منذُ سنواتٍ طويلة والشعبُ الفلسطيني لا ينتظرُ شيئاً من القيادة الموجودة، فهو لا يُعولُ عليها،ولا يستمُد القوةَ منها،كيف لا وهو الذي إذا ما تابع اجتماعاتهم ضاقت بعقلهِ الألقاب والمُسميات، جيش من الرتب العسكريةِ العليا، لم تخض في حياتها نزالاً شجاعا ولا قتالاً، وآخرون من أصحاب القامات والهامات الشامخة بألقابهم العريقة معالي وقداسة وسيادةُ وسماحةُ فلان،حفظ الله لكم ألقابكم،وحفظ الله لنا فلسطين،يراقبهم المواطن المسكين، فيرى سيارات فارهة، وحرس مزجر بالموت،وبدلات لبس تلفُ أجسادهم الهرمة،يتمنتقونَ بالكلمات الرنانة،ويخلطون الكلمات الإنجليزية بالعربية،وعند بعضهم الكلمات العبرية،وجامعُ بينهم جهلاتهم في قواعد اللغة العربية،ومع ذلك هم الخبراءُ بالسياسة،فلقد أضافوا لها معاني جديدة، ومصطلحات مهمة، حتى ألفَ كبير مفاوضيهم كتاباً عظيماً في علوم السياسة فأسماهُ "الحياة مفاوضات" تحيا مفاوضا وتموتُ عليه ولن تصل إلا إلى ما أنت عليه" لا نقف هنا في بحر السياسة الجديدة، والتي أفرزت الأمن للمستوطنين، وموت للفلسطينيين، اعتقال بلا حدود للمقاومين، وحماية بلا حدود للجنود والمستوطنين، فلحكمة القدر عبرات، كانت جنين مع البطولة والشهادة في ميزان المجاهد" أحمد نصر جرار" للقوات الغادرة، للعيون الراصدة، وللأيادي الآثمة، فانتصر عليهم أجمع بدمائه المجبولة بتراب فلسطين، كلُ القلوبِ ترنو إليهِ، وتدعُ له بالنصر والتمكين والرحمة والغفران، وبعد أيام قلائل تاهَ كالعادة جنود المحتلِ في نفس المدينة، فهاج الشعبُ وماج عليهم، ومن بين الحشودِ خرج الشرطي الفدائي ليحمي الجنود الغزاة بجسده ومسدس، فشرطة في خدمة الشعب، بخلاف بسيط عن ماهية الشعب، وإخوان حسبتهم دروعا....فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهم سهاما صائبات....فكانوها ولكن فؤادي
وقالوا قد صفت منا القلوبُ....ولقد صدقوا ولكن من ودادي
وقالوا قد سعينا كل السعي....لقد صدقوا ولكن في فسادي
(هذه الأبيات للشاعر ابن الرومي الشعر الفصيح)
وما زال بحر سياستهم يفيض علينا بشطحاته يلقي بالشعب في أحضان الموت أو اليهود، اجتمع المجلس المركزي يا راعهم الله، وامتازوا بمظهر الاحتفال فهم خالطون رئيسهم ،يحنوا عليهم يدنيهم أو يبعدهم، فله كلمة الفصل،هو صاحب السلطة المطلقة ،السياسي أول وآخر العملاقة كما قيل، يبدأ خطابه بمتاهة من الآيات وبعض خلط لجمل الحديث ليصلَ إلى مبتغاهُ، فالعنوان "قرار رئيس الولايات المتحدة الامريكية الإعتراف بالقدس العربية الاسلامية عاصمة للدولة اليهودية"، ومضمونه هو استهداف القيادي البارز في حماس الشيخ محمود الزهار وشباب المقاومة، لا رابط بين العنوان والمضمون سوى كلام الرئيس الذي جاوز الثمانين،إجتمع المجلسُ وقضى على بعض القرارت، وهي التأكيد على ما قد قررَ سابقا من وقفٍ للتنسيق الأمني المقدس عند الرئيس ،ومواجهة قرارات أمريكا،أرسلت التوصيات من جديد للجنة التنفيذية التي كانت حاضرة أصلاً،لكن وكما يبدو لم تفهم اللجنة التنفيذية الكلمات التي صيغت منها التوصيات،فثقافة السياسية للجنة التنفيذية أعمق بكثيرمن كلمات بسيطة تحمل معنى أو كل المعاني لوقف التنسيق الأمني ،وفي نهاية المطاف تم الإتفاقُ على أن يتم عقد المجلس الوطني الفلسطيني في رام الله حتى يتم التوضيح للقرارات الواضحة أو غير الواضحة التي نطق بها المجلس المركزي، والشعب المسكين يبحث عن تعريفات جديدة للحالة السياسية العميقة التي لم يعد يدرك مبتغاها سوى أنه يشاهد الإستيطان اليهودي يأكل الضفة الغربية و القدس الشريف أصبحت عاصمة للدولة العبرية وغزة الجريحة تقارع الحصار والموت،غابت كل المواضيع فاستحدثوا الانفجار في غزة، هكذا عادت السياسة العميقة للواجهة تحضيراً للمجلس الوطني الفلسطيني والشعبٌ يقول:
"وإخوان حسبتهم دروعا ... فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهم سهاما صائبات ... فكانوها ولكن في فؤادي
وقالوا قد صفت منا قلوب ... لقد صدقوا ولكن من ودادي
وقالوا قد سعينا كل سعي ... لقد صدقوا ولكن في فسادي"