ستة أنفاسٍ تغيب عن منزل عائلة أبو حميد، المهدد بالهدم، مؤقتاً لإيمان العائلة بالفرج القريب، ونفسٌ غادر المنزل شهيداً منذ سنوات، ولا تزال سنديانة فلسطين الحاجة لطيفة أبو حميد، أم ناصر أبو حميد، تقاوم وتعطي للبلاد دروساً في الصبر والجلد.
أعياد الحاجة لطيفة أبو حميد لم تكن كأعياد الجميع، والدة الأسرى والشهداء، أصبح عليها الآن أيضاً أن تحمي منزلها في مخيم الأمعري في رام الله، بعد أن هدد الاحتلال العائلة بهدمه.
قصة الهدم الذي يعتبر الثالث في سجل حياة العائلة، بدأ حين جرى اعتقال ابنها إسلام أبو حميد، واتهماه بقتل جندي صهيوني بحجر كبير في أعقاب اقتحامات مخيم الأمعري، ليتم اختطافه من حياته، وتعذيبه أثناء التحقيق، وإعادة أنفاس ذويه المتقطعة للمحاكم من جديد.
قبيل عيد الفطر، اقتحم جيش الاحتلال منزل سنديانة فلسطين في مخيم الأمعري وأخذوا قياساته، وقبل عيد الأضحى، اقتحموه مرة أخرى وأخذوا قياساته مجدداً وقياس منازل أبنائها كذلك، وفي اليوم ذاته منعوها من زيارة أربعة من أبنائها الأسرى في سجن عسقلان، رغم حصولها على التصاريح اللازمة لذلك، وبعد عيد الأضحى، اقتحموا منزلها وسلموها قراراً بهدم الطابق الأول والرابع من البناية التي تسكنها وأولادها.
رغم تناقل قصة سنديانة فلسطين وقصة أبنائها الأسرى وابنها الشهيد بشكل واسع إلا أن أم ناصر أبو حميد بحاجة لوقفة فعلية مساندة لتخليصها من انتقام العائلة منها منذ العام 1994 حين اغتالت ابن العائلة الشهيد عبد المنعم أبو حميد، في أعقاب تنفيذه لعملية ضد أحد ضباط الشاباك في منطقة بيتونيا.
كما وتحتاج العائلة للتعريف بستة من أبنائها الذين تغلق عليهم مدافن الأحياء، فأبنائها الأسرى ناصر ونصر وشريف ومحمد معتقلون منذ العام 2002، في حين اعتقل الاحتلال ابنيها إسلام وجهاد خلال العام الحالي.
مكتب إعلام الأسرى أوضح بأن الأسير ناصر أبو حميد يقضي حكماً بالسجن المؤبد المكرر سبع مرات، إضافة إلى 20 عام أخرى، في حين يقضي الأسير شريف أبو حميد حكماً مؤبد مكرر خمس مرات، ويواجه محمد أبو حميد حكماً مؤبد مكرر مرتين، إضافة إلى 30 عاماً أخرى، في حين يواجه نصر أبو حميد حكماً مؤبد مكرر خمس مرات، وقد اعتقلهم الاحتلال عام 2002، وأبقى عليهم موقوفين حتى العام 2003، ليصدر بحقهم أحكام مؤبدة متفاوتة.
الأسير نصر أبو حميد هو الأخ الوحيد من بين اخوته الأسرى المتزوج، ولديه ابن يدعى رائد، ينتظر حريته بكل شوق، ومؤخراً اعتقل الاحتلال بتاريخ 10/1/2018 الأسير والشقيق الخامس جهاد أبو حميد، وحوّله بعد التحقيق للاعتقال الإداري، وأصدر بحقه أمرين إداريين مدتهما ستة أشهر، في حين اعتقل الشقيق السادس إسلام أبو حميد بتاريخ 13/6/2018، وتم تأجيل النظر في قضيته مرات عدة، وهو ينتظر انعقاد محكمة خاصة بقضيته بتاريخ 8/10/22018.
منزل عائلة أبو حميد تعرض سابقاً للهدم مرتين، مرة حين نفذ ابنهم الشهيد عبد المنعم أبو حميد عمليته عام 1994، ومرةً حين إصدار أحكام مؤبدة بحق الأشقاء ناصر ونصر وشريف ومحمد عام 2003، والمنزل مهدد بالهدم للمرة الثالثة.
المحرر الأديب وليد الهودلي من مدينة البيرة قال عن عذابات عائلة أبو حميد وبالذات الوالدة المكلومة، لطيفة أبو حميد"نحن أمام نماذج لا تتكرر في البشرية جمعاء، فنساء فلسطين أثبتن للقاصي والداني أن مهر القضية الفلسطينية غالٍ ومن دماء الشهداء، وضريبة العمر داخل الأسر، وهدم المنازل، فأم ناصر أبو حميد أصبحت من النماذج المميزة في تاريخ القضية الفلسطينية، وهي صاحبة تجربة قاسية لا تتحمل تبعاتها الجبال العظام".
يضيف وليد الهودلي"مشاعر أم ناصر تتنقل بين أسيرٍ وشهيد وهي تهرب من منزلٍ إلى آخر، ومن سجنٍ إلى سجن ومن اقتحامٍ إلى آخر، فكل وسائل التنكيل عاشتها أم ناصر، وهذه العذابات تصنف كجريمة حرب، وهي من الوثائق المهمة في إدانة الاحتلال في حربه المستمرة ضد عائلات الأسرى والشهداء، فالاحتلال يلاحق عائلات الأسرى في كل تفاصيل حياتهم، ويشردهم انتقاماً منهم".