منذ السابع من أكتوبر 2023، تفجرت داخل السجون الإسرائيلية موجة انتهاكات غير مسبوقة بحق الأسرى الفلسطينيين، في ظل صمت دولي مطبق.
تحولت الزنازين إلى مقابر للأحياء، وتحوّل الأسرى إلى أجساد منهكة تحمل ندوب العذاب وقصصًا عن قهر السجّان ووحشية القيد.
التعذيب يبدأ من لحظة الاعتقال
تبدأ معاناة الأسرى داخل السجون مع أول لحظة اعتقال، عشرات الشهادات تؤكد تعرض الأسرى للضرب الوحشي المبرح، والإهانة اللفظية والجسدية مع تكبيل الأيدي وتعصيب الأعين.
اعتُقل كثيرون بعد الاعتداء العنيف عليهم داخل منازلهم أو على الحواجز، قبل أن يبدأ فصل آخر من التعذيب أثناء التحقيق.
الزنازين .. مشاهد الموت البطيء
أحد المحررين يروي:
"كنا نُلقى على أرض إسمنتية باردة، بلا غطاء، نتقلب على أوجاعنا. كان البرد ينخر العظم، والجوع يسرق ما تبقى من قوتنا."
داخل الزنازين رسمت الشهادات لوحة قاتمة:
* غرف ضيقة مظلمة بلا أغطية أو وسائل تدفئة في عز الشتاء.
* طعام قليل وفاسد لا يصلح للبشر.
* قطع المياه لساعات طويلة، وحرمان من أدنى مقومات النظافة.
* عزل انفرادي يمتد لأيام وأسابيع لتحطيم الأسرى نفسيًا.
الإفراج عن أجساد ممزقة
كشفت مشاهد الإفراج عن الأسرى المحررين عمق الجريمة المرتكبة حيث :-
* خرج كثيرون بأجساد نحيلة وعظام بارزة، ووجوه شاحبة.
* حالات لأسرى بأطراف مبتورة بسبب الإهمال الطبي المتعمد.
* أسرى بإعاقات حركية دائمة، يحتاجون إلى عكازات أو كراسٍ متحركة.
* انتشار أمراض خطيرة كالسرطان والفشل الكلوي دون علاج يُذكر.
* انتشار مرض الجرب " السكابيوس" مع تعمد نقل الأسرى المرضى بين الأقسام لانتشار العدوى دون دواء ورعاية طبية.
يقول أحد المحررين:
"خلال سنة واحدة فقدت أكثر من 30 كيلوغرامًا من وزني، كنت أصرخ من ألم ساقي المكسورة، لكنهم تركوني حتى وصلت مرحلة البتر"
بينما يروي آخر:
"بعضنا خرج لا يعرف كيف يمشي، الزحف صار وسيلتهم الوحيدة للحركة بعد أن شلت أطرافهم بالسجون."
سياسة الإهمال الطبي الممنهج
لم يكن غياب العلاج مجرد تقصير وإنما سياسة مدروسة وممنهجة من خلال :
* حرمان الأسرى المرضى من الأدوية والعناية الطبية.
* منع إجراء العمليات الجراحية الضرورية.
* تجاهل الأوضاع الصحية حتى تنهار الأجساد.
أدى ذلك إلى استشهاد عدد من الأسرى داخل السجون، وترك آخرين يواجهون الموت في صمت بعد تحررهم.
*العزل عن العالم .. جريمة إضافية*
مع تصاعد الحرب منعت سلطات الاحتلال الزيارات العائلية، وقطعت تواصل الأسرى مع محاميهم، وأخفت المعلومات عن مصير الآلاف منهم.
تقول أم أسير محرر:
"لشهور كنت أبحث عن أي خبر، وعندما رأيته أخيرًا، لم أعرفه! كان هيكله العظمي يتكلم"
دعوات لمحاسبة الاحتلال
في مواجهة هذه الانتهاكات تتعالى أصوات الحقوقيين مطالبة بلجان تحقيق دولية، وزيارات فورية للسجون، وملاحقة قادة الاحتلال على جرائم التعذيب والإهمال الطبي بحق الأسرى الفلسطينيين.
*لقد خرجوا إلى الحرية ولكن بأجساد نصف ميتة وأرواح مثقلة بالوجع.*