أبو عوض، والد الطفل عوض الرجبي يقول في حديثٍ خاصٍ معه"نحن في كارثة إنسانية، فأنا ووالدته انتقلنا من بيتنا في بطن الهوى في سلوان إلى منزل جدته في واد الجوز، وهذا الانتقال أثّر بشكلٍ سلبي على شقيقته الصغيرة رهف وشقيقه الصغير أحمد، وعلى والدته كما أثّر على نفسيتي كأب، فالمحكمة المركزية في القدس، فرضت علينا أن نكون كفلاء عليه داخل محبسه بعيداً عن بيتنا في سلوان، والكفيل هنا حارس عليه".
وأضاف الوالد المكلوم"اعتقل ابني بتاريخ 11/7/2018م حتى تاريخ 27/8/2018م، وتعرض خلالها في غرفة رقم 4 في المسكوبية إلى تعذيب مرعب، نال من جسده ونفسيته، وانتزعوا منه اعترافات وطالبوه باعترافات إضافية لإدانته، وهو طفل في الصف التاسع، ومن خلال الحبس المنزلي ضاعت عليه المدرسة، فقضيته قد تستمر سنوات، ولا يعقل أن يعود بعد سنوات إلى الصف التاسع وهو في عمرٍ متقدم، وفي نظري هذه هي الخسارة الحقيقية، أن يفقد حقه في التعليم، ونكون نحن سجانين له حتى انتهاء المحكمة الظالمة والعنصرية".
ويتابع والد الأسير عوض قائلاً"على الصحافة أن تنشر عنا وعن معاناتنا، فنحن نتعرض للعقاب على مدار الساعة، وأنا أعيش مع ابني في منزل يحظر عليه الخروج منه واللعب ولو أمام المنزل، وهذا أسوأ من الاعتقال والأسر".
أبعاد خطيرة
الناشط المقدسي، رئيس لجنة أسرى القدس أمجد أبو عصب، قال في حديثٍ معه" هناك قرابة العشرين حالة اعتقال داخل الحبس المنزلي، وتستمر عقوبة الحبس المنزلي إلى أكثر من عام ونصف، وبعدها يتم إعادة الطفل إلى السجن دون احتساب فترة الحبس المنزلي؛ كعقوبة مضاعفة، وانتقام مخابراتي بحق الطفولة المقدسية".
يضيف أبو عصب"آثار الحبس المنزلي خطيرة جداً من الناحية النفسية، وتتمثل بعدوانية خطيرة، وعزلة وانطواء مرعب، وسياسة تجهيل من خلال منع الالتحاق بالمدرسة وتفويت فرصة الدراسة، ومن الناحية الجسدية يتحقق الحرمان من كل وسائل الترفيه التي يحتاجها الطفل في هذا الجيل، مثل ممارسة الرياضة والخروج في رحلات ميدانية وغيرها من الأمور، فالاحتلال يسعى إلى تدمير الجيل الذي يدافع عن المسجد الأقصى".
ووجه أبو عصب لوماً وانتقاداً لاذعاً للجمعيات الإنسانية والحقوقية التي تقف موقف المتفرج اتجاه هذه الجريمة التي يكتوي بنارها أطفال مدينة القدس المحتلة، يقول أبو عصب" منظمة اليونيسيف لديها كامل الإحصائيات والحالات التي تتعرض للحبس المنزلي بشكل تفصيلي، إلا أنها لا تحرك ساكناً تجاه هذه الجريمة".
تجدر الإشارة إلى أن هناك 270 طفلاً فلسطينياً يقبعون خلف القضبان تم حرمانهم من الذهاب إلى مدارسهم، لاستمرار اعتقالهم ومحاكمتهم أو إخضاعهم للحبس المنزلي.