أصبح الصحفيون في الضفة المحتلة يتداولون النكات فيما بينهم ويصفون أنفسهم بالمطلوب الأول والمطلوب الثاني، حتى أن صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي تحمل الكثير من الإشارات الفكاهية للاستعداد لهدف الاحتلال التالي في الاعتقال.. واقع مضحك مبكي يعبر عن حال حرية الصحافة في فلسطين والتي يتزعم الاحتلال حرب تكميم الأفواه ضدها.
خمسة صحفيين خلال يومين رقم ليس مبالغا فيه بل حقيقي فرضه الاحتلال في مدن الضفة هذا الأسبوع، يضاف العدد إلى آخر أكبر يجمل عدد الصحفيين المعتقلين إلى جانب انتهاكات أخرى تتمثل في الاستدعاء وإغلاق المكاتب والمؤسسات الإعلامية وحظر عملها.
انتهاكات خطيرة
الصحفي محمد أنور منى (35 عاما) من مدينة نابلس كان آخر ضحايا هذه العقلية العنصرية الصهيونية، حيث داهمت قوات الاحتلال منزله في بلدة زواتا القريبة من حي رفيديا واعتقلته ونقلته إلى جهة مجهولة.
وتقول زوجته لـ مكتب إعلام الأسرى إن قوات الاحتلال داهمت المنزل بأعداد كبيرة من الجنود ثم جلس معه الضابط المسؤول لخمس دقائق، وطلب منها ألا تجلس معهم وأن تذهب للغرفة الأخرى، قبل أن يتم اعتقاله واقتياده برفقتهم.
وتشير إلى أن الجنود صادروا الهاتف النقال الخاص بزوجها الصحفي والذي يعمل مديرا لإذاعة "هوا نابلس" المحلية في المدينة، كما حاولت معرفة مكان تواجده بعد الاعتقال ولكن لم تحصل على معلومات بشأن ذلك حتى لحظة إعداد التقرير.
والصحفي منى أسير محرر من سجون الاحتلال اعتقل ما يقارب الخمس مرات كانت آخرها في عام 2013 حين اعتقل إداريا لمدة 20 شهراً دون تهمة ولا محاكمة فقط لأنه صحفي ينقل الكلمة والحقيقة، وهو أب لطفلين.
الانتهاكات التي تسجل بحق الصحفيين يمكن أن تصل إلى درجة الخطيرة جدا، خاصة وأنه لا يكاد يمر يوم إلا وتسجل فيه انتهاكات مختلفة منها منع التصوير أو التضييق في العمل كما حدث مؤخرا في بلدة بني نعيم شرق الخليل واحتجاز الصحفي مشهور الوحواح، أو كما حدث على مدخل كلية العروب التقنية شمال المدينة واحتجاز الصحفي مصعب شاور وغير ذلك الكثير.
وترصد المؤسسات المهتمة بشؤون الصحفيين حجم الانتهاكات شهرياً بحق المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها؛ فعلى سبيل المثال سجل خلال شهر أيار الماضي 106 انتهاكات تنوعت ما بين الاعتقال وتمديد الاعتقال وإغلاق الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي والإصابة خلال المواجهات أو اقتحام المنازل والحكم بالسجن الفعلي والاعتداء الجسدي، بينما وصلت هذه الانتهاكات إلى 54 في شهر حزيران الماضي وتضمنت مصادقة الاحتلال على قانون منع تصوير الجنود خلال "القيام بعملهم" أي خلال المواجهات وهو ما يقوض حرية الصحفيين وعملهم اليومي.
القانون الدولي مهمش
ويطرح الكثير من الصحفيين الفلسطينيين قضية القانون الدولي الذي يكفل حرية التعبير والرأي لديهم، متسائلين عن دور المجتمع الدولي في حمايتهم من الاعتقال بشكل رئيسي وتخفيف الانتهاكات الأخرى التي باتت تخنق أنفاسهم وتحرمهم العمل الصحفي.
ويقول الصحفي عمر نزال الناشط في حقوق الصحفيين بأن الاحتلال ما عاد يهتم للرأي العام الدولي والقوانين العالمية؛ حيث بات يخرقها في شتى المجالات كاحتلال الأرض وتعامله الوحشي في موضوع القدس.
ويضيف نزال الذي تعرض للاعتقال الإداري بسبب عمله الصحفي لـ مكتب إعلام الأسرى بأن الاحتلال يخرق اليوم الاتفاقية الدولية الأساسية التي تنص على حرية الرأي والتعبير وحقوق العمل الصحفي ولا يهتم للراي العام الدولي لأنه بات مجرد كلمات ظاهرية.
ويرى بأن الاحتلال شعر مؤخراً بأن القضية الفلسطينية باتت تلاقي قبولاً وتعاطفا من العالم الحر فأصبح يحاول منع أي صوت يعبر عن المقاومة والرأي الحر الفلسطيني، وذلك من خلال اعتقاله لمجموعة من الصحفيين وإغلاق المؤسسات الإعلامية وحتى الشركات التي تقدم خدمات إعلامية لوسائل الإعلام على اختلاف توجهاتها.