ضحايا القيد..
أطباء غزة في قبضة الاحتلال.. الدكتور مروان الهمص وابنته تسنيم نموذجا
تقرير/ إعلام الأسرى

في مشهد يجسد بشاعة القمع الإسرائيلي وتجاوزاته المستمرة لأبسط الأعراف الإنسانية، تواصل سلطات الاحتلال اعتقال الطواقم الطبية الفلسطينية في قطاع غزة، لتضيف إلى مآسي الحرب مأساة جديدة.

أحدث هذه الجرائم تمثلت في اختطاف الدكتور مروان شفيق علي الهمص، مدير المستشفيات الميدانية في القطاع والمتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، بتاريخ 21 يوليو/تموز 2025، أثناء أدائه لمهمة طبية إنسانية في مستشفى الصليب الأحمر غربي خان يونس. ولم تكتفِ سلطات الاحتلال باعتقاله، بل عادت بعد ما يزيد على شهرين لتختطف ابنته الممرضة تسنيم الهمص، البالغة من العمر 24 عامًا، في جريمة مزدوجة تعكس وحشية الاحتلال في استهداف الأطباء وأسرهم.

من هو الدكتور مروان الهمص؟

ولد مروان شفيق علي الهمص "أبو عبادة" في 21 مايو/أيار 1972 بمخيم يبنا للاجئين في مدينة رفح، وتنحدر عائلته من بلدة يبنا المحتلة عام 1948. نشأ في أسرة كبيرة مكونة من 13 شقيقًا وشقيقة، تميز بالالتزام الديني والإنساني منذ طفولته، وكان قريبًا من الناس لا يتأخر عن مساعدة أحد.

بعد إنهاء دراسته الثانوية في رفح، سافر إلى روسيا حيث حصل على شهادة الدكتوراه في الطب البشري من جامعة سراتوف عام 1998، ثم نال دبلوم التخدير والعناية المكثفة من الجامعة الإسلامية بغزة عام 2003. عاد بعدها إلى غزة ليخدم أبناء شعبه عبر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وجمعية الأيدي الرحيمة، قبل أن يلتحق رسميًا بوزارة الصحة عام 2004.

شغل الهمص مناصب عدة، أبرزها إدارة مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار في رفح، ثم إدارة المستشفيات الميدانية في القطاع، إلى جانب كونه المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة. وخلال الحرب الإسرائيلية على غزة بعد السابع من أكتوبر 2023، برز اسمه كأحد أكثر الأصوات حضورًا على الإعلام، كاشفًا جرائم الاحتلال بحق المدنيين والمرضى، حتى لُقّب بـ"صوت المرضى والمجوعين".

تفاصيل اختطافه

في ظهيرة يوم 21 يوليو/تموز 2025، اعترضت قوة إسرائيلية خاصة سيارة الدكتور مروان قرب منطقة المواصي جنوب خان يونس، وأطلقت النار ما أدى إلى إصابة سائقه واستشهاد مواطنين أحدهما صحفي، قبل أن تختطفه وتنقله إلى جهة مجهولة. ولا يزال محتجزًا حتى اليوم في ظروف قاسية، وسط مخاوف من تعرضه للتعذيب والضغط النفسي.

استهداف عائلته: اختطاف الممرضة تسنيم الهمص

لم تكتفِ سلطات الاحتلال باعتقال الدكتور مروان، بل واصلت التنكيل بعائلته، حيث اختطفت في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2025 ابنته الممرضة تسنيم مروان الهمص، أثناء توجهها إلى عملها في إحدى النقاط الطبية بخان يونس.

وبحسب العائلة، فقد جرى اختطافها عبر عناصر من ميليشيا العميل ياسر أبو شباب وتسليمها لاحقًا لجيش الاحتلال. وأكدت وزارة الصحة أن الجريمة تمثل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية التي تحمي الكوادر الطبية، محمّلة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياتها.

كما حذرت مؤسسات حقوقية من احتمال تعذيبها وابتزازها بهدف الضغط على والدها المعتقل وانتزاع اعترافات منه، في جريمة تُضاف إلى سلسلة طويلة من الانتهاكات ضد الطواقم الطبية الفلسطينية وأسرهم.

الطواقم الطبية خلف القضبان: قائمة الأطباء المعتقلين

اعتقال الدكتور مروان الهمص وابنته الممرضة تسنيم يأتي ضمن سياسة ممنهجة لاستهداف الكوادر الطبية الفلسطينية. وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير، يقبع ما لا يقل عن 24 طبيبًا من قطاع غزة في سجون الاحتلال، في ظروف احتجاز مهينة ولا إنسانية.

قائمة الأطباء المعتقلين:

1. د. حسام أبو صفية

2. د. أمير التيان

3. د. أحمد موسى

4. د. مؤنس محيسن

5. د. أحمد مهنا

6. د. عبد الله أبو الجديان

7. د. غسان أبو زهري

8. د. أكرم أبو عودة

9. د. بلال المصري

10. د. حسن المقيد

11. د. مراد القوقا

12. د. خالد صيام

13. د. عصام رضوان

14. د. محمد حمودة

15. د. محمود الحلاق

16. د. رائد مهدي

17. د. ناهض أبو طعيمة

18. د. عوني جعوانة

19. د. محمد أبو عبيد

20. د. أحمد شحادة

21. د. مصعب سمعان

22. د. حمزة أبو صبحة

23. د. مدحت أبو طبنجة

24. د. مروان الهمص

أطباء ارتقوا شهداء في سجون الاحتلال

لم يتوقف استهداف الأطباء عند حدود الاعتقال، إنما تعداه إلى الإعدام البطيء والتصفية داخل السجون تحت غطاء التعذيب والإهمال الطبي والاختفاء القسري.

في 19 أبريل/نيسان 2025، استُشهد الطبيب عدنان البرش داخل سجن عوفر بعد اعتقاله أثناء عمله في مستشفى العودة شمال غزة. ولا يزال جثمانه محتجزًا حتى اليوم.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، استشهد الطبيب إياد الرنتيسي، رئيس قسم الولادة في مستشفى كمال عدوان، داخل مركز تحقيق إسرائيلي في عسقلان بعد أسبوع فقط من اعتقاله.

نداء إنساني وحقوقي عاجل

مكتب إعلام الأسرى يدعو منظمة الصحة العالمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، واتحاد الأطباء العرب، والهيئات الطبية الدولية إلى:

1. التدخل الفوري للإفراج عن الدكتور مروان الهمص وجميع الأطباء والممرضات المعتقلين.

2. فتح تحقيق عاجل في استشهاد عدنان البرش وإياد الرنتيسي داخل السجون الإسرائيلية.

3. محاسبة المسؤولين عن تعذيب الطواقم الطبية الفلسطينية وملاحقتهم قانونيًا.

4. توفير الرعاية الصحية والضمانات القانونية للمعتقلين وفقًا للقانون الدولي الإنساني.

إن استهداف الأطباء والطواقم الطبية في قطاع غزة جريمة موثقة، لا تُغتفر، وتشكل خرقًا واضحًا للقانون الدولي الذي يلزم باحترام العاملين في الحقل الطبي وتحييدهم عن ساحات الصراع.

إن اختطاف الدكتور مروان الهمص وابنته الممرضة تسنيم، واستشهاد عدنان البرش وإياد الرنتيسي تحت التعذيب، هو اعتداء على إنسانية المهنة وامتداد لسياسة إسرائيلية تهدف إلى تفريغ غزة من أذرعها الإنسانية ومنع حق الفلسطيني في الحياة والعلاج والبقاء.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020