كان بيتها ليكون خلية ترقبٍ في مثل هذا الوقت لو عاشت سنتيها الماضيتين بصورة طبيعية، كان ليكون ترقباً من النوع الجيد، يجعل من أمها تطوف البيت متوترةً، تلهج بالدعاء، تخطط لاحتفالٍ عائليٍ مسائيٍ لها، تؤمن أنها ستحصد علامة نجاحٍ تؤهلها لتحقق أحلامها قبل أن يتوقف الزمن للبيت وللأم وللأحلام بتاريخ 13/12/2015.
في ذلك اليوم أطلق الاحتلال رصاصه الحي على الأسيرة الطفلة لمى منذر حافظ البكري (17عاماً) من سكان مدينة الخليل، وتوقف كل شيءٍ في صفها الدراسي العاشر، وخرجت من مسمى طالبة، لتصبح أسيرةً جريحة.
محكمة الاحتلال أصدرت بحق الأسيرة البكري حكماً يقضي بالسجن الفعلي مدة 39 شهراً، وقضت أيضاً بتغريمها بمبلغ 6 آلاف شيقل، وهذا الأمر لم يتم بسهولة، ففي الوقت الذي كان يجب أن تكون فيه الأسيرة البكري على مقاعد الدراسة، أصبحت شبه دائمة الجلوس على مقاعد البوسطة.
أكثر من 20 محكمة نالت من صحة وطفولة الأسيرة الجريحة البكري بمقاعدٍ قاتلة، لا يزال مشهد جسدها الذي ينتفض من شدة برد البوسطة، وأسنانها التي تصطك من البرد داخل البوسطة الأقدر على نقل المشهد المؤلم لاعتقالها وحرمانها من حقها في الإنسانية، علاوةً على تصرف المجند المرافق لها في البوسطة برفع درجة التكييف وصنع جوٍ جليديٍ داخل البوسطة لها كرد فعلٍ لبردها الشديد.
لم تكن والدة الأسيرة لمى البكري لتنسى ما كان يجب أن يصادفه هذا اليوم من ذكرى تجلب الفرج للعائلة أعواماً مديدة تقول"كان اسمها ليعلن عنه هذا العام بين الناجحين في امتحانات الثانوية العامة، كانت ستحقق حلمها في أن تكمل دراستها الجامعية لتصبح ممرضة، ولكنها حرمت من هذا الحق".
تنتظر والدة الأسيرة لمى البكري أن تزورها يوم غدٍ في سجنها لتسألها عن موعد انعقاد امتحان الثانوية العامة لها داخل الأسر، وعن تحضيراتها له، في ذلك الوقت ستتذكر لمى صفها الدراسي العاشر الذي لم تنتهِ منه، وحلمها في أن تصبح ممرضة، وصوت الرصاص الحي الذي حال بينها وبين تحقيق هذا الحلم.
عائلة الأسيرة البركري إضافة إلى 9 عائلات أخرى لأسيرات لا زلن في سجون الاحتلال، ينتظرون موعد انعقاد امتحان الثانوية العامة لهن بفارغ الصبر، بعد أن تقدمن بطلب للخضوع لامتحان الثانوية العامة لهذا العام من داخل سجون الاحتلال.