عماد موسى.. أسير الحرية المعذب بين المرض والغربة
تقرير/ إعلام الأسرى

على مدار 25 عامًا من عمره، عاش الأسير المحرر عماد عطا ياسر موسى (48 عامًا) من قرية مركة جنوب جنين بالضفة الغربية المحتلة بين جدران السجون وساحات الألم، يحارب وحيدًا من أجل حرية طال انتظارها، فالاحتلال لم يفلح في كسر عزيمته أو سحق إرادته.

اعتُقل عماد في ريعان شبابه، وقضى 14 عامًا في ظلمات السجون قبل أن يُطلق سراحه ضمن صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011، تحرره لم ينهي المعاناة، إذ كانت شرارة بداية صراع جديد، حيث تزوج وأنجب ابنته الأولى في لحظة أمل نادرة.

هنا لم يرحمه الاحتلال، الذي تميز غيظًا من أسرى تحرروا فاعتنقوا الحياة، فأعاده إلى الأسر عام 2014 في حملة إعادة اعتقال استهدفت عددًا كبيرًا من محرري صفقة "وفاء الأحرار" ليُقضي نحو 11 عامًا إضافية في ظلال السجن، بعيدًا عن عائلته، بعيدًا عن دفء الوطن.

وفي خضم معاناته، أهداه القدر طفلة جديدة، "حيفا"، التي وُلدت عام 2020 من نطفة مهربة بين جدران السجن، رسالة تحدٍ وصمود كتبها عماد بحروف الألم والأمل. قالت زوجته لبنى بفخر مرير: "إن الاحتلال لا يستطيع كسر إرادتنا وقوتنا، وأشجع كل زوجات الأسرى على خوض هذه التجربة."

مع الأسف.. الألم لم يتوقف عند حد المرض، حيث يعاني عماد من صداع الشقيقة المزمن، ثم تفاقمت حالته بعد اكتشاف إصابته بفيروس في الصدر والتهابات خطيرة بعد تحرره الأخير. وفي الرابع من أغسطس الحالي، تعرض لنزيف دماغي حاد نُقل على إثره إلى الطوارئ، وسط مراقبة طبية حثيثة تحاول إنقاذ حياته التي كادت أن تفلت منه.

لقد امتد القيد إلى الغربة ولم يكتف بالسجن، إذ تم إبعاده إلى مصر بعد تحرره الأخير، ومنع الاحتلال زوجته وبناته وأهله من جنين من رؤيته، أو حتى زيارات التخفيف عنه، فظل بعيدًا عن عائلته، محاصرًا بوحدة قاتلة تزيد من وجعه وألمه.

الفقدان ظل يطارد عائلة موسى، حيث ارتقى شقيقه عطا ياسر عطا موسى شهيدًا في 20 سبتمبر 2023، برصاص الاحتلال، ليضيف جرحًا جديدًا على قلب عماد المثقل بالألم.

وهكذا، يبقى عماد نموذجًا صارخًا للصبر الذي يمزقه الألم، ولإرادة لا تلين رغم كل الجراح، رافعًا راية الحرية وسط عتمة القيد والغربة، مؤمنًا أن الاحتلال مهما طال لن يستطيع أن يقيد روحًا ترفض الاستسلام.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020