أربعة شهور في سجني هشارون والدامون كانت كافية بالنسبة للمحررة سارة فايز موسى حميدة (24عاماً) من سكان مدينة بيت لحم، للتعرف على أوضاع الأسيرات داخل سجون الاحتلال وعلى أحلامهن وحقوقهن البسيطة بالعيش داخل بيئة طبيعية تخلو من الحياة الروتينية القاتلة والعدد الصباحي والتحكم بأوقات الفورة.
مكتب إعلام الأسرى تحدث إلى المحررة حميدة للحديث حول أوضاع الأسيرات في سجون الاحتلال ورسائلهن ولهفتهن لنيل الحرية القريبة والتخلص من قضبان الأسر، المحررة سارة حميدة أوضحت لمكتب إعلام الأسرى بأنها أمضت 12 يوماً في سجن هشارون قبل ان يتم نقلها لسجن الدامون لتمضي مدة اعتقالها الأخيرة هناك.
تقول سارة حميدة" في سجن الدامون حيث أمضيت فترة اعتقالي الأخيرة، رافقتني قصة 26 أسيرة بملفات مختلفة، صحية وإنسانية، عددٌ منهن مصابات وحركتهن لا تزال بطيئة ومؤلمة، وهناك من تطالب بعلاج وظيفي لا تجميلي، وهناك أمهات محرومات من رؤية أبنائهن، إضافة إلى أسيرتين لا يحضين بحق الزيارة مطلقاً".
أكثر ما تتذكر الأسيرة حميدة هي صورة الأسيرة الجريحة عبلة العدم وربما صوت تألمها المتواصل ومعاناتها من أوجاع في الرأس وعينها التي تعرضت لإصابة قاتلة، ومطالبتها الدائمة بعلاج نهائي لآلامها، لا مجرد علاج تجميلي مع حقها في الحصول عليه.
تقول سارة حميدة"في الأسر نسند بعضنا البعض والأسيرات الجريحات لديهن وضع خاص، ونهتم بهن جيداً، إلا أن كل ما تقدمه عيادة السجن لهن هو المسكنات التي لا تفيد لأوجاعهن، فقد اعتبرت إدارة السجن مثلاً أن علاجها الأولي للأسيرة عبلة العدم كان كافياً رغم نها تحتاج اليوم إلى رعاية واهتمام أكثر من قبل، فحركتها أصبحت أبطأ وآلامها زادت كذلك".
تضيف سارة حميدة"الاشتياق للأهل هو الحديث الدائم للأسيرات، اللهفة للحرية والإيمان باقترابها، وانتظار سماع أي خبر أو تفاصيل صغيرة، كل هذه الأمور تُحدث فرقاً كبيراً للمعنويات داخل الدامون".
نسرين بيان بتول استبرق ابتسام عبلة أنسام عطايا وحلوة، و17 أسيرة أخرى ودعتهن سارة نحو حريتها تقول"فترة اعتقالي مرت سريعة ولا تقارب سنوات وشهور اعتقالهن، صحيح أن متوسط الفترة الاعتقالية للأسيرات في سجن الدامون يقارب 2-4 سنوات، إلا أن لكل منهن قصة وألم مختلف".
تذكر المحررة سارة حميدة ألم الأسيرتين نسرين أبو كميل وأنسام موسى بشكل خاص فقد عاشت معهن، وهن أسيرتين من سكان قطاع غزة، وهن المحرومتين من حق الزيارة، وكيف يكون وقع الأمر مؤلماً حين تزور كافة الأسيرات في حين لا يحصلن على ذلك الحق، ويتمرتسن خلف الراديو لسماع رسائل الإذاعة، حيث هي الطريقة الوحيدة لاستحضار طيف وصوت أبنائهن لحين نيلهن الحرية.
سارة حميدة أوضحت بأن عدد من الأسيرات في قسمها هن أمهات ويشتقن لأبنائهن كثيراً، والروتين الذي يعشنه في الأسر ليس بالأمر الهين وقصتها بالنسبة لقصة آلامهن ليست شيئاً على حد قولها.
مجتمع الأسيرات داخل السجون كما أوضحت حميدة متماسك تهتم كل منهن بالأخرى، فحين كانت هي في سجن هاشرون قبل نقلها، وهو السجن الذي تتواجد فيه الأسيرات القاصرات كان يتم عقد حلقات تعليمية لهن، وعدد منهن كن بصدد تقديم امتحان الثانوية العامة، وكانت هي برفقة عدد من الأسيرات الأخريات يحملن هم تعليمهن وتدريسهن، قبل أن تحرم من هذه المنحة في أسرها والتي قدرتها جيداً ويتم نقلها إلى سجن الدامون لتمضي هناك ما تبقى من حكمها الفعلي.
أكثر ما يؤلم سارة حميدة هو أن اعتقالها رافق تقديمها لامتحانات نهائية لفصلها الأخير في جامعة البولتكنيك في الخليل، فقد كانت بصدد إنهاء مرحلة تعليمها الجامعي حين اعتقلت وحرمت من هذا الحق، إلا أنها ستعود لتحقق أحلامها من جديد بعد أن اكتسبت تجربة مؤلمة وملهمة ذات الوقت من واقع وطنها.