الأحكام العالية التي تصل إلى آلاف السنوات والتي تقرها المحاكم الإسرائيلية على الأسرى الفلسطينيين لا تمنعهم تحقيق طموحاتهم والإعداد لمشاريع داخل الأسر.
الأسير رائد حوتري من سكان مدينة قلقيلية، والذي يعتبر صاحب أعلى حكم بين أسرى محافظة قلقيلية، فهو يقضي حكماً بالسجن مدة 23 مؤبداً، إضافة إلى مئة عام أخرى، وقد تحدث عن نسيانه الحكم الصادر بحقه، وأن حياته لن تتوقف عند حكم صادر من محكمة عسكرية ليس لها صلاحية في تحديد مستقبل أي أسير.
يقول الأسير رائد حوتري المعتقل منذ شهر آذار من عام 2003 " الاحتلال حاول اغتيالي عند اعتقالي وعند إصابتي، ولم يكن الطبيب العسكري إلا أداة للانتقام والضرب على مكان الإصابة، وبعد صدور الحكم، 23 مؤبداً، لم أجلس لأندب حظي، بل قمت بإعداد عدة أبحاث في عدة مجالات".
يضيف حوتري " أنا أحب كتابة الأبحاث المختصة، وكتابة المسرحيات للأسرى، والتمثيل المسرحي أيضاً، فرغم مرضي وحاجتي الماسة لزراعة القرنية ومعاناتي من مرض النقرس وارتفاع نسبة الدهون في الدم، إلا أنني أعكف على تأليف كتاب عن مدينة قلقيلية وتاريخها العريق منذ الحروب الصليبية، ومصادري داخل السجن محدودة، إلا أن هذا الأمر لن يكون عائقاً أمامي، فالعزيمة والإرادة أقوى من كل المعوقات".
ويتابع حوتري قائلاً " الأسرى لديهم طاقات متنوعة، وهذا ما يغيظ الاحتلال، وفي الآونة الأخيرة بدأت مصلحة السجون بتعليمات من وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان بالتفتيش داخل أقسام السجون عن أية إضافات من أدوات وغيرها زائدة حسب زعمهم عن ما هو مسموح به قانونياً، فهم يعتبرون هذه الإضافات في حياة الأسير احتياجات زائدة، مع أنها تم تحقيقها بالدم والإضرابات والحوارات الطويلة، وتم الحصول عليها ضمن تفاهمات، إلا أن الصراعات الحزبية بينهم تجعل قضية الأسرى ميداناً للمزاودة، وتحقيق إنجازات سياسية بناءً على تشديد القبضة الحديدية عليهم".
ويسرد الأسير الحوتري معاناة الأسرى في ظل الظروف الراهنة قائلاً"أصبح الأسرى من بنك أهداف الاحتلال وأولوياته، فالتضييق يكون يومياً، فعلى سبيل المثال قضية تصاريح الزيارة، عائلتي ممنوعة من تقديم طلب تصريح، أي أن طلب الحصول على التصريح ممنوع، وهذا الأمر يأتي في سياق الحرب النفسية على الأسرى وعائلاتهم، فالحرب مفتوحة على الأسرى على كافة الأصعدة".
زوجة الأسير الحوتري، المربية أسماء حوتري، والتي التحقت ببرنامج الدكتوراة في جامعة النجاح قالت" الذي شجعني على الالتحاق ببرنامج الدكتوراة هو زوجي الأسير رائد حوتري، فهو يعشق العلم وكتابة الأبحاث، وبالرغم من أنه يحمل لقب صاحب أعلى حكم، إلا أن هذا الأمر لم يؤثر على نفسيته، فهو لم يستسلم للحكم القاسي، وهو يمارس حياته بشكلٍ اعتيادي، رغم مرضه وتراجع بصره كثيراً".
وأشارت زوجة الأسير الحوتري إلى أن أولادها يقلدون زوجها في التحدي والقوة، فابنها مقداد حصل على المرتبة الأولى في الأردن في مسابقة رياضية، وكذلك ابنتها حور متفوقة دراسياً، وهم يعتبرون والدهم نموذجاً للنجاح والصبر".